روسيا تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال الإسرائيلي    انطلاق أعمال منتدى الأعمال السعودي الفرنسي في الرياض    كراسنودار الروسية تتعرض لهجوم "ضخم"    رئيس وزراء تايوان: "العودة" للصين ليست خيارا للشعب التايواني    الصين تطلق المركبة الفضائية "شنتشو-22"    اختفاء نجم من السماء مساء الأمس لمدة 28 ثانية    القبض على يمنيين لتهريبهما (12) كيلو جرامًا من نبات القات المخدر    الإرهابي والعلاقات السعودية الأمريكية    كأس نادي الصقور يقيم 6 أشواط للهواة    60% من قادة الأعمال بالمملكة على دراية بالتهديدات التقنية    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    الأسواق الرقمية تستجيب لتوقعات خفض الفائدة    الخريف في فعاليات يوم الاستثمار والشراكات ل "اليونيدو" يؤكد ريادة المملكة الصناعية عالميًا    اقتصاد المملكة يواصل نموّه القوي    ليلة السقوط الآسيوي للاتحاد والأهلي    "أخضر المناورة" وصيف آسيا    الجوف.. مواقع تاريخية تجذب الزوار    فيلق الإبل.. عبور الذاكرة وسرديات الهوية    117 دقيقة لأداء العمرة    زراعة أصغر منظم قلب لمولودة تزن 2 كجم    ميسي يتألق ويقود ميامي لنهائي المنطقة الشرقية    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. برشلونة يواجه تشيلسي في قمة كلاسيكية.. ومان سيتي يستقبل ليفركوزن    «عدالة التحكيم وتأخر التجديد في الهلال»    نائب وزير الخارجية يستقبل رئيس البرلمان المجري    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    الحقيل يزور سويسرا    دشن ملتقى ومعرض راد 2025.. أمير الشرقية: تعزيز شراكات القطاع الخاص وتمكين مشاريع الشباب    تقويم التعليم تطلق الرخصة المهنية للمدربين    تطبيق الGPS.. ماله وما عليه    الصين: اليابان تجاوزت «الخط الأحمر» بشأن تايوان    من السويد إلى قطاع غزة.. وثائق جديدة تكشف مسارات تبرعات «الإخوان» المشبوهة    إقالات داخل الجيش الإسرائيلي.. الاحتلال يجدد القصف على خان يونس    عمار يا دمشق من غير إيكوشار    ضجيج اللحظة    أحمد السقا يستعد ل «خلي بالك من نفسك»    الجبيل الصناعية تدير النفايات ب«إنترنت الأشياء»    "الشؤون الإسلامية" تسلم 25 ألف مصحف للمالديف    «الداخلية» تدعم الجاهزية الأمنية في «الشمالية»    الميكروبات المقاومة للعلاجات (1)    قطع غيار    تعزيز قدرات الاكتشاف المبكر للأعراض..«الغذاء»: ربط قاعدة التيقظ الدوائي بمنصة الصحة العالمية    تدشين مركز زراعة القوقعة في «سعود الطبية»    قرعة نصف نهائي كأس الملك تقام 30 نوفمبر في استوديوهات "ثمانية"    الأهلي يخسر أمام الشارقة في دوري أبطال اسيا للنخبة    لبنان بين ضربة الطبطبائي واستعدادات ما بعد الاغتيال    الهلال الاحمر السعودي بتبوك يرفع جاهزيته إستعداداً للحالة الجوية المتوقعة على المنطقة    فيصل بن خالد يُعلن أسماء الفائزين بجائزة الملك خالد لعام 2025    هطول أمطار رعدية على بعض مناطق المملكة من يوم غدٍ الثلاثاء حتى الجمعة المقبل    هيئة تقويم