بدأت في لبنان أمس مرحلة جديدة من المشاورات حول إنجاز تأليف الحكومة الجديدة بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس الجمهورية ميشال سليمان، ومع سائر الكتل النيابية والفرقاء، وفي مقدمهم رئيس البرلمان نبيه بري على أمل إظهار التركيبة الى النور آخر هذا الأسبوع وإلا الأسبوع المقبل على أبعد تقدير، بعد ان أكد بري تثبيت الاتفاق الذي جرى قبل يومين بأن تحصل المعارضة على 10 وزراء، خمسة شيعة (2 ل «حزب الله» و3 لحركة «امل») وخمسة لتكتل «التغيير والإصلاح» برئاسة العماد ميشال عون. وتوقعت مصادر واسعة الاطلاع ان يحسم خلال هذه الاتصالات ما إذا كانت ستحصل الأكثرية على 16 وزيراً (النصف +1) والرئيس سليمان على 4 وزراء، أم 15 للأكثرية و5 لسليمان، فضلاً عن توزيع الحقائب على الأسماء، التي تتوقع أوساط مواكبة لجهود التأليف ان تضم عدداً لا بأس به من الوزراء غير النواب، إن لم تكن هذه الصفة غالبة عليها. وزار الحريري القصر الرئاسي عصراً والتقى الرئيس سليمان. وقال، بعد اللقاء الذي استمر زهاء ساعة ونصف الساعة: «بعد شهر من الحوار الجدي مع فخامة الرئيس والكتل النيابية، أصبحت الصيغة الحكومية شبه نهائية، والآن سنعمل على مسألة الأسماء والحقائب بالجدية نفسها التي اعتمدناها في العمل على الصيغة لنخرج بحكومة الائتلاف الوطني أو الوحدة الوطنية لنواجه الصعوبات في البلد». وأضاف: «واضح من تركيبة الحكومة أن فيها مشاركة للجميع. الجميع يسمي وزراءه بنفسه، وهذه تشكل فعلياً حكومة الائتلاف الوطني أو الوحدة الوطنية»، مكرراً أنه «بالجدية نفسها التي عملنا بها لنصل الى هذه الصيغة التي تريح البلد، سنعمل بجدية وهدوء ويمكن بسرعة اكبر لنخرج بالحكومة التي ستنهض بالبلد». وسبق هذا اللقاء اجتماع بين الرئيسين بري وسليمان أعلن بعده رئيس المجلس انتهاء العملية السياسية لتأليف الحكومة والانتقال الى الجانب التقني وهو الأسماء والحقائب. وتجاوز بري التفاؤل، مشيراً الى «الاطمئنان الى الناحية الأساسية للتأليف»، قاصداً الاتفاق الذي أُنجز بتسمية الرئيس سليمان للوزير الشيعي السادس عدنان السيد حسين وموافقة «حزب الله» وبري والحريري عليه. ونقل عن بري قوله أثناء لقائه الأسبوعي مع النواب أمس انه لم يتدخل في خيار الرئيس سليمان «فهذا شأنه ونحترم خياراته ولنا ملء الثقة به فهو أبلغني بالاسم ووافقت فوراً». وواكبت هذه اللقاءات، اتصالات في صفوف المعارضة من اجل معالجة موقف العماد عون الذي كان طالب ب6 وزراء بدل 5، فضلاً عن تردد معلومات عن انه ينوي تسمية الوزير جبران باسيل لتولي حقيبة وزارية مجدداً، في وقت اتفق سليمان والحريري على مبدأ عدم تسمية الراسبين في الانتخابات وزراء، وفيما أكدت مصادر في «التيار الوطني» ان عون لم يسم احداً بعد كي يفترض البعض ان ثمة مشكلة. كما تردد ان اجتماعاً عُقد على مستوى الصف الثاني بين «التيار الوطني» و «حزب الله» وحركة «أمل» لتنسيق المواقف، وقالت مصادر في «التيار» ان عون لن يشكل عقبة أمام الاتفاق الذي حصل وأدى الى تجاوز مطلب الثلث المعطل، بين سليمان والحريري من جهة و «حزب الله» من جهة ثانية. ولم تستبعد مصادر مطلعة ان يعقد اجتماع ثلاثي بين عون والرئيس بري والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصر الله من اجل معالجة مطالب الأول والاتفاق على الحقائب وتسهيل تشكيل الحكومة، خصوصاً ان بري كان أكد ان هناك تفاهماً كبيراً في شأن البيان الوزاري. وبحسب المعطيات القليلة المتوافرة حول الأسماء وتوزيع الحقائب على الوزراء، في ظل استمرار الرئيس المكلف في التكتم، فإنه إذا كان هناك من تغييرات في توزيع الحقائب على القوى الأساسية، فإنها لن تكون جذرية، بل تغييرات قليلة. وعادت أوساط مطلعة فأكدت ان حقيبة الداخلية ستبقى في عهدة الوزير الحالي زياد بارود، وحقيبة الدفاع في عهدة الوزير الياس المر، اللذين هما من حصة سليمان، وأنهما ثابتان ولن يتغيّرا على رغم بعض التسريبات والإشاعات التي تتحدث خلاف ذلك. وأشارت أوساط مواكبة لعملية التأليف الى ان الهم الأساسي في اختيار الوزراء هو ان تطل أول حكومة يرأسها الحريري، وأول حكومة تجرى بعد الانتخابات النيابية، وعملياً أول حكومة تتشكل في عهد الرئيس سليمان (لأن الحكومة المنتهية ولايتها تشكلت في ظروف استثنائية ولم يكن للرئيس دور أساسي فيها بعد اتفاق الدوحة...) بصيغة تريح الناس وتوحي لهم بإمكان معالجة مطالبهم وحاجاتهم، لأن المواطنين شبعوا خلافات سياسية ويريدون تصحيح أوضاعهم الحياتية والمعيشية. وإذا كان هذا المعيار هو أحد أسباب استبعاد الدخول في عملية توزير الراسبين في الانتخابات، فإنه سبب للتفتيش عن أسماء توحي بالثقة وتضم عدداً من النساء، خصوصاً ان الحريري كان طلب من الكتل النيابية ان تولي أهمية للعنصر النسائي في تسميتها للوزراء.