دعت وزير الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون جميع الأطراف في مصر إلى العمل سوياً من أجل إنجاح التحوّل الديموقراطي، ونفت أن تكون قدمت إلى القاهرة من أجل وساطة بين الرئاسة والمجلس العسكري، لكنها شددت عقب محادثات أجرتها أمس مع الرئيس محمد مرسي على أن نجاح التجربة الديموقراطية يعتمد على بناء إجماع بين المصريين وصيانة دستور يحترم الجميع ويعطي الرئيس صلاحيات كاملة. وأكدت كلينتون، التي تلتقي اليوم رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي، أن واشنطن لا تتوسط بين القاهرة وتل أبيب، لكنها أثنت على تعهد مرسي الحفاظ على «المعاهدات الدولية»، وشددت على دور مصر في السلام الإقليمي. وكان مرسي استقبل بعد ظهر أمس كلينتون والوفد المرافق لها، بعدما وصلت إلى القاهرة لتجد في انتظارها تظاهرات مناوئة أمام القصر الجمهوري في مصر الجديدة وأمام السفارة الأميركية في ضاحية غاردن سيتي. وتردد مساء أن كلينتون قد تلغي زيارة مقررة لها الى الإسكندرية بسبب هذه التظاهرات. وشددت كلينتون في مؤتمر صحافي عقدته مع نظيرها المصري محمد كامل عمرو، بعد اجتماعاها مع الرئيس مرسي، على ضرورة احترام أطياف المجتمع المصري كافة و«حقوق الأقليات»، ودعت إلى «الحفاظ على دور مصر القيادي» في المنطقة العربية وافريقيا. وأشارت إلى أن الحديث مع الرئيس المصري كان مطولاً وتناول قضايا عدة تخص مصر والمنطقة. وقالت «إن هذا الوقت يزخر بأحداث تاريخية متميزة لكل المصريين الذين يشهدون حالياً مفاوضات معقدة حول كل نواحي حياتهم». وأكدت أن المصريين فقط «بإمكانهم الإجابة عن كل القضايا التي تُثار حولها خلافات من الدستور وحتى البرلمان وحتى صلاحيات الرئيس». وتعهدت كلينتون بدعم الشعب المصري و «تحوّله الديموقراطي». وقالت «لقد ناقشنا مع الرئيس (مرسي) كيفية تطوير العلاقات بين مصر وأميركا... وتطرقنا إلى كيف بإمكان أميركا الاستمرار في دعم مصر اقتصادياً من خلال إعفاء مصر من بليون دولار من ديونها لأميركا». وقالت إن الإدارة الأميركية ستعمل على دعم الموازنة المصرية، وأضافت: «سندعمكم من خلال المؤسسات الدولية ونركز على تعزيز التجارة والاستثمار، ونحن مستعدون لتقديم 250 مليون دولار لمساعدة الأعمال التجارية الصغيرة والمتوسطة، كما سيزور وفد من رجال أعمال أميركيين مصر قريباً لاكتشاف فرص الاستثمار والتجارة، وسنتابع تأسيس صندوق مصري - أميركي للمساعدة على تعزيز الاستثمار وسنطلق هذا الصندوق بمبلغ 60 مليون دولار». وقالت: «تحدثت حول أهمية الحفاظ على التحوّل الديموقراطي، وأثنيت على تعهد الرئيس مرسي بأن يكون رئيساً لجميع المصريين، وشددت على أن المصالح الاقتصادية المشتركة مع مصر تفوق الخلافات بيننا ونريد أن ندعم مسيرة الديموقراطية في مصر وندعم توجه الشعب المصري الذي بلغ تعداده 90 مليون نسمة». ولفتت إلى أنها أثارت مع الرئيس «دور مصر كدولة قيادية في المنطقة وضرورة احترام المعاهدات الدولية». لكنها نفت بشدة أن تكون قدمت إلى القاهرة للتوسط في شأن عقد لقاء بين مرسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وقالت إن الولاياتالمتحدة لن تتدخل في العلاقة بين مصر وإسرائيل، و «لن نقوم بأي ترتيب بين مصر وإسرائيل، لكننا نساند السلام وسنعمل لاستمرار هذه