13 سنة مرّت على إطلاق موقع ankawa.com الإلكتروني. هذا الموقع الذي انطلق في البداية بهوية مسيحية محلية تخص بلدة عنكاوا الواقعة في إقليم كردستان في شمال العراق، أصبح منذ سنوات منبراً إعلامياً مهماً لمسيحيي الشرق، وجسراً يربطهم بأبنائهم المهاجرين في أصقاع العالم. ولأن الموقع مُسجل في السويد، أتيحت له مساحة واسعة من الحرية في نشر المعلومات والآراء حول الهجمات المتكررة التي يتعرض لها المسيحيون في العراق وتغطية أخبار المسيحيين في لبنان ودورهم في الثورات في مصر وسورية، إضافة إلى نشر الموقع يومياً عشرات الأخبار والتقارير واللقاءات والمقالات في مختلف القضايا التي تهم المنطقة، وخصوصاً المسيحيين في دول الشرق والعالم. ولا يقتصر الموقع الذي يزوره يومياً حوالى 50 ألف زائر، ربعهم من العراق، على أخبار المسيحيين فقط، بل يتعداها إلى قضايا القوميات والأديان المختلفة في المنطقة، ما أكسبه حضوراً وطنياً في الدول التي يعيش فيها المسيحيون. يقول مؤسس الموقع والمشرف العام عليه أمير المالح إن «الفكرة بدأت بسيطة، انطلاقاً من اهتمامي بالمعلوماتية، وتزامنت مع شرائي أول جهاز كومبيوتر عام 1995، إذ كنت مهتماً بإيجاد منبر إعلامي للبقاء على تواصل مع أهل بلدتي، وسرعان ما تطورت وأصبحت مشروعاً إعلامياً كبيراً، يطرح للشعوب العربية والعالم، المعوقات والمصاعب التي تواجه مسيحيي الشرق الأوسط، خصوصاً خطر تهجيرهم من بلدانهم الأصلية». ويوضح المالح أن الموقع «أصبح داعماً للتغيير ونشر القيم الديموقراطية وتعزيزها، فضلاً عن توفير مساحة من الحوار وتبادل الرأي والرأي الآخر». ويؤكد أن ما وصل إليه الموقع ليس إلا «حصيلة سنوات طويلة من الجهود الطوعية والتواصل المستمر، له ولزملائه»، إضافة إلى رفضه تلقي الأموال من أية جهة سياسية أو قومية أو دينية أو تبني أفكارها، ما جعل الموقع في صدارة المواقع الإلكترونية العشرة الأكثر زيارة في العراق. صحافة غير مسيّسة... يسير موقع «عنكاوا كوم» على نهج وسائل الإعلام الحرة في السويد في اعتماده على الإعلانات، ما يحمله مسؤولية مضاعفة في متابعة الأخبار والأحداث وإيصالها إلى القارئ في أسرع وقت وبدرجة عالية من المهنية والحياد. ويرى المالح أن الموقع «نجح في الحصول على إعلانات تمكنه من تمويل مصاريفه وشبكة مراسليه، علماً أن كل إدارته تعمل في شكل طوعي، لذلك تمكن من أن يكون إلى حد كبير حيادياً، ويقف على مسافة واحدة من كل الأطراف، في ظل لوحة سياسية – قومية ودينية بالغة التعقيد في المنطقة». ويعتمد الموقع آلية تمكن القراء من نشر موادهم بأنفسهم، لذلك يمكن القول إن موقع «عنكاوا كوم» هو من صنع قرائه، الأمر الذي يدفع بعضهم إلى استغلال هذه الميزة العصرية، بالخروج عن صلب الموضوع ونشر مواد أو الإدلاء بتعليقات مسيئة وجارحة أحياناً، تسيء إلى ذوق القراء وتبعدهم عن دائرة النقاش البنّاء، لكن سرعان ما يقوم إداريو الموقع بحذفها لاحقاً. راعية تظاهرات وقبل سنوات، عندما بدأت الهجمات التي أخذت طابعاً منظماً ضد المسيحيين في العراق، أصبح «عنكاوا كوم»، من خلال تغطيته المباشرة للأحداث، راعياً ومُنظماً لتظاهرات ضخمة تضامناً مع المسيحيين ضد الإرهاب انطلقت في استوكهولم وأرجاء أوروبا، كما في أميركا وكندا وأستراليا. ومنذ انطلاق الثورة السورية، كان للموقع حضور قوي في مساحة الجدل الواسع الذي يدور بين مسيحيي سورية، ناشراً عشرات المواد الإعلامية للأطراف المسيحيين المشاركين في الثورة، خصوصاً «المنظمة الأشورية الديموقراطية». كما تابع الموقع موقف الأقباط في مصر من الثورة المصرية ومشاركتهم فيها. وحرص الموقع على إيلاء مساحة لمخاوف المسيحيين أنفسهم في هذه الدول من نتائج «الربيع العربي» في الشرق الأوسط، وانعكاسه على أوضاعهم، خصوصاً بعد تسلم الأحزاب الإسلامية زمام السلطة في أكثر من دولة عربية، عاشت أجواء الربيع وإن لفترة قصيرة. فمثلاً عندما تحدث عمليات قتل أو اعتداء على الكنائس في العراق ومصر، يسارع الموقع من خلال مراسليه ومصادر عدة، إلى نقل هذه الأخبار مع فتح باب النقاش حولها. وعلى رغم المهمة التي يتبناها الموقع، فإن تعقيدات المشهد المسيحي نفسه، والانقسام الذي تعاني منه الأحزاب والتجمعات المسيحية وغياب الخطاب السياسي الموحد في هذه الدول، تدفع أطرافاً داخليين مسيحيين إلى توجيه النقد له، واتهامه أحياناً بمسايرة جهة ما على حساب أخرى. لكن في النهاية، ينتهي جميع الأطراف، المؤيدين والمنتقدين، على نشر موادهم وحتى انتقاداتهم على صفحات الموقع. ويعلق المالح على الأمر قائلاً إن «الاختلاف حال صحية لا تفسد في الود قضية، ما دام الهدف في النهاية هو تقديم الأفضل للقراء والقضايا الإنسانية».