التَّعليم والتَّدريب تستعرض الرُّخص المهنيَّة للمدرِّبين في لقاء بجامعة أمِّ القرى    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمنطقة    محافظ الطائف يقدم التعازي لوكيل المحافظة البقمي    جامعة أم القرى تحقق مراتب متقدمة في التصنيفات العالمية    القطاع العدلي يواكب التحولات العالمية.. الصمعاني: الجودة القضائية ركيزة أساسية لجذب الاستثمارات    حين يكون العطاء لغة وطن    «الحج»:«نسك عمرة» منصة موحدة وتجربة ميسرة    الناهشون في جسد النجاح!!    117 دقيقة مدة زمن العمرة خلال شهر جمادى الأولى    العبيكان رجل يصنع أثره بيده    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عالم إدوار الخراط بفضائيه الواقعي والمغلق
نشر في الحياة يوم 23 - 07 - 2012

تحاول الباحثة المغربيّة حوريّة الظلّ في كتابها «الفضاء في الرواية العربيّة الجديدة»، (نينوى، دمشق - 2012)، مقاربةَ مفهوم الفضاء الروائيّ وفهم آفاق المغامرة التي ترتادها الرواية العربيّة الجديدة. وتعمد إلى تفكيك رواية «مخلوقات الأشواق الطائرة» للمصريّ إدوار الخرّاط، من أجل القبض على إشكاليّة الفضاء التي تتناولها باعتباره عنصراً مهيمناً في نصّه الذي يساهم في إغنائه دلاليّاً.
تبرّر الكاتبة اختيارها رواية الخرّاط لمقاربة الفضاء الروائيّ فيها، باعتباره أحد المجدّدين في الكتابة الإبداعيّة العربيّة، بحيث يحاول الإجابة عن أسئلة الواقع من خلال الأشكال الكتابيّة، جاعلاً من الكتابة مغامرة غير خاضعة لقوانين محدّدة، مؤكّداً أنّ قيمة التجديد تتجلّى في الإبداع ذاته، وأنّ رفض الأشكال التقليديّة يعتبر رفضاً للسلطة المكرّسة وللقهر والظلم والتغريب الذي يعيشه الإنسان العربيّ.
وتشير إلى أنّ اختيارها هذا العمل لا يسلب الأعمال الروائيّة الأخرى التي اهتمّت بالفضاء قيمتها التمثيليّة، ولأنّها لم تدرس متناً متعدّداً ومتبايناً بل اكتفت بنموذج واحدٍ تجنّباً للتشتّت والتكرار، وتحقيقاً للدقّة العلميّة وحرصاً على التحكّم في المتن، حيث تعدّها من المطالب الأساسيّة في تحليل النصّ الروائيّ، ولأنّها لا تريد حصر ملامح تشكّل الفضاء في الرواية العربيّة الجديدة، مساهمة منها في تأسيس مشروع نقديّ لا يزال في طور التبلور.
تؤكّد الظلّ أنّ النقد أهمل الفضاءَ لالتباسه بالمكان الواقعيّ، وأنّه ظلّ لفترة طويلة خاضعاً للقراءة السطحيّة الساذجة. فالمبدع التقليديّ اهتمّ بوصف المكان والمبالغة في تحديده وتعيينه، رغبة منه في محاكاة الواقع ومطابقته. وتشير إلى أنّ تلك الدقّة الوصفيّة أثّرت سلباً في الفضاء لتجريدها إيّاه من مفهومه النصّيّ باعتباره عنصراً خياليّاً مختلقاً كالشخصيّة والحدث والزمن وغيرها من المكوّنات الحكائيّة الأخرى.
وتؤكّد أنّ الفضاء حقّق مع الرواية الجديدة تخلّصه من الإسهابات الوصفيّة والشطحات التفصيليّة الواقعيّة التي سلبته وظيفته، ما مكّنه من تحقيق تقدّم لافت واحتلال مركز مهمّ في البناء السرديّ، وأثبت حضوره كبنية وكدور وظيفيّ مساهم في الخلق الفنّيّ، وعدم الاكتفاء به كتزيين أو تزويق.
