وجهت المستشارة الألمانية، أنغيلا ميركل، في ميونيخ، انتقادات قاسية الى الرئيس الروسي، ديميتري ميدفيديف. واضطر هذا الأخير الى الإجابة عن أسئلة الصحافيين عن اغتيال المدافعة الروسية عن حقوق الإنسان، ناتالي إيستيميروفا. ونفى ميدفيديف تورط الرئيس الشيشاني، رامزان قديروف، في عملية الاغتيال، وقال ان التهمة سطحية. والحق أن نظام إدارة القوقاز الشمالي متصدع، ويشارف على الانهيار. ومحاولة اغتيال رئيس إنغوشيا، يوذوس – بيك يفكوروف، في حزيران (يونيو) الماضي، واغتيال إيستيميروفا، هما قمة جبل جليد المشكلات في شمال القوقاز. فالاضطراب يتهدد المنطقة التي كانت، الى وقت قريب، هادئة ومستقرة. وتكاد لا تهدأ الاشتباكات بين الجيش والمتمردين في داغستان، وإنغوشيا وكاباردينو – بلكاريا. وقبل الأزمة الاقتصادية العالمية، أطلق الكرملين يد السلطات المحلية بالقوقاز الشمالي، وأغدق عليها مبالغ مالية كبيرة لقاء ارساء الاستقرار، ولو صورياً، وضمان فوز حزب «روسيا الواحدة» فوزاً كاسحاً في الانتخابات. واختطفت ايستميروفا، وهي كانت تتقصى قضايا الاختطاف، في الشيشان. واتهم زملاؤها الرئيس قديروف بمقتلها. فهو «هددها واعتبرها عدوته الشخصية»، على ما قال رئيس جمعية حقوق الإنسان، «ميموريال». ونفى قديروف تورطه في الاغتيال. وفي الأثناء، أُردي، في كاباردينو – بالكاريا المجاورة، ضابط رمياً بالرصاص، وأصيب ضابط آخر بجروح خطيرة، في اثناء تأديتهما تمارين الركض الصباحية. والضابطان يعملان في المركز الجمهوري لمكافحة التطرف، من دوائر وزارة الداخلية. وفي 14 الشهر الجاري، هوجم بالقنابل منزل علي أندييف، رئيس شرطة نازراني، أكبر مدن انغوشيا. وفي 5 حزيران (يونيو) المنصرم، في ماخاتشكالا، اغتال قناص وزير داخلية داغستان، أديلفيري ماغوميد تاغيروف. وفي الأشهر الستة الأخيرة، اغتيل 37 شخصاً في أنغوشيا، وأصيب 79 شخصاً. ويُردى، أسبوعياً، نحو 6 شرطيين، وعسكريون ومسؤولون إداريون في شمال القوقاز. والنزعات الإسلامية المتطرفة هامشية في القوقاز. ويعزو رئيس مركز التوجهات العسكرية الروسية، آناتولي تسيفانوك، هذه الحوادث الى تفشي الفساد، والأزمة الاقتصادية، وانتشار البطالة في صفوف الشباب، ومصادرة حرية التعبير السياسي. ويرى إينفير كيسرييف، المسؤول عن قطاع القوقاز في مركز الأبحاث المناطقية في أكاديمية العلوم الروسية، ان الحوادث هذه هي مرآة حرب خفية بين العشائر والقبائل للاستيلاء على السلطة والموارد. وعينت القيادة المركزية الاتحادية الروسية رئيساً مطلق الصلاحيات في كل جمهورية من جمهوريات قوقاز الشمالية. وهذه خطوة تفتقر الى الحكمة. فلم يبق سبيل الى الاحتجاج غير سبيل الجريمة وحربها، على ما يقول كيسرييف. وقد يكون الحل الوحيد للخروج من دوامة الاضطراب هو حل المشكلات الاجتماعية. ولكن السلطات المحلية والسلطة المركزية الاتحادية تفتقران الى الأموال جراء الأزمة المالية والاقتصادية. * صحافيان، عن «أر بي كادايلي» الروسية، 17/7/2009، إعداد علي ماجد