في ما بدا مؤشراً إلى تعثر جهود تشكيل الحكومة الجديدة، أعلنت الرئاسة المصرية أن إعلان اسم رئيس الوزراء الجديد لن يتم قبل عودة الرئيس محمد مرسي من أديس أبابا التي يزورها غداً لمدة يومين، فيما حذرت جماعة «الإخوان المسلمين» من حل الجمعية التأسيسية للدستور التي شكلها البرلمان المنحل والتي تنظر محكمة القضاء الإداري الثلثاء المقبل في دعاوى بطلانها. وبعد أن كان القائم بأعمال الناطق باسم الرئاسة ياسر علي توقع قبل ثلاثة أيام أن يتم إعلان اسم رئيس الوزراء خلال يومين، ما عزز التكهنات بإعلانه بعد عودة مرسي من السعودية، عاد علي يؤكد أمس أن «الرئيس يجري حالياً مشاورات مع كل القوى الوطنية للتوصل إلى الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الجديدة». وقال إنه سيتم تسمية هذه الشخصية «قريباً»، من دون تحديد موعد، وبعد أن يستكمل الرئيس مشاوراته في هذا الصدد بعد عودته من زيارته لأديس أبابا للمشاركة في القمة الأفريقية، ما يوحي بأن الرئاسة لم تستقر بعد على اسم رئيس الوزراء وأن المشاورات ستستمر حتى بعد عودة مرسي من إثيوبيا. وقال علي إن مرسي استقبل حتى الآن «مجموعة من الشخصيات الوطنية التي تتمتع بالكفاءة والسمعة الحسنة والاحترام، وسيتم قريباً اختيار الشخص المناسب لرئاسة الحكومة الجديدة»، واصفاً هذا المنصب بأنه «مهمة صعبة وشاقة في هذه الظروف التي تمر بها مصر حالياً»، في إشارة إلى ما يبدو إلى رفض شخصيات المنصب. وتوقع أن تكون الحكومة الجديدة «ائتلافية»، مشيراً إلى أن «القوى الوطنية سيكون لها إسهامها في اختيار الوزراء الجدد بعد مشاورات مع كل من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء». ونفى التكهنات بتحديد اسم رئيس الوزراء الجديد. ورداً على سؤال عن تصريحات قياديين بارزين في حزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية ل «الإخوان»، عن تصورات لشكل الحكومة الجديدة ونواب الرئيس ومستشاريه، قال علي إنه «الشخص الوحيد الذي يعبر رسمياً عن مؤسسة الرئاسة». وعن حكم المحكمة الدستورية الأخير بإلغاء قرار الرئيس بعودة مجلس الشعب، قال علي إن «الرئيس يجري مشاورات مع كل القوى الوطنية وشيوخ القضاء للخروج من هذا المشهد والتوصل إلى حل يعيد للإرادة الشعبية وجودها والانتقال إلى مرحلة من الاستقرار». وكان آلاف تجمعوا أمس في ميدان التحرير في «مليونية الصمود» للمطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل الذي أصدره المجلس العسكري واحتفظ لنفسه بموجبه بسلطة التشريع وتعيين جمعية تأسيسية جديدة في حال عُطلت الجمعية الحالية لأي سبب. وشكلت القوى الإسلامية غالبية المتظاهرين، إذ شاركت في التظاهرات جماعة «الإخوان» و»الجماعة الإسلامية» والسلفيون وأنصار المحامي السلفي حازم أبو إسماعيل، وحرصت جماعة «الإخوان» على حشد أكبر عدد من أنصارها في المحافظات عبر نقلهم إلى ميدان التحرير ليمثلوا قوة ضغط بمثابة تحذير استباقي من حل الجمعية التأسيسية، كما شارك في التظاهرات عدد من القوى الشبابية أهمها «حركة 6 أبريل». وأعلن أنصار أبو إسماعيل اعتصامهم في التحرير إلى حين إسقاط الإعلان الدستوري المكمل. كما عُلم أن أوامر صدرت إلى المكاتب الإدارية لجماعة «الإخوان» في المحافظات من أجل الإبقاء على عدد من أعضاء الجماعة في اعتصام الميدان، لكنها ستبقى أعداداً رمزية. وحمل المتظاهرون كثيراً على مؤسسة القضاء ورفعت عشرات اللافتات التي تطالب بتطهير القضاء وترفض حكم المحكمة الدستورية العليا بإلغاء قرار الرئيس إعادة البرلمان. وردد المتظاهرون هتافات بينها: «يسقط يسقط حكم العسكر» و «باطل.. باطل.. إعلان دستوري باطل»، ورفعوا لافتات كبيرة كُتب عليها «لا للإعلان الدستوري المكمل». ورفع مئات صوراً لمرسي كُتب تحتها «حل البرلمان باطل». وهاجم المتظاهرون المحكمة الدستورية العليا وقضاتها، مطالبين الرئيس بعزلهم. وحمل المتحدثون من على منصة «الإخوان» والسلفيين كثيراً على