تحدّد الكاتبة في المدخل مفهوم الفضاء الروائيّ وتفرّق بينه وبين المكان، وتستجلي مفهومه في النقد الغربيّ ثمّ تحاول تحديد موقعه في الخطاب النقديّ العربيّ. في الفصل الأوّل تقارب الكاتبة أشكال الفضاء الروائيّ في رواية الخرّاط، تتحدّث عن الفضاء ذي المرجعيّة الواقعيّة الذي يشتمل على فضاء خارجيّ وآخر مغلق باعتباره فضاء لتبئير الجسد الأنثويّ، ويضمّ الفضاء الخارجيّ فضاء الشارع وخصوصيّاته، والفضاء بين الأشياء والشخصيّة، في حين تعالج في الفضاء المغلق التهميش الحاصل من جهة، والاحتفال بجزئيات الجسد، ثمّ علاقة المغلَق مع الجسد العاري. وتحلّل العلاقة بين مادّيّته وإطلاقيّة الجسد الأنثويّ، مستكملة فكرتها بالانتقال إلى الفضاء المتخيّل حيث تشعّبات كثيرة، ابتداءً من البيت القديم إلى قيم الإلفة وطرق التصوير وعجائبيّته، وتجلّيات العجائبيّ والغرائبيّ فيه. ثمّ تنتقل إلى فضاء المرآة مستطلعة عوالم الرحلة منها وعبرها إلى الفراديس المفقودة وعوالم المرأة، الجوّانيّة والبرّانيّة.
يأتي بعد ذلك دور فضاء الكتابة في الاستجلاء والمقاربة لتنقّب في لوحة الغلاف والعنوان وأبعاده خاتمة حديثها في نهاية الفصل باستنتاجاتها الجامعة.
في الفصل الثاني تشخّصُ الفضاءَ في رواية الخرّاط عبر ثنائيّة النور والعتمة، والخفاء والتجلّي، وعمق الأمكنة، وسيادة العتمة واصفة الفضاء المؤطّر والمهمّش، متنقلة بين الداخل والخارج، شارحة كيفيّة اندغام السرد في الوصف. أمّا في الفصل الأخير فتحلّل وظائف الفضاء في الرواية ممهّدة بالحديث عن علاقته بالسارد – الشخصيّة، ومفكّكة إيقاعيّة الفضاء الروائيّ وبناءَه وطريقة تداخله مع الحدث عبر توصيف تعدّد زوايا النظر، والعلاقة بين الفضاء والزمن.
تجهد الكاتبة في بحثها لتبدّد الفكرة التقليديّة عن الفضاء الروائيّ الذي ظلَّ يُنظَر إليه باعتباره مرتبطاً بما هو مرجعيّ، إلى أن حقّق قفزة نوعيّة بفضل الدراسات الشعريّة والبنيويّة الحديثة التي استطاعت الحدّ من اللبس، والنظر إليه كمكوّن رئيس موجود في اللغة. وتلفت اهتمام القارئ إلى دور الخرّاط المهمّ وتناوله المميّز للفضاء الروائيّ، ما مكّنها من الوقوف على المساهمة الجماليّة والمعرفيّة للرواية العربيّة الجديدة التي تمكّنت من التخلّص من التنميط، ومن قوانين الرواية التقليديّة التي تعتمد خطّيّة السرد وتجعل الفضاء مجرّد إطار مقيّد للأحداث والشخصيّات.
تقرّ حوريّة الظلّ باستعانتها بمناهج عدّة لتأطير بحثها مع الخضوع لخصوصيّة الرواية، ما قد يفهم بأنّه تمييع للمدارس والنظريّات. إلّا أنّها حاولت أنّ تعالج الفضاء في النصّ المدروس وفق ما ينسجم وأسسه الجماليّة والفنّيّة، على رغم تنبيهها إلى أنّ الفضاء لا يزال يعاني من الفقر النظريّ في النقد العربيّ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.