اعتبر سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، أن أفكار التطرف والتشدد والإرهاب ليست من الإسلام في شيء، بل إنها عدو الإسلام الأول، لافتاً إلى أن المسلمين هم أولى ضحاياها. وضرب المفتي مثلاً بما تقوم به داعش والقاعدة وما تفرع عنهما من جماعات، مؤكداً أن هذه الجماعات الخارجية لا تحسب على الإسلام، ولا على أهله المتمسكين بهديه، بل هي امتداد للخوارج الذين هم أول فرقة مرقت من الدين بسبب تكفيرها المسلمين بالذنوب، فاستحلت دماءهم وأموالهم، وقال إنه يصدق فيهم قوله -صلى الله عليه وسلم-: «سيخرج في آخر الزمان قوم أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من خير قول البرية، يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجراً لمَنْ قتلهم عند الله يوم القيامة». وأصدر المفتي بياناً أمس بعنوان «تبصرة وذكرى» دعا فيه إلى توحيد الجهود وتنسيقها التربوية والتعليمية والدعوية والتنموية لتعزيز فكر الوسطية والاعتدال النابع من الشريعة الإسلامية الغراء بصياغة خطة كاملة ذات أهداف واضحة مدعمة بخطة تنفيذية تحقق تلك الأهداف المنشودة واقعاً ملموساً. وقال: «إن العالم اليوم وهو يضطرب من حولنا، علينا في المملكة وقد أنعم الله علينا باجتماع الكلمة ووحدة الصف حول قيادتنا المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين، وولي ولي العهد أن نحافظ على هذا الكيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً، وألا نجعل من أسباب الشقاق والخلاف خارج الحدود أسباباً للخلاف فيما بيننا، فكلنا في المملكة موحدون ومسلمون، نحافظ على الجماعة، ونلتزم الطاعة في المعروف، ونحمل أمانة العلم والفكر والرأي والقلم ويوالي بعضنا بعضاً ولاءً عاماً، ويعذر بعضنا بعضاً فيما أخطأنا فيه، سواء في ذلك العلماء والأساتذة والكتَّاب والمثقفون وسائر المواطنين، ندير حواراتنا حول ما يهمنا من قضايا الدين والوطن بأسلوب الحوار الراقي، الذي لا يُخوَّن ولا يَتَّهم، فكلنا في هذا الوطن سواء، لنا حقوق وعلينا واجبات». وأضاف: «ومع هذه الظروف التي تعيشها الأمة الإسلامية اختلت فيها كثير من الأوطان، ومعها اختلت كثير من الأفهام، ولا شك أن أكثر الأفكار خطراً أفكار تسوق باسم الأديان، ذلك أنها تكسبها قداسة تُسترخص في سبيلها الأرواح، وحينئذٍ ينتقل الناس من التفرق الذي يعصم منه الدين، إلى التفرق في الدين نفسه، وهذا الذي حذرنا الله -عز وجل- منه». وأوضح أن تفريق دين الإسلام هو تفريق أصوله بعد اجتماعها، وهو كلّ تفريقٍ يفضي بأصحابه إلى تكفير بعضهم بعضاً، ومقاتلة بعضهم بعضاً في الدين، وليس في الإسلام جناية أعظم عند الله تعالى بعد الكفر من تفريق الجماعة، التي بها تأتلف القلوب، وتجتمع الكلمة، مبيناً أن الفرقة والخلاف لا تكون إلا عن جهل وهوى، كما أن الجماعة والائتلاف لا تكون إلا عن علم وتقوى. وأشار إلى أن المقصد العام للشريعة الإسلامية هو عمارة الأرض، وحفظ نظام التعايش فيها واستمرار صلاحها بصلاح المستخلفين فيها. ووفقاً لبيان المفتي، فإن من أسس القرآن الواسعة أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن الأصل في الإنسان البراءة وهاتان القاعدتان هما أساس كل تشريع وحرية. وزاد: «ولا تتم كل الأسس وتقوى على النهوض إلا بمعرفة أن سماحة الإسلام هي أول أوصاف الشريعة الإسلامية وأكبر مقاصدها، واستقراء الشريعة يدل على أن السماحة واليسر من مقاصد هذا الدين، وقد ظهر للسماحة أثر عظيم في انتشار الإسلام ودوامه، فعلم أن اليسر من الفطرة؛ لأن في فطرة الناس حب الرفق، وحقيقة السماحة التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط، والوسطية بهذا المعنى هي منبع الكمالات».