تباينت حماسة الجهات الحكومية في تطبيق نظام البصمة الإلكتروني لرصد حضور وانصراف الموظفين، عوضاً عن النظام التقليدي المعتمد على التوقيع. وفي حين حرصت جهات حكومية على الإلتزام به، ما زالت أخرى مترددة في اعتماده، وتتلكأ في إقرار النظام في إداراتها، فيما بدأت أخرى العمل على تجهيز هذا النظام، لكنها لم تستكمل تركيبها في كل مقراتها والإدارات التابعة لها. ورصدت «الحياة» تطبيق نظام البصمة الالكترونية في جهات حكومية عدة، منها مجلس الشورى، وعدد من مديريات الشؤون الصحية بوزارة الصحة، ووزارة الشؤون البلدية والقروية، التي طبقت النظام لضبط الدوام الرسمي لموظفي الوزارة والأمانات والبلديات من رؤساء ومرؤوسين من دون استثناء، بعد أن أصدر وزيرها الأمير منصور بن متعب منذ سبعة أشهر قراراً بذلك. كما رصدت جهات حكومية أخرى مثل وزارة العدل وإدارتها وكتاباتها العدلية، والرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيما لم تقر الرئاسة العامة لرعاية الشباب النظام، مكتفية بالطريقة التقليدية عبر التوقيع في دفتر الحضور والانصراف. وفي وزارة التربية والتعليم وهي الجهة الحكومية الأكبر لجهة عدد موظفيها من معلمين ومعلمات، فبدأت الوزارة العمل على تركيب دوائر إنترنت عالية السرعة خاصة بنظام البصمة في المدارس، وفيما اكتمل العمل بهذا النظام في عدد محدود من المدارس ما زالت غالبية المدارس تنتظر تركيب النظام، خصوصاً أن الوزارة أعلنت في نهاية العام الجاري إجراءات عملية في التعاقد من مقاولين لاستكمال مشروع البصمة، الذي ينتظر أن يضبط دوام أكثر من 650 ألف معلم ومعلمة، ينتسبون للوزارة في مدارسها، التي يزيد عددها عن 33 ألف مدرسة للبنين والبنات في مختلف مناطق السعودية. أما وزارة التعليم العالي فهي من بين الجهات التي لم تشغّل رسمياً نظام البصمة لرصد حضور وانصرف موظفيها، بحسب عاملين في الوزارة تحدثواً ل«الحياة». وأكد الاستشاري الإداري في وزارة التربية والتعليم الدكتور محمد العامري ل«الحياة» أهمية توافر الأنظمة التقنية في عملية التطوير الإداري، مضيفاً: «يجب أن يسبقها التوعية إلى حين إقرارها واعتمادها مبكراً، حتى لا تجد مقاومة شديدة من الموظفين»، مشيراً أن إقرار نظام البصمة لا يعني عدم الثقة في الموظف أو في إمكانات الضبط. وأضاف: «المقاومة واقعة لا محالة، إذ يعد أمراً طبيعياً إدارياً أن يوجد لكل تغيير مقاومة، ففي علم الإدارة يوجد نظام يسمى مقاومة المقاومة، وهي عملية التهيئة قبل إقرار أي نظام، التي توكل مهماتها إلى إدارة التطوير والجودة في الجهة الحكومية المعنية». وأفاد العامري أن الشكاوى التي ترد من الموظفين تعد مجرد مقاومة فقط، وليس على القرار نفسه، لافتاً إلى أن الدوام المرن الذي يحتاج إلى إنتاجية عالية وعدم إلزام الموظف بالحضور يحتاج إلى توفير أرضية مناسبة لتقبل الموظف للإنتاجية العالية، من دون إلزامه بوقت أو حضوره للبصمة، موضحاً أن الفكر الإداري بحاجة إلى تطوير ومتابعة في الوقت الذي أصبح فيه هذا الفكر من أبجديات الدول الغربية المتقدمة. يذكر أن عدد الموظفين الحكوميين يتجاوز 1.2 مليون موظف، وكشف آخر تقرير لوزارة الخدمة المدنية الصادر في محرم الماضي، أن عدد العاملين في الدولة بلغ 1.2 مليون موظف ومستخدم، يشكل الرجال ما نسبته 61.73 في المئة، والنساء 38.27 في المئة، وعدد غير السعوديين 73.684 موظفاً، يعمل معظمهم في وظائف صحية، وعدد من الوظائف التعليمية في مجال التعليم العالي. ورصدت هيئة الرقابة والتحقيق أخيراً غياب وتأخر 3631 موظفاً عن مواعيد العمل الرسمية في وزارة التعليم العالي والجهات التابعة لها، وبعض الجامعات والكليات في جميع المناطق، في مقابل جهات حكومية.