في أول ظهور علني لرئيس الوزراء السوري المنشق رياض حجاب من عمان، القى حجاب الضوء على حالة النظام السوري والوضع الداخلي، موضحاً ان «النظام منهار معنوياً» وان حكومة الرئيس بشار الأسد تتصدع وتسيطر على 30 في المئة فقط من البلاد. حجاب الذي بدا بصحة جيدة قال للصحافيين في مؤتمر صحافي في عمان امس: «جئت لأعلن براءتي من النظام المجرم في دمشق، وأعلن انضمامي لصفوف الثوار». ولم يتردد حجاب الذي لجأ إلى الأردن قبل أيام مع عائلته عن دعوة الجيش السوري النظامي إلى اللحاق بصفوف المنشقين، قائلاً: «يا أحرار الجيش عليكم الانحياز لدم الشعب كما حدث في مصر وتونس». وذكر: «أن النظام السوري منهار ويعاني الاضطراب العسكري، فلم يعد مسيطراً إلا على 30 في المئة من أرض سورية». وتابع: «أوجه شكري لإخواني في الجيش الحر على ما قدموه لي من حماية». واكتفى حجاب بقراءة بيان مكتوب من دون الرد على أسئلة الصحافيين، كما دعا قوى المعارضة إلى التوحد خلف ثورة الشعب السوري. ووجه شكره للأردن وللسعودية والدول الإقليمية على دعمهم للانتفاضة الشعبية في بلاده. وشدد: «اؤكد عدم رغبتي في تقلد اي موقع او منصب سواء كان في الوقت الراهن او في المستقبل في سورية المحررة»، مؤكداً «نذرت نفسي جندياً في مسيرة الحق لا ابغي من وراء ذلك الا وجه ربي وارضاء ضميري والوفاء لوطن اعطانا الكثير». وتابع انه «خرج عصر الاحد الخامس من آب (اغسطس) ونيتي معقودة على مرضاة الله وانصاف شعبي»، مشيراً الى ان «رحلة الخروج دامت ثلاثة ايام». وأوضح حجاب انه انشق عن النظام «بعد ان ضاقت فسحة الامل وعندما زاد التمسك بأسلوب القمع والاقصاء والقتل والتدمير حينها قررت اصطفافي الى جانب ثورة الحق». وأشار الى انه «كان يشاهد القصف على المدن وانا لا املك قراراً يرد عنهم القتل والظلم». ودعا رئيس الوزراء السوري المنشق الجيش الحر الى مواصلة الثورة. وقال «يا جحافل الجيش السوري الحر استمروا ورابطوا ووحدوا صفوفكم فالأمل معقود عليكم بعد الله وانكم من خيرة اجناد الارض». وأشار الى ان «الوطن يزخر بمسؤولين وقادة عسكريين شرفاء ينتظرون فرصة سانحة للانضمام الى ركب الثورة والمضي في طريق الحق»، داعياً اياهم الى «ان يحثوا الخطى ليرفدوا ثورة المجد». من جهة اخرى، اكد حجاب ان «فصائل المعارضة الخارجية مدعوة اليوم اكثر من اي وقت مضى الى توحيد جهودها وسد ذرائع من يتهمها بالتشتت والتشرذم»، مشدداً على ان «اختلاف المشارب لا يلغي وحدة الهدف». ووجه حجاب الشكر الى كتائب الثورة التي ساعدته على الهروب الى الاردن. وقال «لن انساهم ما حييت وانا ادين لهم بالفضل لانهم كانوا اكثر حرصاً على حياة اسرتي، بعد الله للخروج من شرنقة هذا النظام». وأكد حجاب انه لم تتم اقالته «كما اشاع النظام بل خرجت بإرادتي وانا على رأس عملي»، مشيراً الى انه «لن اكون الا في جانب ثورة الشعب جندياً مخلصاً مدافعاً عن اهدافها الحقة»، وأشار إلى حكومة الأسد بأنها «عدو الله». ولم يكن حجاب ضمن الدائرة المقربة المحيطة بالأسد. لكن