أمرت المحكمة الجزائية في محافظة جدة أخيراً بتمديد توقيف وحبس «مؤسس» أحد المواقع الإلكترونية (تحتفظ «الحياة» باسمه) ثلاثة أشهر على ذمة القضية بعد اتهامه بمس النظام العام ومخالفة القيم الإسلامية والتطاول على الذات الإلهية والتهجم والاستهزاء بالرموز الدينية بمن فيهم مفتي عام السعودية. ويأتي قرار المحكمة في الوقت الذي يطالب فيه وكلاء المتهم بإحالة ملف القضية إلى وزارة الثقافة والإعلام للنظر فيه بصفتها الجهة المختصة في ذلك. وجاء في خطابهم (تلقت «الحياة» نسخة منه): «إن النظر في القضية ومواصلة السير بها يتضمن مخالفة صريحة من المحكمة لقواعد الاختصاص النوعي للنظر في القضايا الناشئة عن أي من الوسائل الإعلامية بما فيها وسيلة الإنترنت ومخالفة لنظام المطبوعات والنشر وكذلك للأمر السامي الصادر بالرقم أ - 93 وتاريخ 25/5/1432». وأضافوا: «إن الأمر حدد وبكل وضوح خروج القضايا الناشئة عن وسائل الإعلام من ولاية المحاكم الشرعية واقتصار النظر في هذه القضايا على اللجان التي حددها الأمر الملكي المذكور أعلاه، واعتبار ما صدر بالمخالفة لذلك لاغياً باعتباره صادراً من غير ذي صفة، ووفقاً للتعميم القضائي الصادر من وزير العدل إلى المحاكم كافة بالرقم 13/ت/3784 وتاريخ 8/ 11/ 1430 والذي أكد في مضمونه بالتشديد على المحاكم بعدم النظر في أي قضية تخرج عن نطاق اختصاصها الولائي، وبأن من يتصدى للنظر فيها مستقبلاً من أي جهة كانت يعتبر ما يصدر عنها كأن لم يكن، لانعدام انطباق الاختصاص الولائي، وتأسيساً على ما أجمع عليه فقهاء الإسلام من أن من قضى في غير ما وُلِّي فحكمه باطل ولا تترتب عليه آثاره، إلا أن فضيلته آثر الاستمرار بالنظر في هذه القضية على رغم وضوح وصراحة الأوامر الملكية والتعميم المذكور أعلاه». وتأتي هذه التطورات في ملف القضية بعد أن بدأت المحكمة الجزائية في محافظة جدة محاكمة المتهم وذلك من خلال جلسات قضائية عقدت أخيراً للنظر فيها والاستماع إلى أقوال المتهم. وبحسب لائحة الاتهام التي وجهها المدعي العام ضد مؤسس الموقع فإن «المتهم» خالف نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/17 وتاريخ 8/3/1428 في مادته السادسة الفقرة الأولى، والمادة التاسعة وذلك بإنشاء موقع إلكتروني يمس بالنظام العام ويساعد الآخرين على ذلك. واستشهد المدعي العام بعدد من المشاركات في الموقع، منها مشاركة أحد أعضاء الموقع الذي سمى نفسه ب «أيها العقل من رآك» ويظهر مع كل مشاركة التطاول على الله عز وجل في الكثير من العبارات والكلمات، إضافة إلى ما كتبه «المتهم» صاحب الموقع بعنوان: «هنيئاً لكل شعوب الأرض بعيد الحب وهنيئاً لنا نحن بالفضيلة»، وختم تلك المقالة مستهزئاً بالعبارة التالية: «وهنيئاً لنا نحن بهيئة الأمر بالمعروف معلمتنا الفضيلة والحريصة دائماً على أن يكون جميع أفراد الشعب السعودي من أهل الجنة». وأوردت اللائحة مشاركات عدد من الأشخاص ممن أطلقوا على أنفسهم أسماء مثل «نهد أنثى» و«وميض النار» و«رعوم»، إذ تضمنت مشاركاتهم إساءات إلى أحد أعضاء هيئة كبار العلماء وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجامعة الإمام محمد بن سعود بحسب المدعي العام. واستند المدعي العام في اتهامه لمؤسس الموقع على عدد من الأدلة والقرائن أبرزها اعترافاته بأنه يملك صلاحية حذف ما يشاء من مشاركات في الموقع وما ورد في المشاركات التي ذكرت والتي تم نسخها من الموقع الإلكتروني. يذكر أن المدعي العام طالب بمعاقبة المتهم «مؤسس الموقع» والحكم بتعزيره شرعاً والحكم عليه وفق المادة السادسة الفقرة الأولى والمادة التاسعة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، والحكم بمصادرة جهاز الحاسب الآلي المضبوط لاستخدامه في الجريمة استناداً للمادة ال13 من ذات النظام، معتبراً أن ما أقدم عليه المتهم كان بكامل أهليته المعتبرة شرعاً، إذ تنص المادة السادسة من النظام بأن يعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنوات وبغرامة لا تزيد على ثلاثة ملايين ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين لكل شخص يرتكب أياً من الجرائم المعلوماتية الآتية، وهي إنتاج ما من شأنه المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة، أو إعداده، أو إرساله، أو تخزينه من طريق الشبكة المعلوماتية، أو أحد أجهزة الحاسب الآلي.