شدد المفتي العام رئيس هيئة كبار العلماء في السعودية، الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، على أن ما تفعله تنظيمات «داعش» و «القاعدة» وما تفرع منها «ليس من الإسلام في شيء، بل هو عدو الإسلام الأول، والمسلمون هم أول ضحاياهم، كما هو مشاهد في جرائمهم»، كما اعتبر الجماعات المتطرفة من «خوارج العصر»، داعياً إلى مزيد من «الوسطية والاعتدال، كونها كمال الإسلام وجماله». (للمزيد) وقال آل الشيخ في بيان وجهه إلى الأمة الإسلامية أمس ونقلته «وكالة الأنباء السعودية» وعنونه ب «تبصرة وذكرى»، إن هذه الجماعات «الخارجية لا تُحسَب على الإسلام ولا على أهله المتمسكين بهديه، بل هي امتداد للخوارج الذين هم أول فرقة مرقت من الدين بسبب تكفيرها المسلمين بالذنوب، فاستحلت دماءهم وأموالهم». وأضاف: «إن العالم اليوم وهو يضطرب من حولنا، علينا في المملكة العربية السعودية، وقد أنعم الله علينا باجتماع الكلمة ووحدة الصف حول قيادتنا المتمثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين وولي ولي العهد، حفظهم الله، أن نحافظ على هذا الكيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً، وألا نجعل من أسباب الشقاق والخلاف خارج الحدود أسباباً للخلاف في ما بيننا». وجاء في البيان: «ومع هذه الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية اختل كثير من الأوطان، واختل معها كثير من الأفهام، ولا شك في أن أكثر الأفكار خطراً أفكار تسوَّق باسم الأديان، ذلك أنها تكسبها قداسة تُسترخَص في سبيلها الأرواح، وحينئذٍ ينتقل الناس، والعياذ بالله، من التفرق الذي يعصم منه الدين، إلى التفرق في الدين نفسه، وهذا الذي حذّرنا الله، عز وجل، منه في قوله: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) الأنعام: 159. وأضاف «إنه تعالى في هذه الآية يحذّر المسلمين من أن يكونوا في دينهم كما كان المشركون في دينهم، وتفريق دين الإسلام هو تفريق أصوله بعد اجتماعها، وهو كل تفريقٍ يُفضي بأصحابه إلى تكفير بعضهم بعضاً، ومقاتلة بعضهم بعضاً في الدين، وليس في الإسلام جناية أعظم عند الله تعالى بعد الكفر من تفريق الجماعة، التي بها تأتلف القلوب، وتجتمع الكلمة. وشدد على أن «الفرقة والخلاف لا يكونان إلا عن جهل وهوى، كما أن الجماعة والائتلاف لا يكونان إلا عن علم وتقوى، وأن المسلمين اليوم في حاجة متأكدة إلى أن يتضلعوا علماً ومعرفةً بهذا الدين القويم، قبل أن يعرفوا به غيرهم، ليس ذلك في المسائل والأحكام فحسب، وإنما في مقاصده العظيمة الواسعة التي من أجلها شُرع». وقال المفتي: «على ضوء هذه المقاصد العظيمة، تتجلى حقيقة الوسطية والاعتدال، وأنها كمال هذا الإسلام وجماله، وأن أفكار التطرف والتشدد والإرهاب الذي يفسد في الأرض ويهلك الحرث والنسل ليس من الإسلام في شيء، بل هو عدو الإسلام الأول، والمسلمون هم أول ضحاياه، كما هو مشاهد في جرائم ما يسمى بداعش والقاعدة وما تفرع عنها من جماعات، وفيهم يصدق قوله صلى الله عليه وسلم: «سيخرج في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمن قتلهم عند الله يوم القيامة». وشدد آل الشيخ على أننا كلنا، ولله الحمد، في المملكة العربية السعودية موحدون ومسلمون، نحافظ على الجماعة، ونلتزم الطاعة في المعروف، ونحمل أمانة العلم والفكر والرأي والقلم، ويوالي بعضنا بعضاً ولاءً عاماً، ويعذر بعضنا بعضاً في ما أخطأنا فيه، سواء في ذلك العلماء والأساتذة والكتاب والمثقفون وسائر المواطنين.