عندما دُعي السفير النروجي في الرباط بيرون أولاف بلوخوس إلى الخارجية المغربية الجمعة الماضي، لم يكن الأمر يتعلق بالبحث في موقف سياسي ترتب عنه توتر في علاقات البلدين، ولم يكن بهدف الإعداد لزيارات متبادلة، بل بقضية طفلين قاصرين تركهما السفير في مقر إقامته في الرباط بعد جلبهما إلى هناك «في ظروف غامضة». وخلال مداولات السفير الأوروبي والمسؤولين المغاربة في تداعيات القضية التي لا تعدو نتاج خلاف على حضانة الطفلين، أبلغت الخارجية الديبلوماسي النروجي أن سفارة بلاده «لا يمكنها التدخل كطرف في خلاف ذي طابع شخصي وعائلي»، في إشارة إلى النزاع على ضم الطفلين القاصرين إبني العداء المغربي خالد السكاح من مطلقته النروجية آن سيسيلي هوبسكوت التي تعمل في سفارة بلادها في الرباط. وشددت الخارجية المغربية في بيان أول من أمس على أن الطفلين يحملان الجنسية المغربية «ولا يمكنهما مغادرة التراب الوطني من دون ترخيص من والدهما»، خصوصاً أن القضية ما زالت موضع متابعة من طرف القضاء المغربي للبت في حضانتهما. وأعربت عن دهشتها «إزاء هذه التطورات التي لا يمكن قبولها في حال تأكد أن الطفلين غادرا البلاد بطرق غير قانونية، ما يعتبر انتهاكاً صارخاً للقانون المغربي والواجبات التي يفرضها وضع الديبلوماسيين، وفق معاهدة فيينا التي تحتم احترام القوانين السارية المفعول في بلاد الاعتماد». وكشفت مصادر أن القضية أُثيرت الثلثاء الماضي إثر اختفاء الطفلين القاصرين اللذين تحدث والدهما العدّاء السكاح مرات عدة عن إمكان تعرضهما «للاختطاف والترحيل» وقدم إفاداته عن ظروف «اختفائهما» إلى مصالح الأمن التي فتحت تحقيقاً في الموضوع، فيما أكدت الخارجية المغربية أنها «أحيطت علماً بوجود الطفلين داخل إقامة السفير النروجي». ولا يبدو أن المحاولات التي بذلت لإنهاء المشكلة قادت إلى تسوية قبل أن يتطور الأمر إلى ما يشبه «أزمة ديبلوماسية بين الرباط وأوسلو». وتشير مصادر قضائية إلى أن خلافات في زيجات ربطت مغاربة بأجانب أدت الى «مآس إنسانية»، خصوصاً في حال تعذر تسوية هذه الخلافات بطرق ودية. ووقعت حوادث «خطف» أطفال مغاربة لإلحاقهم بآبائهم وأمهاتهم في الخارج أكثر من مرة، إلا أن هذه المرة الأولى التي تدخل فيها الخارجية على خط خلافات من هذا النوع تجاوزت الإجراءات القانونية والقنصلية التي يسري مفعولها في إشكالات مماثلة. وعزت اوساط هذا التطور الى «تدخل» سفارة النروج في نزاع عائلي تضافر فيه وضع الرجل الذي توّج بطلاً مرات عدة، مع وضع زوجته العاملة في سفارة بلدها في المغرب لإضفاء بُعد خاص عليه حتى أنه بات يهدد علاقات البلدين، رغم أن المغرب حظي قبل بضعة شهور بوضع متميز في علاقاته والاتحاد الأوروبي ضمن سياسة الجوار الرامية إلى الانفتاح على بلدان في المحيط الأوروبي.