مع كل مجزرة في سورية، تحوم في الأفق صورة الرئيس السابق حافظ الأسد، فما الذي تغير بين أب وابنه سوى إعلان المجازر حال حدوثها؟ جمع المجتمع الدولي ممثلاً بهيئة الأمم ومجلس الأمن بين الفرجة والسماح بمهل إضافية لمزيد من القتل، في حين تحول المراقبون الدوليون إلى ديبلوماسيين حتى في بياناتهم، فالمجزرة في «تريمسة» هي - بحسب المراقبين - «امتداد لعمليات القوات الجوية السورية في المنطقة»! وهم ممنوعون من الدخول للمواقع المأزومة، ولا يتوقع مع بروز مطالبات أن يتم تحقيق دولي في مجزرة التريمسة، بسبب رفض النظام المحصن بالحماية الروسية. ومنذ أن ظهرت روسيا على خط الأزمة السورية والحديث متواصل عن «تغير في موقف روسيا»! حفلت وسائل الإعلام بهذه التمنيات، لكن روسيا ترفع صوتها بنفي واضح حتى الآن. الواقع يقول إن موقف روسيا يتقدم لصالح نظام بشار الأسد، بل إنه تطور من العرقلة إلى إدارة الأزمة واستلام الملف، مع محاولة احتضان بعض أطراف المعارضة أو تيئيسها. الحل في سورية غير متوفر، فهو - بحسب روسيا ونظام دمشق - يكمن في الحوار، والمعارضة لن تحاور الجزّار، لذا فإن الأنظار بما فيها أنظار مجلس الأمن، وسكرتير الأممالمتحدة، مركزة على تطورات الواقع الميداني. الحل سيأتي أو يتبلور من خلال الحسم العسكري على الأرض، تنتظر روسيا أن يحسم النظام الأمر لصالحه، ليتوفر واقع جديد، لكنه مع المهل المتعاقبة وتفوق القوة فشل في تحقيق المراد، بل إن التشقق في النظام والانشقاق عنه يزدادان وإن ببطء، لكنهما مستمران مع تحول نوعي في مستويات رتب شرائح تقفز من السفينة الغارقة. ومن الواضح أنه مع التفوق العسكري للنظام، هناك أزمة عميقة في المعنويات يمكن رصدها مما يصدر عن الإعلام السوري. وتتميز سورية بأنها الدولة الوحيدة في العالم، التي لديها مخابرات جوية على الشعب والمؤسسات، عن جهاز الرعب هذا قال ضابط منشق ل «الحياة»، إن المخابرات الجوية تقوم بدور المشرف والمراقب على كل مؤسسات الدولة، وأنها نفذت الضربة الأولى لدرعا بمشاركة أجهزة أخرى، وتستطيع إصدار أوامر حتى «للفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد». ويصف الضابط تعامل أفراد المخابرات حتى مع الجثث، «شاهدت بأم عيني حوالى 120 جثة تم إحضارها إلى الفرع الذي كنت أعمل فيه، كانوا يضربون الجثث بشكل هستيري، ويخاطبونها بالقول: بدكم تبيدو العلوية يا عراعير». وميزة معلومات الضابط «العلوي» - آفاق أحمد - أنه كان مديراً لمكتب رئيس وحدة العمليات الخاصة بالمخابرات الجوية السورية، وهو تحدث عن انشقاق رتب عليا، وقدر عدد المنشقين بمئة ألف من مختلف الأجهزة الأمنية، والكثير من الضباط مهيأون للانشقاق. www.asuwayed.com