المحكمة واعتبروها «أداة المجلس العسكري للاستمرار في السيطرة على الحياة السياسية». وكان خطيب الجمعة في التحرير مظهر شاهين طالب الشعب بالالتفاف حول مرسي «والتصدي للذين يحاولون إفشال مهمته ووضع العراقيل أمامه». وقال: «نحترم الشرعية والقضاء والجيش ولكن هناك من يحاول زعزعة استقرار البلاد والانقلاب علي شرعية الشعب المتمثلة في الرئيس بهدف جر البلاد إلى حرب أهلية»، معتبراً أن «هناك مؤامرة تدبر ضد الرئيس لنزع صلاحياته حتى يظهر وكأنه لا يستطيع تحقيق أهداف الثورة، ليشعر الشعب بالإحباط، ثم يخرج من يطالب الشعب بالخروج على الشرعية والانقلاب على الرئيس وإسقاطه». وطالب «أصحاب المطالب الفئوية» ب «الصبر على الرئيس ليتمكن من ترتيب أوضاعه وتحقيق مطالبهم». وقال القيادي في جماعة «الإخوان» حسين إبراهيم ل «الحياة» إن «البعض راهن على تفجير الجمعية التأسيسية من جديد، لكن هذا لم يحدث فلجأ إلى القضاء للإجهاز عليها»، متسائلاً: «لماذا يبكر القضاء الإداري النظر في دعاوى الطعن على الجمعية التأسيسية للدستور؟» التي كانت مقررة في أيلول(سبتمبر) المقبل. وأضاف: «حينما وجدوا أن الجمعية اقتربت من إنجاز المهمة يريدون حلها، هل يجوز تسييس القضاء إلى هذا الحد؟». وأشار إلى أن «البعض راهن على أن المادة الثانية من الدستور (الخاصة بالشريعة الإسلامية) ستفجر الجمعية، ولما وجدوا أن الجميع اتفق عليها وتجاوزنا الخلاف في شأنها لجأوا إلى تفجيرها عبر القضاء». وأوضح أن «الحشد في ميدان التحرير لمساندة الرئيس وأيضاً للدفاع عن الإرادة الشعبية والتصدي لهذا العبث، والرئيس حين امتثل لحكم الدستورية بإلغاء قراره، فهذا مصدر قوة لا ضعف، لكن نسأل حين تخالف المحكمة الدستورية قانونها، من يتصدى لها؟». ورأى أن «المحكمة خالفت القانون وقضت بما لا اختصاص لها فيه، ولم يحاسبها أحد». وحذر من أن «الشعب المصري لن يقبل أبداً بأن يتم تعيين جمعية تأسيسية للدستور تكتب ما يريده من عينها». وقال: «نحن في أزمة، فلا أحد يقبل أن مجلساً منتخباً يُحل بحكم قضائي لتظل سلطة التشريع في أيدي غير المنتخبين، الكل يرفض هذا الأمر، وإن قضى القضاء الإداري بحل الجمعية التأسيسية للدستور، فلا أتصور أن يقبل الشعب أن يعين المجلس العسكري جمعية تأسيسية يُراد لها أن تضع دستوراً لا يقبله الشعب ويريده فقط من حل الجمعية التأسيسية الشعبية... إن حدث ذلك فسيفرض الشعب إرادته». من جهة أخرى، يستقبل مرسي اليوم وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي تزور مصر وإسرائيل. وستزور كلينتون خلال زيارتها التي تستغرق يومين القاهرةوالإسكندرية وتلقي كلمة في مكتبة الإسكندرية كما تفتتح القنصلية الأميركية الجديدة في الإسكندرية. ومن المقرر أن تتناول المحادثات بين مرسي وكلينتون مسار التحول الديموقراطي في مصر والعلاقات المدنية - العسكرية والالتزام بحقوق الإنسان وأوضاع الأقليات الدينية في مصر ومسألة تشكيل الحكومة وكذلك اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، وضبط الأوضاع الأمنية في سيناء ومستقبل وضع معبر رفح. ووصفت السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون زيارة كلينتون إلى القاهرة ب «المهمة للغاية»، مشيرة إلى أن كلينتون «مهتمة جداً بزيارة مصر، ولقاء الرئيس محمد مرسي وعدد من رموز المجتمع المدني». وقالت في تصريح أمس: «تم حض الشركات الأميركية على الاستثمار في مصر، إذ أن السوق المصرية تمثل فرصة واعدة وبعيدة المدى، كما أن وضع مصر الإقليمي يمكنها من أن تمثل أرضية كبيرة للأسواق والتجارة في أفريقيا وبقية دول الشرق الأوسط». ومن المقرر أن تبدأ وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون زيارة إلى القاهرة الأربعاء المقبل تستغرق يوماً واحداً، تجري خلالها محادثات مع مرسي ورئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوى ووزير الخارجية محمد كامل عمرو، كما ستلتقي ممثلين عن منظمات المجتمع المدني.