أصدرت محكمة إيرانية أمس، حكماً بإعدام أربعة أشخاص وبالسجن المؤبد لآخرَين، اتُهموا مع 33 شخصاً باختلاس نحو 3 بلايين دولار، في أضخم فضيحة فساد في تاريخ البلاد بعد الثورة العام 1979، وأجّجت الصراع بين الرئيس محمود أحمدي نجاد وخصومه في معسكر المحافظين. تزامن ذلك مع عزل القضاء سعيد مرتضوي الذي عيّنه نجاد رئيساً لصندوق الضمان الاجتماعي، فيما وُجهت اتهامات بالفساد لمحمد جواد لاريجاني، رئيس مجلس حقوق الإنسان في إيران وشقيق رئيسي مجلس الشورى (البرلمان) علي لاريجاني والقضاء صادق لاريجاني. وقال المدعي العام غلام حسين محسني إيجئي إن «حكماً صدر بإعدام أربعة أشخاص» في قضية الاختلاس، مضيفاً أن حكماً بالسجن المؤبد صدر على شخصين آخرين، فيما حُكم بسجن سائر المتهمين فترات عدة، أقصاها 25 سنة. ويشمل الحكم عقوبات أخرى على بعضهم، بينها الجلد وتسديد غرامات نقدية وإعادة الأموال المختلسة وحظر توليهم مناصب حكومية وسحب ممتلكات منهم. ولدى المدانين الذي لم تكشف أسماؤهم، 20 يوماً لاستئناف الأحكام. وكان محسني إيجئي اعتبر أن القضية تثبت قدرة إيران على التصدي لفساد شخصيات بارزة. لكن مداناً في القضية شكا من أن القضاء لاحق متورطين غير مدعومين، ولم يُعاقب شخصيات بارزة متورطة بالفضيحة، بينها مسؤولون في مكتب نجاد ووزراء سابقون ونواب بارزون. وبدأت في شباط (فبراير) الماضي، محاكمة المتهمين ال39، وفي مقدّمهم رجل الأعمال أمير منصور خسروي الذي يرأس شركة ضخمة ويملك مصرفاً خاصاً، وتورط بتزوير كتب اعتماد لنيل قروض ضخمة من 6 مصارف، لشراء شركات حكومية عُرِضت للخصخصة. وبين المصارف المتورطة، «بنك صادرات» و «بنك ملّي» اللذان أقرضا شركة خسروي. واستقال محمود رضا خاوري من رئاسة «بنك ملّي»، أضخم مصرف في إيران، وفرّ إلى كندا التي يحمل جنسيتها، وحيث تبيّن أنه يملك منزلاً قيمته 3 ملايين دولار. ونجا وزير الاقتصاد شمس الدين حسيني من محاولة مجلس الشورى (البرلمان) عزله، بسبب القضية، فيما نفى نجاد اتهامات وجهها متشددون ووسائل إعلام، بتورط مدير مكتبه اسفنديار رحيم مشائي بالفضيحة. كما تدخّل مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي لتهدئة السجال في هذا الشأن. في غضون ذلك، قضت المحكمة الإدارية بعدم شرعية تعيين نجاد المدعي العام السابق في طهران سعيد مرتضوي، رئيساً لصندوق الضمان الاجتماعي. وقال رئيس المحكمة محمد جعفر منتظري إن «تعيين مرتضوي أُلغي، بوصفه مناهضاً للقانون». وكان نواب اعترضوا على تعيين مرتضوي في المنصب، ورفعوا دعوى أمام المحكمة، بعدما اتهمته لجنة برلمانية بالتورط في انتهاكات شهدها معتقل «كهريزاك» خلال الاضطرابات التي أعقبت إعادة انتخاب نجاد عام 2009، بينها وفاة 3 سجناء بسبب تعذيبهم. إلى ذلك، أفادت وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية (إيسنا) بفتح تحقيق جنائي مع محمد جواد لاريجاني، إذ اتُهم بالاستيلاء على 342 هكتاراً من أراض محمية في منطقة جواد آباد شمال البلاد. وقال المدعي العام في طهران علي رضا أوائي أن رئيس القضاء صادق لاريجاني حضّه على مواصلة التحقيق، إذ قال له: «يجب ألا يكون هناك أي استثناءات في شأن قضايا مشابهة، ويجب مواصلة التحقيق في القضية». وأشار لاريجاني إلى «وجوب فتح قضية، إن تبيّن أن ثمة أساساً» لاتهام شقيقه. والأشقاء لاريجاني خصوم لنجاد ومحسوبون على المرشد. على صعيد الملف النووي، أوردت صحيفتان إسرائيليتان أن إيران سرّعت وتيرة تخصيب اليورانيوم، فيما اعتبرت طهران أن انهيار محادثاتها مع الدول الست المعنية بملفها الذري، «ليس في مصلحة أحد». وأفاد تقرير أصدره أمس «المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية» (مقره لندن)، بأن العقوبات الغربية على إيران «أحبطت جهودها لإنتاج صواريخ باليستية بعيدة المدى، تطاول أوروبا الغربية وخارجها»، لكنها «لم تمنع طهران من تشغيل عدد أكبر من أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم، أو زيادة مخزونها من المواد الانشطارية».