استنفرت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر ضد حوادث حرق مقرات لها في القاهرة والاعتداء على مقرات أخرى وسط دعوات شخصيات محسوبة على نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى القيام ب «ثورة ضد هيمنة الجماعة» الشهر الجاري، أحدثت جدلاً في المشهد السياسي. وأُحرق مقرا حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، في حيي العجوزة والهرم في محافظة الجيزة واعتدى مجهولون على مقر الجماعة في حي مصر الجديدة القاهري، ما استفز الجماعة ودفعها إلى التحذير من ملاحقة المحرضين عليها قضائياً. وكان النائب السابق محمد أبو حامد الذي عُرف بانتقاده سياسات المجلس العسكري قبل أن يتحالف معه ضد «الإخوان»، دعا إلى «ثورة» ضد الجماعة يومي 24 و 25 الجاري والتجمع أمام القصر الجمهوري وأمام المقر الرئيس لجماعة «الإخوان» في حي المقطم وأيضاً أمام مقرات الجماعة وحزبها في مختلف المناطق «للتعبير عن رفض حكم الإخوان البلاد». وطالب بحل الجماعة ومصادرة أصولها وأموالها والتحقيق مع قياداتها. ولم تلق الدعوة رواجاً كبيراً، لكن حوادث حرق مقرات الجماعة وربطها بهذه الدعوات أكسبها زخماً خصوصاً بعدما استرعت هذه الحوادث اهتمام قيادات «الإخوان»، ما دفع محامي الجماعة عبدالمنعم عبدالمقصود إلى اصدار بيان اتهم فيه النيابة العامة ب «البطء في التحقيق في البلاغات المقدمة ضد بعض الأشخاص الذين دأبوا على نشر الفتن والأكاذيب ضد الإخوان». واعتبر أن «هذا البطء أدى إلى تماديهم في الشحن الجماهيري لدرجة دفعت البعض إلى القيام بأعمال بلطجة وتخريب وصلت الى حرق مقرات الحزب والجماعة». وأضاف أن «هؤلاء لم يكتفوا بذلك بل دعوا إلى تنظيم مليونية يوم 24 آب (أغسطس) المقبل هددوا خلالها بحرق مقار الحزب في مختلف أنحاء الجمهورية، والعمل على إسقاط الرئيس محمد مرسي الذي تمّ انتخابه في شكل ديموقراطي شهد بنزاهته العالم أجمع». واعتبر أنهم «يمثلون تهديداً خطيراً لدولة القانون... وسيتم البدء في اتخاذ إجراءات ملاحقة هؤلاء قضائياً». وطالب وزير الداخلية بتوفير حماية أمنية لجميع مقار جماعة «الإخوان وحزبها «درءاً لأي اعتداء يقع عليها»، كما طالب وزير العدل ب «ضرورة انتداب قاض للتحقيق في هذه الوقائع والاتهامات الموجهة الى هؤلاء المحرضين، حتى لا يتمادوا في تحريضهم، ويثيروا المزيد من الفتن والقلاقل في البلاد». وقال عبدالمقصود ل «الحياة» إنه تقدم ببلاغات ضد شخصيات ليس بينها أبو حامد، لكن أياً منها لم يتم التحقيق فيها، مشيراً إلى أنه يعتزم التقدم ببلاغ ضد أبو حامد «لما تمثله تصريحاته من تحريض». وأشار إلى أن «هناك صفحات عدة على الإنترنت تدعو إلى حرق مقرات الجماعة بعضها يحمل اسم حرق الإخوان»، موضحاً أنه سيتقدم ببلاغات لملاحقة القائمين على هذه الصفحات ولمعرفة من يقف وراءها. وقال أبو حامد ل «الحياة» إنه لم يصدر أي بيان أو أي تصريح «يشتمل على أي معنى يدعو إلى استخدام العنف من قريب أو بعيد»، مشيراً إلى أن «بيان الثورة أكد سلميتها للوصول إلى تنفيذ مطالب مشروعة منها حل الجماعة وتسليم أموالها وأصولها ومقراتها إلى الدولة لأنها مال عام، إذ أُسست بأموال الصدقات والزكاة ونحن نؤكد أنه لا يجوز الاعتداء عليها لأنها ملك للشعب». وأضاف أن «الجماعات الدينية هي من ابتدع العنف وتظن أننا سننهج نهجها في ثورة 25 يناير حين اقتحمت السجون واعتدت على مقرات الشرطة لتحويل الثورة من مسارها السلمي». واتهم «الإخوان» بحرق مقراتهم «لافتعال أزمة وتشويه الثورة ضدهم والتحريض ضدي وضد كل من يتضامن معي في الثورة وتبرير ظهور تنظيمهم السري واستخدام الميليشيات المسلحة ضد الشعب المصري وكل من يحاول الثورة ضدهم». لكن حركات ثورية وشبابية عدة استنكرت دعوة أبو حامد وأكدت أنها لن تشارك فيها. وقال الناطق باسم «حركة 6 أبريل» ل «الحياة» إن الحركة لن تشارك في هذه التظاهرات، مضيفاً أن «الدعوة إلى حرق مقرات الجماعة وحزبها لا نقبلها... من حق أي سياسي انتقاد الإخوان لكن ليس من حق أحد الدعوة إلى العنف والتخريب، فهذا أمر غير مقبول». لكن أبو حامد اعتبر أن الحركات الشبابية الرافضة لدعوته «حركات اشترتها جماعة الإخوان بأموالها». وقال إن «القائمين على الدعوة إلى الثورة ضد الإخوان لن يتركوا التظاهرات للصدفة وأمنوا مشاركة واسعة في هذه التظاهرات سيحتشد فيها الملايين ضد حكم المرشد». وفي ردود الفعل، انتقد الناطق باسم حزب «المصريين الأحرار» أحمد خيري الدعوة إلى تظاهرات 24 آب (أغسطس)، واصفاً الداعين إليها ب «المراهقين الذين يضرون بمنطق المدنية». وقال خيري على موقع «تويتر»: «هناك فارق بين من يطالب بحل جماعة الإخوان ومن يطالب بتقنين وضعها، فالأول إقصائي متطرف والثاني ينتصر لدولة القانون». وأضاف أن «إحداث توازن مع الإخوان لن يكون بالدعوة إلى ثورة على الجماعة بل بخلق مشروعات سياسية بديلة». وانتقد حزب «التجمع» الذي طالما ناصب الإخوان العداء، دعوات الحشد لإحراق مقرات الجماعة والحزب. وقال في بيان: «في الأيام الماضية تصاعدت الدعوات إلى مليونية يوم 24 آب (أغسطس) وهي دعوة إيجابية، لكن استخدام العنف أو أي اعتداء أمر مرفوض لأن ذلك سيزيد الأمور تعقيداً ويحول الصراع السياسي إلى صراع دموي». وأضاف أنه «رفض العدوان الذي ارتكبه أعضاء جماعة الإخوان وبلطجيتهم ضد أعضاء من قيادات حزب التجمع وغيرهم من رموز المعارضة»، مؤكداً أنه «كان في إمكاننا الرد عليهم بقسوة لكننا نريد للصراع السياسي أن يتخذ مساراً صحيحاً يعتمد على كسب الجماهير إلى صف أفكارنا وليس إشعال الفتن في البلاد».