رأى رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أنه «إذا كانت سياسة النأي بالنفس وضعت وصفاً ملتبساً للاجئين السوريين في لبنان، فإننا نرى أن الواجب الإنساني والأخلاقي يحتم إقامة مخيمات لهم أسوةً بتركيا والأردن لتقديم الحد الأدنى من العون لهم في هذه المرحلة العصيبة». ولفت إلى أن «النظام السوري يضيف إلى سجله الحافل بالقتل مجزرة جديدة في بلدة التريمسة التي اصطاد فيها المئات من الأبرياء العزل»، ودان المجزرة، معتبراً أنها «تمثل همجية ما بعدها همجية»، مشيراً إلى أنه «يوماً بعد يوم تتضح أكثر فأكثر معالم مشروع العصابات الأسدية المتحكمة بسورية ودورها في التدمير المنهجي لهذا البلد ودفعه نحو المجهول والتفتيت والتقسيم». وقال جنبلاط في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الصادرة عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» يُنشر اليوم: «بعدما فشلت سياسة القمع في بداية الثورة وصمد أهل حوران، انتشرت الثورة لتشمل بانياس واللاذقية وسواهما من المدن والقرى، وها هو النظام يدمر ويقتل ويهجر في حمص ومحيطها في مقدمة لما يبدو وكأنه خلق دويلة منفصلة تدمر وحدة سورية». وسأل عما إذا كان تدمير المناطق «يبدو كأنه شريط تطهير وفرز مذهبي؟». وانتقد جنبلاط موقفي روسيا وإيران، وقال: «يحق لنا أن نتساءل ما إذا كانت روسيا تحت شعار دعم النظام السوري ورفض التدخل الخارجي ومساواة الضحية بالجلاد تخفي مصالح نفطية واقتصادية وعسكرية معينة حتى ولو كان على حساب مصلحة الشعب السوري ووحدة سورية؟ وهل تصب زيارة بوتين الرعوية لإسرائيل في هذا السياق أيضاً؟ وهل تشمل إعادة رسم خريطة جديدة للمنطقة بدءاً من سورية إيذاناً بانتهاء حقبة سايكس- بيكو بما يساهم في طمأنة إسرائيل ويلحظ حماية المصالح الروسية في سورية؟». وتابع: «يحق لنا أن نتساءل ما إذا كان وراء موقف الجمهورية الإسلامية أيضاً اعتبارات تتصل بالمصالح النفطية بدءاً من البصرة وصولاً إلى طرطوس وتشمل تقديم وعود مستقبلية بعقد صفقات سلاح مع روسيا ولذلك تروج لنظرية المؤامرة وتواصل تقديم الدعم من دون هوادة للنظام السوري ولو على حساب السوري ووحدة سورية؟». وقال: «ألا يحق للشعب السوري أن يقرر مصيره السياسي أسوةً بالشعب التونسي والمصري والليبي واليمني؟ ألهذا المستوى من الخوف وصلت روسيا وإيران من تلك التجارب الديموقراطية المتنوعة؟». وأكد أنه «قد يكون من الأفضل لروسيا وإيران الإسراع في ترحيل الطغمة الحاكمة قبل فوات الأوان وتوفير المزيد من الضحايا والحفاظ على وحدة سورية». مهمة أنان ورأى جنبلاط أنه «بعد كل ما يحصل من قتل وتدمير وتهجير، يحق للمرء أن يتساءل عن ما يسمى مهمة كوفي أنان وهو الذي سبق له أن سجل فشلاً ذريعاً في البوسنة ما أدى إلى تقسيمها، وهو في بعض الحالات يوحي وكأنه بات ملحقاً بالنظام السوري، وعن دور الجامعة العربية المتراجع وشبه الغائب ومصير مبادرتها الأساسية؟ والملاحظ أن أنان نفسه، على رغم كل ما يثار حول دوره ومهمته، أقر بوقوع مجزرة التريمسة وأدانها». واعتبر أن «الذريعة التافهة للقسم الأكبر من أصدقاء سورية بالامتناع عن تسليح المعارضة خوفاً من اندلاع الحرب الأهلية يجعل من الضروري التساؤل ما إذا كانت المجازر اليومية التي يتعرض لها الشعب السوري لا تماثل الحرب الأهلية ونتائجها الكارثية!». وزاد: «ماذا عن موقف المجتمع الدولي الذي يختبئ خلف الفيتو الروسي- الصيني ويتذرع به ليبرر تخاذله واكتفاءه بالمؤتمرات المتتالية المتنقلة بين العواصم والتي تراكم بيانات الشجب والاستنكار مستخدمة التعابير المنمقة فيما يمعن النظام السوري بتغيير الوقائع الميدانية على الأرض؟». ورأى أنه «لربما كان من المستحسن للرئيس التونسي والبعض من أصدقائه في المعارضة السورية الصورية لو يوضحون كيفية إنقاذ الشعب السوري من هذه الطغمة الحاكمة في ظل إصرارهم على رفض التدخل الخارجي؟». وأكد أنه على رغم «صمت المجتمع الدولي وغياب الجامعة العربية وانعدام كل أشكال الدعم للثورة، سينتصر في نهاية المطاف الوطنيون السوريون كما انتصروا في الماضي القريب ضد الاستعمار الخارجي ورفضوا التقسيم وحافظوا على وحدة سورية ولو أنهم اليوم يواجهون عصابة فاشية في الداخل لا تعرف معنى الرحمة أو الرأفة وتفوق بوحشيتها وحشية الاستعمار مرات ومرات». وتطرق إلى الشان اللبناني، معتبراً أن «إصدار مذكرات توقيف وجاهية بحق العسكريين المسؤولين عن مقتل الشيخ أحمد عبد الواحد ورفيقه هو خطوة على الطريق الصحيح في إطار معالجة هذه القضية بما يحفظ حقوق أهالي الراحلين ويحمي المؤسسة العسكرية من أي محاولات لتوريطها في غير المجالات التي يفترض بها أن تخوضها وهي حفظ الاستقرار والسلم الأهلي». وهنأ جنبلاط وزارة الداخلية «لإدارتها استحقاقاً انتخابياً فرعياً بكثير من الإعداد والتنظيم وهو دل على أن الدولة، عندما تحزم أمرها، فإنها تستطيع القيام بالكثير وأن تفرض حضورها الذي يبقى هو الملاذ الأخير للمواطنين جميعاً». كما حيا أهل الكورة.