للمرة الاولى منذ بدء الاضطربات في سورية قبل 16 شهراً، تمركزت امس آليات مصفحة وناقلات جند في حي الميدان في العاصمة السورية، والذي شهد معارك كر وفر بين القوات النظامية و»الجيش السوري الحر»، اضافة الى احياء كفرسوسة والتضامن استخدمت فيها الاسلحة الخفيفة والمتوسطة واسفرت المواجهات عن اغلاق طريق مطار دمشق الدولي لبعض الوقت. ودان مجلس الوزراء السعودي في الجلسة التي عقدها امس في جدة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز «استمرار أعمال العنف والمجازر الوحشية... ومنها المجزرة المروّعة في بلدة التريمسة». ووصف المجلس هذه المجازر ب»الأعمال الإرهابية والوحشية التي تحتّم على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات حاسمة لحماية أبناء الشعب السوري». وتلقى الملك عبدالله امس رسالة من الرئيس باراك أوباما نقلها مستشار الأمن الوطني الأميركي توم دونيلون. وكان القصف في دمشق ارتفعت حدته بعد الظهر، مستهدفا احياء اخرى يتواجد فيها «الجيش الحر»، شهدت اشتباكات لا سابق لها منذ اول من امس. وبدت الشوارع خالية، وتحولت مسرحاً لانتشار المدرعات والآليات العسكرية وللعمليات الحربية والعناصر الأمنية المدججة بالسلاح، واستخدام قذائف «الأر بي جي». وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان ان ما حصل في دمشق في اليومين الماضيين يمثل نقلة نوعية في المعارك. ففي السابق كانت قوات الامن تنتشر لقمع التظاهرات. اما اليوم، فهناك جنود يشاركون في القتال. واعتبر المرصد ان الاشتباكات في دمشق تشكل «تهديدا واضحا للنظام. وحين لا تستطيع القوات النظامية السيطرة وترسل الاليات المصفحة، فهذا يدل على ضعف النظام، وعلى حضور قوي للثوار في دمشق». واوضح المرصد ان المقاتلين الذين يواجهون قوات النظام «هم من ابناء المنطقة وليسوا وافدين اليها وبالتالي هم محميون من الاهالي». وقال سكان إن عربات مدرعة انتشرت في حي الميدان واتخذ قناصة مواقعهم فوق سطوح. وسمع دوي عنيف للرشاشات، في لقطات فيديو حمّلها نشطاء في المنطقة على الانترنت. وفيما يعقد المبعوث الدولي- العربي المشترك كوفي انان اجتماعات حاسمة في موسكو اليوم مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الخارجية سيرغي لافروف، اكد الاخير استعداد بلاده لاستخدام حق النقض (الفيتو) لتعطيل صدور قرار غربي في مجلس الأمن حول سورية يستند إلى الفصل السابع. واتهم الغرب ب «ابتزاز روسيا» من خلال التهديد برفض مشروع القرار الروسي القاضي بتمديد مهمة المراقبين الدوليين في حال اصرت موسكو على موقفها الحالي. ولمح إلى حل وسط تقبل به موسكو من خلال «التمديد الفني» لعمل المراقبين من دون تضمين القرار ديباجة سياسية. وقال أن موقف روسيا ينطلق «ليس دفاعا عن النظام السوري لأننا لسنا منحازين لطرف من طرفي النزاع». واعرب وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ، خلال زيارة للعاصمة الليبية، عن الامل بان تساعد زيارة انان لموسكو على تغيير الموقف الروسي من الازمة السورية. وفي نيويورك، علم أن بعثة الأممالمتحدة للمراقبة في سورية (أنسميس) تعد تقريراً حول مشاهداتها في قرية التريمسة لتقديمه الى الأمانة العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، «وهو ما استخدمته روسيا سبباً لتأخير تبني مجلس الأمن مشروع بيان يدين أعمال العنف والقصف المدفعي واستخدام المروحيات والدبابات في البلدة»، وفق ما قال ديبلوماسيون. وتوجهت الأنظار نحو موسكو مترقبة حصيلة اجتماع اليوم بين أنان وبوتين. واعتبرت أوساط مجلس الأمن أن «البحث وصل الى مرحلة حرجة لأنه يتناول الخلاف العميق حول الخطوة التالية في شأن سورية». وقال ديبلوماسيون غربيون إن على أنان أن «يوضح للروس ضرورة فرض تبعات على عدم التقيد بخطته وقرارات مجلس الأمن، وهو تحديداً ما ينص عليه مشروع القرار الغربي المطروح على التفاوض في مجلس الأمن». وقالت المصادر إن «مراوحة المناقشات تطاول كل الجهود الدولية المتعلقة بسورية ومن ضمنها مهمة أنان، وليس مستقبل بعثة المراقبين وحسب، وهذه هي الرسالة التي سيوصلها أنان الى موسكو». وأظهر اجتماعان لمجلس الأمن أمس، على مستوى الخبراء ثم السفراء، استمرار الانقسام الروسي - الغربي حول مشروع قرار ينص على تجديد ولاية بعثة المراقبين. وقال ديبلوماسيون إن «العد التنازلي يتسارع ولم يتبقّ لبعثة المراقبين سوى ثلاثة أيام قبل أن يصبح وجودها في سورية غير قانوني». وينتهي تفويض مجلس الأمن ل «أنسميس» الجمعة. وعن رفض السلطات السورية منح تأشيرات دخول لعاملين إنسانيين الى سورية، قال ديبلوماسي في مجلس الأمن إن «الوصول الإنساني غير المعوق هو جزء أساسي من خطة النقاط الست، ورفض النظام السوري منح تأشيرات الدخول لعاملين إنسانيين هو مثال آخر من قائمة طويلة حول فشل النظام في تطبيق خطة أنان». ولاحظت اوساط ديبلوماسية ان إعلان اللجنة الدولية للصليب الأحمر أمس أن سورية دخلت مرحلة الحرب الأهلية، يدخل الأزمة السورية في مرحلة جديدة، اذ «تصبح مفاعيل القانون الإنساني الدولي سارية على سورية عملاً باتفاقية جنيف». لكنها قالت «ان إحالة الوضع في سورية على المحكمة الجنائية الدولية يبقى قراراً يعود الى مجلس الأمن وحده، طالما أن سورية ليست عضواً في المعاهدة الناظمة لعمل المحكمة». وقال ديبلوماسيون إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر تمهلت في إعلان النزاع في سورية حرباً أهلية حتى الآن «في محاولة للإبقاء على علاقة مستقرة مع الحكومة السورية لإيصال المساعدات الى المناطق المنكوبة، لكن النزاع الآن انتشر على كل الأراضي السورية وتحول أزمة إنسانية». على صعيد آخر، اعتبر السفير السوري لدى الأممالمتحدة بشار الجعفري أن تقرير الأمين العام بان كي مون عن تطبيق القرار 1701 استند الى معلومات مختلقة. وقال الجعفري، في رسالة الى بان ورئاسة مجلس الأمن، إن «لا أساس من الصحة» لما تضمنه التقرير في شأن «توغلات قوات الأمن السورية وعمليات الاختطاف» التي تقوم بها في لبنان. وأضاف أن «الأمر لا يتعدى محاولات قوات إنفاذ القانون السورية منع تهريب أسلحة ومتفجرات من لبنان الى سورية بدعم قوى سياسية لبنانية لإيصالها الى المجموعات الإرهابية المسلحة الممولة من الخارج».