العلاقة». وقالت «نريد ان نكون شريكاً جيداً وان ندعم الديموقراطية التي تحققت بفضل شجاعة وتضحية الشعب المصري». وتابعت أن «الديموقراطية صعبة (...) وهي تتطلب حوارا وتفاهما» موضحة «نحن نريد المساعدة. لكننا نعلن ان الشعب المصري هو صاحب القرار وليس الولاياتالمتحدة». ونفت أن يكون الرئيس مرسي أثار معها قضية الشيخ الضرير عمر عبدالرحمن المسجون في أميركا الذي كان وعد بعد تسلمه منصبه بأنه سيعمل على الإفراج عنه. من جانبه، أكد زير الخارجية محمد كامل عمرو أن زيارة وزيرة الخارجية الأميركية تعد أول زيارة لها بعد الانتخابات الرئاسية، ووصف الزيارة بأنها مهمة جداً. وقال «إن العلاقات وثيقة ومتينة بين البلدين وتعمل في صالح الطرفين». وأضاف: «عملنا سوياً على مدار الأربعين سنة الماضية». وأشار إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية قابلت الرئيس وبحثت عدداً من القضايا على مختلف الأصعدة ومنها الأوضاع الإقليمية، وأكد أن الاجتماع تميز بالود والصراحة والوضوح من الجانبين. وتاتي زيارة كلينتون في خضم صراع قوة بين مرسي، القيادي السابق في جماعة الاخوان المسلمين، وبين المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي عهد اليه الرئيس السابق حسني مبارك بالسلطة لدى تنحيه عام 2011، والقضاء الذي قضى بعدم دستورية الانتخابات التي انتخب على اساسها مجلس الشعب الحالي، الذي يهيمن عليه الاسلاميون، والذي اصبح بذلك «غير قائم بقوة القانون». وخلال زيارتها التي تستمر يومين ستلتقي كلينتون اضافة الى المشير طنطاوي ممثلين للمجتمع المدني خصوصاً الاقباط وناشطات في الدفاع عن حقوق المرأة. وقال مسؤول أميركي في إيجاز إلى الصحافيين، قبل المحادثات، إن الوزيرة كلينتون تريد بدء «حوار جدي» مع الرئيس المصري الجديد. وأوضح إنها تركز على ثلاثة مواضيع أولها اقتصادي حيث ستناقش كيف يمكن للولايات المتحدة أن تدعم استقرار الوضع الاقتصادي في مصر من خلال تعهدات بمساعدات اقتصادية ومن خلال دعم مصر في المحافل المالية الدولية. وفي شأن عملية الانتقال السياسية، قال المسؤول إن كلينتون «تواقة للاستماع» إلى آراء الرئيس مرسي والمشير طنطاوي والمجتمع المدني في شأن القضايا مثار الخلاف مثل اللجنة التأسيسية للدستور وقضية حل البرلمان و«عملية الانتقال إلى الحكم المدني الكامل». واضاف المسؤول أن هذه الأمور «يجيب عنها المصريون» وأن كلينتون لم تأت معها بمقترحات محددة بل جاءت للاستماع إلى مواقف الأطراف من هذه الخلافات. لكنه قال إنها ستشدد مع المسؤولين المصريين على أهمية تجنّب المواجهات بينهم وما يمكن أن يجره ذلك من عملية لا إستقرار قد تعرقل العملية الانتقالية. وقال إن الولاياتالمتحدة مع «برلمان كامل التمثيل، وعملية دستورية شاملة تنتج عنها وثيقة تحمي حقوق جميع المصريين». وأوضح أن الوزيرة تعتقد أن «الديموقراطية في مصر يمكن فقط أن تنجح وتتحقق تطلعات الثورة إذا تمت حماية حقوق جميع المصريين، بما في ذلك حقوق الأقليات، بما في ذلك الأقليات الدينية، وحقوق النساء». وأضاف إن كلينتون تريد أن تسمع من المشير طنطاوي عن خطط المجلس العسكري في شأن «الانتقال الكامل إلى الديموقراطية في مصر»، لافتاً إلى أن طنطاوي أكد أن هذا هو «الهدف النهائي» الذي يسعى إليه المجلس العسكري.