عطلت روسيا تبني مجلس الأمن بياناً صحافياً غير ملزم يدين «مجزرة» التريمسة قرب حماه «وانتهاك الحكومة السورية التزاماتها باستخدام المدفعية والدبابات والمروحيات» ضد المراكز السكنية «طالبة المزيد من الوقت للاطلاع على حقيقة الوضع الميداني» وفق ديبلوماسيين شاركوا في مناقشة نص مشروع البيان، فيما تواصلت ردود الفعل المنددة بمقتل نحو 150 شخصاً في تريمسة قبل يومين. واستمر الانقسام في مجلس الأمن حول مشروع قرار غربي يهدد بفرض عقوبات تحت الفصل السابع على النظام السوري فيما قال ديبلوماسي دولي رفيع إن المبعوث الخاص المشترك كوفي أنان سيصل غداً الإثنين الى موسكو، بينما يزور الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بكين في اليوم نفسه «وستناقش الأزمة السورية في الزيارتين». واستكمل سفراء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن جولة مشاوراتهم حول مشروع قرار تجديد ولاية بعثة الأممالمتحدة للمراقبة في سورية (أنسميس) في ظل استمرار الانقسام حول الفصل السابع والتهديد بفرض عقوبات لا تتضمن استخدام القوة. وقال ديبلوماسي رفيع شارك في المشاورات مساء الجمعة في مقر البعثة البريطانية في نيويورك إن الدول الغربية «مستعدة للتفاوض حول فقرات في مشروع القرار البريطاني لكن الفصل السابع والتهديد بالعقوبات هما روح مشروع القرار وأساسه». واعتبر أن «عودة روسيا الى التذكير بليبيا عند كل مفصل من مفاصل المناقشات المتعلقة بسورية هو الهراء بعينه». وأضاف: «تعلم روسيا أن غالبية أعضاء مجلس الأمن تؤيد الفصل السابع والتهديد بإجراءات وسنواصل المشاورات طوال الأسبوع المقبل علنا نقنع الروس بالامتناع عن التصويت على الأقل، لكننا نفضل أن يصوت مجلس الأمن موحداً على القرار»، موضحاً أن «الموعد المبدئي للتصويت هو الأربعاء لكن المشاورات قد تستمر حتى الجمعة». وتنتهي ولاية بعثة المراقبين الدوليين الجمعة وفي حال عدم تجديد مجلس الأمن تفويضه لها يصبح بقاء المراقبين في سورية غير قانوني. وفي محاولة لإرضاء روسيا أدخلت بعض التعديلات غير الجوهرية على مشروع القرار البريطاني بعد يومين من المشاورات حيث أضيفت فقرة «تدين العنف المسلح بكل أشكاله بما فيه من مجموعات المعارضة المسلحة»، وأخرى «تدين سلسلة التفجيرات التي دل بعضها على وجود طرف ثالث» (التسمية الروسية للتنظيمات المتطرفة). وشطبت فقرة «تطلب من الأطراف السوريين العمل مع المبعوث (أنان) على تطبيق سريع لخطة الانتقال المقرة في بيان مجموعة العمل في جنيف والتي تتضمن تشكيل حكومة انتقالية وتعديل الدستور وإجراء انتخابات متعددة» واستبدلت بفقرة «تدعو الأطراف الى العمل على تطبيق البيان الختامي لمجموعة العمل بما يضمن سلامة الجميع في جو من الاستقرار والهدوء». ووفق نص مشروع البيان الصحافي غير الملزم الذي اقترحته كولومبيا (رئيسة المجلس للشهر الحالي) وعطّلته روسيا «يعبر مجلس الأمن عن القلق البالغ ويدين التصعيد الصارخ للعنف بأقسى العبارات» ويعتبر أن «استخدام المدفعية والدبابات والمروحيات هو انتهاك من الحكومة السورية لواجباتها والتزاماتها بوقف استخدام السلاح الثقيل في المراكز السكنية بموجب خطة النقاط الست وقراري مجلس الأمن 2042 و2043». ووفق مشروع البيان «إن هذا الاستخدام المشين للقوة ضد السكان المدنيين يشكل انتهاكاً للقانون الدولي ولالتزامات الحكومة السورية عملاً بقراري مجلس الأمن 2042 و2043 لجهة وقف العنف بكل أشكاله بما فيه استخدام السلاح الثقيل في المراكز المدنية». ووفق النص نفسه «يصر مجلس الأمن على التطبيق الكامل لهذين القرارين ويكرر أن العنف بكل أشكاله من جميع الأطراف يجب أن يتوقف». ويجدد المجلس وفق مشروع البيان «دعمه الكامل لجهود المبعوث الخاص المشترك لتطبيق