بغداد، الخالص - «الحياة»، أ ف ب، أ ب، رويترز - سيطرت القوات العراقية على معظم «معسكر أشرف» حيث تقيم عناصر منظمة «مجاهدين خلق» الإيرانية المعارضة، بعد يوم من المواجهات في المعسكر بين قوات مكافحة الشغب العراقية وأنصار المنظمة أسفرت عن مقتل شرطيين عراقيين و7 عناصر من المنظمة فضلاً عن إصابة المئات حين حاولت قوات عراقية دخول المعسكر. ورحبت طهران بسيطرة القوات العراقية على معسكر «مجاهدين خلق» فيما أعلنت واشنطن انها «تراقب عن كثب» الوضع. وكان نحو الف عنصر من قوات مكافحة الشغب العراقية اقتحموا ليل الثلثاء – الأربعاء «معسكر أشرف» (شمال شرقي بغداد) بعد ان رفضت منظمة «مجاهدين خلق» السماح بدخول القوة الى داخل المعسكر. وصرح الناطق باسم الحكومة العراقية علي الدباغ أن «قوات الأمن باتت تسيطر على الأمن الداخلي لمعسكر أشرف»، ولفت الى ان «بسط الحكومة سلطتها على معسكر أشرف ليس اقتحاماً، بل تمسكاً بحق العراقيين في تنظيم الأمن في بلادهم»، مشيراً إلى أن «الغرض من العملية هو تأمين الأوضاع الأمنية داخل المعسكر باعتباره أرضاً عراقية، لا يمكن أن تكون خارج سيادة الحكومة». وقال الدباغ إن «التقرير الصباحي ينفي وجود اي قتيل بين أفراد المنظمة الإيرانية» واتهم «بعض العناصر بمهاجمة الشرطة بمدي وحجارة» موضحاً انه «لدى الشرطة أوامر بعدم إطلاق النار». من جانبه نفى مسؤول امني في ديالى طلب عدم ذكر اسمه ل «الحياة» المعلومات عن وجود مئات القتلى والجرحى في المعسكر، وقال إن «القوات العراقية فرضت طوقاً امنياً على المعسكر فيما نشرت عناصرها على مداخله الأربعة من دون حدوث مواجهات او اعمال عنف جديدة». واتهم المسؤول الأمني «بعض عناصر المنظمة بقذف القوة الأمنية العراقية بالحجارة بعد تسريب خبر استقدام هذه القوات لافتتاح مركز للشرطة في المعسكر بعد تسلمه من القوات الاميركية، ما ادى الى جرح 25 شرطياً». واكد المصدر أن «المعسكر اصبح الآن تحت سيطرة عراقية تامة فيما تجري الاجهزة المختصة تحقيقات امنية مع 31 من عناصر المنظمة كانوا وراء الاعتداء على القوات الحكومية». من جهته نفى محافظ ديالى وجود ضغوط اقليمية على عناصر المنظمة في «معسكر أشرف» مؤكداً ان «الادارة المحلية تتعامل مع عناصر المنظمة وفق المعايير الدولية والإنسانية لحقوق الإنسان». واوضح ان «القوات الحكومية اضطرت الى دخول المعسكر عنوة بعد تلقيها أوامر من الحكومة المركزية لكن القوات العراقية فوجئت بمعارضة من جانب عناصر المنظمة». وقال مدير مكتب قائد شرطة ديالى المقدم ابراهيم الكروي «تم افتتاح مقر جديد للشرطة وسط مدينة أشرف، وما تزال المواجهات دائرة بين الطرفين». واكد عدم معرفته ب «وقوع خسائر حتى الآن». واضاف «رفعنا العلم فوق المقر الجديد في أول المدينة» مؤكداً ان «الشرطة تسيطر على 75 في المئة من المدينة وما تزال المواجهات مستمرة». الى ذلك، أشارت مصادر عراقية الى مفاوضات تولاها قائد شرطة محافظة ديالى اللواء عبد الحسين الشمري ليل الثلثاء الأربعاء للتوصل الى اتفاق يقضي بانسحاب قوات مكافحة الشغب بعد المواجهات التي دارت امس ليتولى الجيش المسؤولية. واعلن مصدر عسكري عراقي أول من امس انه «بعد فشل المفاوضات التي استمرت ساعات مع مجاهدين خلق للسماح لنا بالدخول