باعتباره رئيساً للوزراء وأعلى مسؤول مدني ينشق كان انسحابه من النظام ضربة رمزية للحكومة. وكان لافتاً في مؤتمر حجاب الذي سمحت به السلطات الأردنية، التواجد الأمني المكثف لضباط وأفراد أجهزة الأمن المختلفة، التي رافقت رئيس الوزراء المنشق في موكب رسمي. وفرض هؤلاء حالة من الرقابة على مداخل الفندق الذي نظم فيه المؤتمر، وقاموا بتفتيش الزوار والصحافيين بشكل دقيق. كما كان لافتاً انه في قاعة المؤتمر نصب علم كبير للثورة السورية. وهذة أول مرة يسمح فيها الأردن بنشاط علني على أراضيه لمنشقين عن النظام السوري، وهو ما اعتبره سياسيون ومقربون من مطبخ القرار في عمان تغيراً في الموقف الرسمي، الساعي طيلة الأشهر الماضية إلى تجنب الصدام مع النظام السوري. واعتبر سياسيون في الظهور العلني لحجاب «تدرجاً في حالة الاحتقان المتنامية بين النظامين الأردني والسوري». وقال مقربون من مطبخ القرار الأردني ل «الحياة»، إن ظهور حجاب العلني «يؤكد اتجاه الأردن نحو التصعيد مع النظام السوري». واعتبر هؤلاء أن تصريحات كبار المسؤولين الأردنيين المنددة بنظام الأسد وعلى رأسها تصريحات العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، تؤكد «مغادرة الأردن مربع الحياد إلى تبني مواقف حازمة تجاه النظام الحاكم في دمشق». وفي الإطار ذاته، أكدت المصادر الأردنية ل «الحياة» علم المملكة المسبق بعملية انشقاق حجاب ومسألة لجوئه للأردن من مصادر إقليمية (ديبلوماسية وأمنية)، كما أكدت أن عمان على موعد مع انشقاق مزيد من كبار المسؤولين السوريين خلال الفترة المقبلة. وبحسب هؤلاء فقد توافق الأردن مع أطراف دولية على مسألة تسهيل لجوء المسؤولين والديبلوماسيين الراغبين بالانشقاق عن النظام السوري. ولم تنف أو تؤكد الحكومة الأردنية طيلة الأشهر الماضية أنباء وصول المنشقين إلى أراضيها، باستثناء إعلان وصول حجاب والطيار السوري حسن مرعي حمادة الذي هبط بطائرته في حزيران (يونيو) الماضي. إلى ذلك، كشف سياسي بارز ل «الحياة» عن تفاصيل لقاء جرى أول من أمس في منزل رئيس الحكومة الأردنية فايز الطراونة وجمع العاهل الأردني بعدد من المسؤولين والشخصيات السياسية. وتحدث الملك في هذا اللقاء - وفقاً للمعلومات المسربة - عن مواصلة الأردن فتح أبوابه لاستقبال اللاجئين السوريين، حتى لو كانوا من فئة المنشقين عن النظام السوري. لكن الملك لم يخفي قلقه - خلال اللقاء - من تسلل أعضاء من تنظيم القاعدة إلى المدن السورية، مؤكداً تمسك المملكة بقرار عدم تسليح المعارضة خشية وصول السلاح إلى التيارات المتشددة المتورطة بقضايا الإرهاب، وتطور الأمور إلى حرب أهلية في سورية. ورفض الناطق باسم الحكومة الوزير سميح المعايطة التعليق على تغيير الموقف الأردني من الأزمة السورية. في موازاة ذلك، اعلنت واشنطن امس رفع العقوبات عن حجاب، ودعت قيادات نظام الرئيس السوري الى الاقتداء بحجاب والانشقاق. وقررت وزارة الخزانة الاميركية رفع التجميد عن اصول وارصدة حجاب في رسالة تشجيع ودعم للمسوؤلين المنشقين.