تنشدّ أنظار مئات الملايين إلى «أولمبياد لندن 2012»، إذ يتنافس فيه رياضيون من 200 دولة على ما يزيد على 300 ميدالية ذهبية وفضية وبرونزية في 36 لعبة. لا مبالغة في الحديث عن مئات ملايين المشاهدين. لندع جانباً أولئك الذين ربما تدفقوا الى لندن لمشاهدة الحدث في الملاعب والقاعات والأحواض. وبفضل التقدّم في التقنيات الإلكترونية، صار الأولمبياد فرجة عالمية. أدى التقدم في وسائل الاتصال الالكترونية، الى تعميم صور الأولمبياد عبر فضائيات الأقمار الاصطناعية والأطباق اللاقطة وشبكات تلفزة الكابل، وشاشاتها المنتشرة بكثافة عالمياً. في المقابل، هناك من يرى أن الفرجة الإلكترونية التي عمّمت الأولمبياد (المناسبات والحوادث)، تحمل هي ذاتها أخطاراً جمّة، إذ لم تعد هذه الفرجة تقتصر على شاشات التلفزة الفضائية، بل دخل الانترنت شريكاً ضخماً في إيصال الأولمبياد الى العيون. ربما ليس الأمر بجديد، إذ نقل الأولمبياد غير مرة عبر الانترنت. ولكن السنوات القليلة السابقة شهدت تغيّرات كبرى في البث الرقمي الاتصالي، إذا جازت التسمية. إذ اندمجت الانترنت مع الخليوي، وهو شائع بطريقة هائلة. وتطوّرت شبكات الخليوي، خصوصاً الجيل الثالث الذي يستطيع بسهولة الوصول الى الانترنت والتعامل مع المواد المرئية- المسموعة. وظهرت أدوات جديدة، مثل الألواح الرقمية الذكية (على شاكلة «آي باد»)، تستطيع أن تلتقط البث الرقمي الاتصالي، خصوصاً عبر التطبيقات التي بات لها مخازن رقمية ضخمة على الانترنت. ومن المستطاع بسهولة مشاهدة أشرطة عن الاولمبياد، أو أي أحداث أخرى، عبر هذه التطبيقات ومخازنها على الانترنت. وبصورة تشبه اندلاع نار في هشيم الحقول، توسّع جمهور المواقع التي تحتوي أشرطة فيديو على الانترنت، سواء التي يصنعها الجمهور أم تنتجها الشركات، خصوصاً موقع «يوتيوب». وتزايد جمهور مواقع الشبكات الاجتماعية التي تستعمل أيضاً في الفرجة الالكترونية، عبر أشرطة فيديو متنوّعة المصادر. وبالترافق مع هذا، تطوّرت الانترنت الى مرحلة الاتصال السريع عبر الحزم الرقمية الواسعة. فرجة مذهلة ولكن... لنعدّ ثانية، مع التركيز على ما ينقل عبر الشبكات. خليوي متقدم بشبكات متطورة تتصل بالإنترنت، وألواح ذكية بتطبيقات عبر الانترنت، وأشرطة فيديو على ال «ويب» عبر «يوتيوب» ومواقع الشبكات الاجتماعية. تتدفق هذه الامواج من البث عبر الإنترنت، فهل تستطيع هذه الشبكة أن تتحمل هذه الضغوط كلها؟ كيف تتعامل المجتمعات ومؤسساتها مع هذه الطفرة الجديدة في الفرجة الالكترونية؟ في سياق الاستعداد للأولمبياد، طرحت شركة «بلو كوت سيستمز» Blue Coat Systems، مجموعة من الأسئلة التي تتصل بعلاقة «أولمبياد لندن» مع أحوال العمل في الشركات، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط. وسألت هذه الشركة عما يكونه الحال في أمكنة العمل، عندما يستطيع الموظفون أن يشاهدوا «أولمبياد لندن» عبر حواسيبهم، وخليوياتهم وألواحهم الذكيّة؟ كيف تتصرّف الشركات مع هذا المعطى، خصوصاً أن معظمها متّصل بالإنترنت بالخطوط والألياف، إضافة الى الاتصال لاسلكياً عبر شبكات موضعية في أمكنة العمل نفسها؟ لفتت «بلو كوت سيستمز» إلى أن الشركات ستعاني من أمر آخر غير الضغط على اتصالها مع الانترنت بسبب الفرجة الإلكترونية. ويتمثل هذا الأمر بتدني أداء الموظفين أثناء العمل، ما يسبب خسارة ضخمة للشركات، إضافة الى الاضطراب في علاقاتها مع الجمهور! إذا أرادت الشركات أن تتلافى الضغط على سعة اتصالاتها مع الانترنت، ربما ترتب على هذا الشأن أمور عدة، تشمل السعي لزيادة السعة أو ربما توسيع فريق تقنيي المعلومات في هذه الشركات. ويترتب على الأمرين كليهما تكاليف إضافية كبيرة. وفي المقابل، يؤدي عدم استعداد الشركات للتعامل مع الأوضاع المستجدة في الفرجة الالكترونية، الى اضطراب ربما لا يقل أثراً يتأتى من سعي الموظفين، بطرق شتى، الى مشاهدة الأولمبياد عبر الوسائل المذكورة آنفاً. وأوردت «بلوكوت سيستمز» أن مسؤولي الشبكات في المؤسسات أحسوا في السنتين الاخيرتين بتأثير ظاهرة «استخدام الأجهزة المحمولة الشخصية في مكان العمل». ولفتت الى ان مجموعات كبيرة من الموظفين عمدت الى الحصول على تطبيقات تتصل بالأولمبياد، من مخازن «أندرويد» و «آبل أبس» وسواهما، وثبّتوها على خليوياتهم وألواحهم، قبل بداية الأولمبياد! ويبلغ حجم تطبيق أجهزة آيفون وآيباد 14.9 ميغابايت، بينما حجم تطبيق الأجهزة التي تعمل بتقنية «أندرويد» يلامس 11 ميغابايت. وبقول آخر، ربما يشهد «أولمبياد لندن» قدوم جحافل الموظفين الى أمكنة العمل، وهي مدججة بالتطبيقات الجاهزة لمتابعة هذا الحدث، عبر الخليوي وال «آي باد» وال «تابلت» وغيرها. هل تصدق توقّعات «بلو كوت سيستمز» أم ان شركات الشرق الأوسط ستجد حلولاً لهذه الظاهرة، بل ربما قبل حدوثها؟ لننتظر ولنر.