تملك النجوم سحراً لناظرها من الأرض. إنها شموس بعيدة. بعضها يشبه شمسنا، وكثير منها يفوقها أضعافاً. تنير الشموس بفضل فرنها النووي الملتهب، حيث تندمج أنوية غازات خفيفة، خصوصاً الهيدروجين، فتنجم عن الإندماج طاقة انفجارية لا توصف، وحرارة لاهبة، إضافة إلى ذرات الهيليوم التي تنفجر أيضاً أو ربما تتحدّ مع ذرات أخرى لتصنع مواد مثل الكربون، بل حتى الحديد. ماذا يحدث حين ينفد وقود هذا الفرن النووي الهائل. بقول آخر، ماذا يحدث في دواخل النجم حين ينفد الهيدروجين؟ ثمة تفاصيل عدّة تتعلّق بما يجري حينها، خصوصاً حين ينفجر نجم نفد وقوده، متحوّلاً إلى كرة نارية ضخمة تعرف باسم «المستعرّ الأعظم» («سوبرنوفا» Super Nova)، بل بطريقة حدوث هذا الانفجار تدريجياً، لكنها تفاصيل ما زالت غامضة. تعيش النجوم حياةً ساحرةً، فتشعّ لملايين أو حتّى بلايين السنين؛ لكنّ الاضمحلال يشكّل بالنسبة إلى نجوم عدّة أمراً أكثر سحراً. فعندما يستنفد الهيدروجين، تنفجر هذه النجوم. وتصبح «سوبر نوفا» هائل الحجم، يشع بضوء يفوق وهج شموس عدة، بل يفوق أحياناً بريق مجرّات كاملة. وشكّل حدوث هذه الانفجارات موضوعاً لدراسات اعتمدت على المشاهدات والنظريات، استمرت عقوداً مديدة. وفي السنوات الأخيرة، سمح تطوّر الحاسوب الفائق لعلماء الفلك بمحاكاة تركيبة النجوم الداخليّة بما يتوازي مع تعقيداتها فعلياً، الأمر الذي ساعدهم على فهم طُرُق حدوث هذه الانفجارات النجمية بشكل أفضل. ولكن ثمة تفاصيل مستغلقة تتعلّق بما يجري داخل النجم فيؤدّي إلى انفجاره، وبالمسار التدريجي لحدوث هذا الانفجار تدريجيًّا. وتخضع النجوم كلّها إلى العمليّة الأساسية نفسها، بمعنى أن فرنها يتغذى من اندماج نووي لذرّات الهيدروجين التي تكوّن غاز الهيليوم، ثم تؤول الأمور إلى صنع مواد أكثر ثقلاً وتعقيداً. ولكن ما يجري عندما ينفد الهيدروجين، يكون رهناً بكتلة هذا النجم وبعوامل أخرى كثيرة. ولذا، رصد علماء الفلك أنواعاً مختلفة من ال «سوبر نوفا» في الكون. ثمة نوع من ال «سوبر نوفا» يعرف باسم «المستعر الأعظم من النمط الثاني». وينجم من انفجار شموس تفوق كتلتها شمسنا بثماني مرات على الأقل. وبعدما يستهلك نجم كهذا كلّ الهيدروجين الموجود في قلبه، معطياً الكثير من كميّات الحديد، يتوقّف عن بثّ الإشعاع. ومع توقف الانفجارات المتصلة بإندماج الهيدروجين، تتوقّف موجات الضغط الانفجاري التي تتوازن، أثناء حياة النجم، مع ثقل طبقاته الخارجيّة. وعندها، تنهار كلّ المواد الموجودة في قلب النجم جرّاء هذا الثقل، وتندمج لتشكّل ما يسمى «النجم النيوتروني». ويترافق هذا الانهيار مع اصطدامات قويّة من شأنها تدمير طبقات النجم الخارجيّة في انفجار ناريَ هائل. ولربّما اعتقد البعض بأنّ النجوم الكبيرة هي التي تصبح «سوبر نوفا» ضخمة. ولكن ليست هذه هي الحال. إذ لا ينتج النجم الذي تفوق كتلته شمسنا ب 20 أو 25 ضعفاً، «سوبر نوفا من النمط الثاني». وفي هذا الصدد، يقول ستانفورد ووسلي، عالِم فيزياء الفلك في جامعة كاليفورنيا، في «سانتا كروز»: «تحتوي النجوم الثقيلة على طبقات كثيفة من الأوكسجين والسليكون خارج ما يتراكم في قلبها من الحديد. وقبل بدء الانفجار، تنهار هذه الطبقات فتحاصر هذا الانفجار. وبذا، بدل أن يتشكّل «سوبر نوفا»، يتكثّف النجم على نفسه، مُكوّناً ثقباً أسود». القسم العلمي بالتعاون مع مركز الترجمة في «دار الحياة»