سار مجلس الدوما (البرلمان) الروسي خطوة إضافية على طريق التضييق على تحركات المعارضة، وأقر في اختتام دورة أعماله الربيعية أمس، قانونين مثيرين للجدل أطلقا موجة سخط وآثارا انتقادات غربية. وفي آخر جلسة يعقدها المشرعون الروس قبل بدء عطلتهم الصيفية شهد الدوما سجالات حادة أثناء مناقشة قانون يشدد القيود على عمل المؤسسات والمنظمات التي تتلقى تمويلاً خارجياً ويصفها بأنها «عميلة للأجانب». وأيد القانون نواب حزب «روسيا الموحدة» الحاكم بالإجماع، فيما قاطعت بقية الأحزاب الجلسة. ويشترط القانون الجديد لتسجيل المؤسسات التي تتلقى تمويلاً أجنبياً على الأراضي الروسية ولممارسة نشاطها، أن تخضع لرقابة خاصة من جانب هيئات تنظم عملها وتراقب كشوفاتها المالية ونشاطها. واستثنى القانون المنظمات التي تقوم بنشاط خيري أو تعليمي أو التي توجه نشاطها إلى الأطفال. ويفرض القانون عقوبات صارمة على المؤسسات التي «تحرض المواطنين على عدم احترام الواجب الوطني» أو التي تحرض على العنف أو يمكن أن يتسبب نشاطها بأذى للمواطنين الروس وتصل عقوبة «العملاء الأجانب» إلى السجن لفترات تتراوح بين سنتين وخمس سنوات مع غرامات مالية باهظة. قانون «ستاليني» وفي أول ردود الفعل وصف معارضون روس القانون الجديد بأنه سيشكل ذريعة لخنق أي نشاط لصناديق أو مؤسسات تتلقى دعماً من خارج البلاد حتى إذا كان التمويل يأتي من مغتربين روس. وعقد البعض مقارنات بين القانون في شكله الجديد والقوانين التي كانت سارية في عهد الزعيم السوفياتي يوسف ستالين التي حملت تسميات لا تبعد في جوهرها كثيراً عن تسمية القانون الجديد، وأبرزها قانون «أعداء الشعب» الذي تسبب بإعدام كثيرين وسجن مئات الآلاف. ويقول المشرعون، واضعو هذا القانون، إنه ينسجم والقوانين المماثلة له في دول أوروبية والقانون المعتمد في الولاياتالمتحدة، ويراعي الظروف الموضوعية الروسية، ولا يتناقض مع المعاهدات والمواثيق الدولية التي ترعى حقوق الإنسان. لكن الروس يتوقعون أن يصعد القانون من انتقادات الغرب لأوضاع حرية التعبير وانتهاكات حقوق الإنسان في بلادهم. مكافحة الافتراء وتزامن إقرار القانون مع آخر مثير للجدل وحمل أيضاً تسمية لافتة هي مكافحة الافتراء. ويفرض عقوبات مشددة على وسائل الإعلام أو الصحافيين الذين ينشرون مواد تسيء إلى أشخاص بصفتهم الشخصية أو الوظيفية. وحول القانون بصيغته المعطلة جرم الافتراء إلى باب الجرائم الفادحة بعدما كان يدخل في السابق ضمن تصنيف المخالفات، ويعاقب من يثبت عليه الافتراء بغرامات مالية تتراوح بين نصف المليون إلى خمسة ملايين روبل أي نحو 170 ألف دولار. ونظم صحافيون روس اعتصاماً في البرلمان أثناء الجلسة الصاخبة التي أقر فيها القانون واعتبروه نقطة تحول تزيد من خنق الحريات في روسيا. ويأتي إقرار القانونين الجديدين بعد مرور أسابيع قليلة على إقرار قانون يقيد التظاهرات واعتبر معارضون أن الكرملين يعمل على خلق مناخ مريح لضرب المعارضين بيد من حديد وإجهاض محاولاتهم لتوسيع نشاط المعارضة في الشارع الروسي. واعتبر أليكسي نافالني المعارض الذي برز اسمه خلال الشهور الأخيرة أن الرئيس فلاديمير بوتين «يعمل على إعادة البلاد عشرات السنين إلى الوراء».