العظماء لهم أهداف، أما الآخرون فلديهم أحلام. يكاد لا يخلو عقل إنسان من حلم يراوده طوال حياته أو أحلام أخرى يطمح إلى تحقيقها وهذا حقه، لكن السؤال هل ميز الكثيرون بين أحلام خيالية أو رومانسية والأحلام والطموحات التي تتناسب مع طبيعة كل منا والطبيعة البشرية ذاتها ؟ لا يمكن تحقيق كل الأحلام وتحويلها إلى أهداف وغايات، بل فقط تلك التي تحترم النواميس والقوانين التي ينتمي إليها الإنسان في وسط طبيعته وعلاقته بها، وهنا يخطئ الكثيرون، حتى من اللامعين في مجال التنمية البشرية أو العاملين في مجال الدعاية للكسب السريع، في دعوة الشباب إلى أن يحلموا وأن يحلموا فقط، فكل حلم «قابل» للتحقيق، وطبعاً هذا مجرد ضرب خيال. فهل يمكن أن يحلم أحدهم بأن يكون الرجل الخارق «سوبر مان»، كما في أفلام الكرتون، أو أن يكون ملكاً أو ملاكاً، مخالفاً بذلك حدود التفكير الطبيعية؟! هذا خداع واضح للشباب الطموح. وإذا قال أحدهم أن فلاناً من علماء التاريخ حلم بشيء لم يكن له وجود أو أنه غير حياة الأمم، نقول أنه فكر في حدود الطبيعة الإنسانية وإمكاناته العقلية والعلمية وسخر قدراته وخبراته لتحقيق هدفه وحلمه اللذين لا يتعارضا مع ذلك. إذاً التمييز بين هذه الأحلام وبين الطموحات التي تناسب قدراتنا الفكرية والعقلية والمعرفية هو المنطلق الأساس لتحقيق الطموحات والأهداف. بعد تصور الهدف الأول الذي نطمح إلى تحقيقه وبعد وضوح هذا الهدف يجب الانتقال إلى مرحلة وضع الخطة المناسبة لهذا الهدف الكبير التي يجب أن تتسم بالوضوح. يقتضي الوصول إلى الهدف الأول تقسيم الطريق وخطة العمل الكبيرة إلى مراحل قصيرة وأهداف أصغر لكل منها خطة عمل تناسبها وتوصل إليها، وهكذا يتم الانتقال من مرحلة إلى أخرى ومن هدف أصغر إلى آخر أقرب منه في اتجاه الهدف الأكبر. يأتي بعد ذلك اتخاذ القرار والعزم على التنفيذ وبشكل تسلسلي من الهدف الأقرب إلى الأبعد. ويعتمد تحديد الهدف ونوعه على عوامل كثيرة، من أهمها الإنسان ذاته وقدراته على تحقيق الهدف، واستعداده لدفع الثمن المناسب للهدف المرسوم، بحيث لكل هدف ثمن مادي أو معنوي. أهداف العظماء على قدر همتهم وعزيمتهم وطموحهم (على قدر أهل العزم تأتي العزائم)، كما تقاس عظمة أهدافهم- وبذلك عظمتهم- بمقدار نبل أهدافهم وما يمكن أن تقدمه للإنسانية من خير. ويحدد تحقيق الهدف والوصول إليه طريقة حياتك، وقد يؤثر ذلك على حياة الآخرين إيجاباً أو سلباً. لا تدع حياتك تذهب سدى من دون أن تضع بصمتك الخاصة. ميز نفسك عن الآخرين إذ إن الله ميزك. وسخر تميزك لتتميز عن الآخرين بأهدافك الجميلة والنبيلة، فهل وضعت لنفسك هدفاً؟