سلمياً، اقتحمت قوة قوامها فوجين من الجيش المخيم عنوة وباتت تسيطر حالياً على منافذه وداخله». وتابع ان «الفوجين اللذين دخلا المخيم بناء على أوامر من مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي وصلا من ديالى والبصرة». وتضم القوة حوالى 800 جندي و200 شرطي. وتعددت الروايات عن أعداد الضحايا. فقد أكد ضابط في الشرطة العراقية، رفض كشف اسمه، من موقع الأحداث في اشرف أمس، مقتل 7 أشخاص في مواجهات الثلثاء. وكان الناطق باسم المنظمة في «أشرف» محمد اقبال أعلن ان قوة عراقية اقتحمت المعسكر مجدداً ظهر الاربعاء وخاضت اشتباكات مع عناصر المنظمة ما رفع عدد ضحايا العملية الى 8 قتلى و450 جريحاً، بينهم 15 بحال خطرة بالإضافة الى اعتقال 50. وكانت مصادر طبية في مستشفى الخالص قرب معسكر اشرف أعلنت وفاة اثنين من الشرطة إثر إصابتهما بجروح الثلثاء. الى ذلك، رحب رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني باستعادة القوات العراقية السيطرة على «معسكر أشرف»، ونقلت وكالة مهر عن لاريجاني قوله إن «تحرك الحكومة العراقية موضع ترحيب ولو جاء متأخراً». من جانبه طالب حسين صبحاني نيا العضو في لجنة الأمن القومي في البرلمان الحكومة العراقية بتسليم طهران افراد هذه المجموعة لمحاكمتهم «للجرائم التي ارتكبوها». من جهته، قال قائد قوات التحالف في العراق الجنرال الاميركي راي اوديرنو لصحافيين يرافقون وزير الدفاع روبرت غيتس ان احداً لم يبلغه بالهجوم. واضاف «لم نعرف انهم سيفعلون ذلك. فقد تعهدت السلطات العراقية بأنها ستتعامل مع مجاهدين خلق بطريقة إنسانية». وتابع اوديرنو «انهم (العراقيون) ملتزمون بذلك حتى الآن» مشيراً الى «وجود مراقبين اميركيين في المكان». وكان قائد القوات الاميركية في العراق اللفتنانت جنرال تشارلز جاكوبي قال في مؤتمر صحافي ببغداد انه لم تكن هناك قوات أميركية قرب المعسكر وانه لم يعلم أن القوات العراقية كانت تخطط لشن عملية هناك. وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية ايان كيلي أعلن، واشنطن «تراقب عن كثب» الوضع في معسكر أشرف، وقال «اطلعنا على المعلومات الإعلامية ونحن ندرسها». وندد ممثل «مجاهدون خلق» في فرنسا افشين علوي ب «هجوم» القوات العراقية على «مخيم اشرف» وطالب الاميركيين بتأمين حماية المعسكر، متهماً بغداد بالتحرك بأوامر من النظام الايراني. كما اعرب عن خشيته من أن يكون سكان مخيم اشرف قد اصبحوا الآن «رهائن» عند العراقيين وان «يسلموهم الى ايران». ويقيم حوالى 3500 ايراني من انصار منظمة «مجاهدين خلق» في معسكر اشرف في ناحية العظيم (100 كلم شمال بغداد) بينهم نساء واطفال. يذكر ان القوات الاميركية اقدمت بعد الاجتياح عام 2003 على نزع اسلحة «مجاهدين خلق» وتم نقل السلطات في محيط المعسكر الى القوات العراقية قبل ثلاثة اشهر. وتحاول الحكومة العراقية منذ مدة طويلة إغلاق المعسكر والتوصل الى حل للمقيمين بداخله إمّا بعودتهم الى ايران أو عبر نقلهم الى اماكن في عمق الصحراء او الى بلد ثالث، لكن الأمور بقيت على حالها. وتعتبر الإدارة الأميركية والحكومة العراقية «مجاهدين خلق» منظمة ارهابية على رغم شطب الاتحاد الاوروبي اسمها أواخر كانون الثاني (يناير) الماضي من لائحة المنظمات الإرهابية.