خطة النقاط الست ويطلب منه إبلاغ الأطراف السوريين بأوضح السبل، والحكومة السورية على وجه الخصوص، مطالب مجلس الأمن». وطلب المندوب الروسي إرجاء تبني مشروع البيان الى صباح الإثنين «لدراسته وللاطلاع على المزيد من المعلومات الميدانية» وفق ديبلوماسيين. وكان أنان حض مجلس الأمن على التحرك في شكل عاجل لتوجيه رسالة بأن «تبعات ستترتب على عدم التقيد بالالتزامات». ووجه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون رسالة الى مجلس الأمن حصلت «الحياة» على نسخة منها قال فيها «في ضوء التقارير المأسوية الآتية من قرية تريمسة قرب حماه عن القتال المركز وعدد الضحايا الكبير». وأضاف «أن استخدام المدفعية والدبابات والمروحيات وفق ما أكدته بعثة الأممالمتحدة للمراقبة في سورية هو انتهاك من الحكومة السورية لتعهداتها والتزاماتها». وقال إن «الحكومة السورية وعلى رغم وعودها المتكررة (...) زادت من عملياتها من خلال استخدام القصف ووحدات المشاة المؤللة والمروحيات القتالية في المراكز السكنية». وأضاف أن «تحرك مجلس الأمن لا يمكن أن يكون أكثر إلحاحاً في ضوء الأحداث الأخيرة»، مشيراً الى ضرورة «إصرار المجلس على تطبيق قراراته وتوجيه رسالة الى الجميع بأن عواقب ستترتب على عدم التقيد بها». ودعا بان كي مون أعضاء مجلس الأمن الى «البناء على البيان الختامي لمجموعة العمل من أجل سورية ومتابعة وعودهم للعمل بموجبها». وقال: «يجب فرض ضغوط موحدة ومستمرة وفعالة الآن». وقال إن على الحكومة السورية أن «توقف سفك الدماء والاعتراف بأن المواجهة العسكرية هي الطريق الخطأ ويجب أن تتوقف حالاً» وحض «المعارضة المسلحة أيضاً على التزام واجباتها بموجب خطة النقاط الست». ودان رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبدالعزيز النصر «القتل الجماعي في قرية التريمسة». ودعا السلطات السورية الى «تأمين الحماية الضرورية والأمن لمراقبي الأممالمتحدة لتمكينهم من زيارة موقع الجرائم الوحشية». وشدد على أن استخدام القوات الحكومية السلاح الثقيل هو «انتهاك للقانون الدولي الإنساني وتعهدات الحكومة السورية». ودان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي السبت بشدة مقتل 150 شخصاً في التريمسة في سورية، وقال في بيان نشر على موقعه: «اثارت المجزرة البشعة التي وقعت أخيراً في بلدة التريمسة التابعة لمحافظة حماة السورية مشاعر القلق والاستنكار». وأضاف «ينبغي ان تشكل هذه الجريمة المنكرة التي ندينها ونستنكرها بشدة من اي جهة صدرت، حافزاً اضافياً للجميع لترك نهج العنف والقتل والانتقام والارهاب في حل المشاكل». وأكد رئيس الوزراء العراقي ان «هذه الجريمة وغيرها من الفظائع يجب ان تحضنا جميعا على تسريع الخطى لايجاد حل سلمي ينقذ سورية الشقيقة من منزلقات خطيرة ويحقق آمال الشعب السوري الشقيق في حياة حرة كريمة يسودها الامن والاستقرار». ودان وزير الخارجية الكندي جون بيرد بشدة المجزرة «المروعة» التي شهدتها بلدة التريمسة، مؤكداً ان ما جرى «لا يغتفر» وداعياً مجلس الامن الى الاتفاق على مشروع قرار في شأن سورية. وطالب بيرد في بيان «اولئك القادرين على ممارسة نفوذ على سورية ببذل قصارى جهدهم لوقف اعمال العنف هذه فوراً». وأضاف الوزير ان بلاده «تحض كل اعضاء مجلس الامن على الاتفاق على قرار يفرض على نظام (دمشق) عقوبات اقتصادية صارمة وملزمة». كما أعربت وزارة الخارجية البرازيلية في بيان «تنديدها الشديد بالقمع العنيف للمدنيين العزل وذكرت بالتزامات الحكومة السورية التي تضمنتها النقاط الست للسلام التي تقدم بها المبعوث الخاص» انان. وأضاف البيان ان البرازيل «تحض الحكومة السورية على الوقف الفوري لأي عمل عسكري ضد المدنيين والتعاون مع بعثة الاممالمتحدة».