لا تحزن، لا تحزن، لا تحزن... واقرأ كل ما تقرأه وكل ما تسمعه من همز ولمز وقذف وشتائم، ثم ضعها خلف ظهرك، وافتخر بابنتنا وجدان التي فرحنا لها ومن أجلها ومن أجلنا، فهي من أوائل السعوديات اللاتي شاركن في بطولات دولية عالمية تعلن أن نساءنا لسن أقل من نساء الدول جميعاً، وأنهن لديهن مهارات وكفاءات رائعة ترعرعت في بيئة ترى الرياضة عيباً كبيراً، والانشغال بها قلة أدب ومضيعة للوقت، وسماحك لابنتك بالمشاركة قلة مروءة ورجولة منك، فلا تحزن. ولا تبتئس ولا يصيبك الهم ولا الكدر، واسأل نفسك منذ متى كانت آراء المجتمع مشجعة؟ منذ متى كانت لهم أياد تصفق وتشجع المميز؟ منذ متى يفتخرون بإنجاز السعوديات؟ وارجع بذاكرتك للوراء سنوات عدة، وراجع الصحف واسمع البرامج الإذاعية، ثم شاهد البرامج التلفزيونية وحلّل بعض اللقاءات، وارصد كل ما تستطيع رصده، وعندها لن تحزن. تجاهل أرجوك مغردي «تويتر» ومشايخهم الذين انهالوا عليك بالسب والقذف، وحاولوا تحطيم نفسية وجدان الشجاعة التي سيذكر التاريخ اسمها حتى لو أنها أخفقت كما يكتبون في الثواني الأولى، وقل في نفسك أخفقت في المشاركة الدولية العالمية الأولى وسط فتيات ونساء يدعمهن المجتمع، ويصفقون لهن، وينتظرون إنجازاتهن بشوق كبير، وقارن كيف كان وضع وجدان في بيئة استهجنت مشاركتها حتى قبل أن تشارك! أخاطب هنا ابنتي الشجاعة وجدان لا تحزني يا ابنتي، ولا تجعلي ما تقرئينه وتسمعينه يهز شعرة واحدة في جسدك، لا تجعليه يؤذي مشاعرك، ويثبط من عزيمتك، ولا تسامحي كل من أساء إليك، قاضيهم في الدنيا، واحملي كل شيء إلى رب العالمين، عندها سيقتص الله من المغردين والناعقين، وهذا يكفي يا ابنتي. قبل سنوات عدة، كانت المشاركة في الصحف عيباً كبيراً، وكان الكثير يقذفون أيضاً الكاتبات والإعلاميات والمثقفات، والآن مضى وقت كبير، تغيّرت فيه النظرة لمن أثبتت نفسها وكفاءتها واحترامها لذاتها، وإيمانها بملكة حباها الرحمن بها. ولو كانت أي منهن التفت إلى كل ما يقال، لخلت الصحف الآن من نون النسوة، وأصبح المجتمع الثقافي والإعلامي ذكورياً بحتاً. أنا وكثيرون معي فخورون بك وبوالد أنجبك وشجّعك ودرّبك ووصّلك إلى ذلك المكان، وافخري بوالدك، فهو رجل شجاع يواجه وحده انتقادات حادة لا تمت للدين الذي يدعيه البعض بصلة، وعنصرية مقيتة نهى عنها أشرف البشر قال: «دعوها فإنها منتنة». بعض أفراد مجتمعنا يعيش فصاماً ثقافياً وأخلاقياً ودينياً، فهو يدعي الصلاح والاستقامة، ويبدأ تغريده باسم من قال إن أكرمكم عند الله أتقاكم، ثم يقذف فتاة كل جريرتها أنها شاركت بحجابها الطاهر في مسابقة محترمة أمام الملأ، ثم يختتم تغريدته أو نعاقه بالصلاة على النبي الكريم، شهرخاني «لا تحزن»! [email protected]