أثار اقرار البرلمان الروسي أمس، مشروع قانون لتشديد القيود على التظاهر، عاصفة من الجدل وموجة غضب عارمة في أوساط المعارضة التي وصفته بأنه «وثيقة لإعدام الدستور الروسي»، فيما دعت منظمات حقوقية الرئيس فلاديمير بوتين إلى عدم المصادقة على القانون الذي تجاوز المرحلة الثانية لاعتباره نافداً، بعدما صادق مجلس الدوما عليه أول من أمس. يأتي ذلك بعد عقد مجلس الفيديرالية (الشيوخ) جلسة صاخبة استمرت أكثر من عشر ساعات، وانتهت بحسم حزب «روسيا الموحدة» الحاكم الذي يملك أكثر بقليل من نصف مقاعد البرلمان التصويت لمصلحة القانون، على رغم معارضة أحزاب له. وفور اعلان رئيسة مجلس الشيوخ فالنتينا ماتفيينكو اقرار القانون ثار زلزال من ردود الفعل الغاضبة على شبكات التواصل الاجتماعي، ووصف ناشطون القانون بأنه «فضيحة». واعتبر البعض تاريخ اقراره «يوم حداد على وفاة الدستور الروسي»، مؤكدين ان المجموعات الشبابية ستواجه عقبات كبرى في تنظيم احتجاجات. ويضيّق القانون الذي اخضع لتعديلات واسعة قبل اقراره، الخناق على حراك المعارضة ويضع قيوداً مشددة على تنظيم التظاهرات. وينص أحد بنوده على معاقبة منتهكيه بساعات عمل إلزامية طويلة، وفرض غرامات مالية ضخمة على منظمي التظاهرات المخالفة تصل قيمتها الى 600 ألف روبل (نحو 20 ألف دولار)، وهو رقم «كبير جداً» بحسب المعارضين. وفيما لا يدخل القانون قيد التنفيذ بموجب الدستور الروسي إلا بعد توقيع الرئيس بوتين عليه، اكد الناطق باسمه ديمتري بيسكوف ان بوتين «لن يفرض فيتو على القانون، الا اذا خالف مبادئ حقوق وحريات الانسان المعتمدة في اوروبا». وأضاف: «سيدرس الرئيس بوتين القانون بعناية قبل توقيعه، خصوصاً انه أخضع لتعديلات كثيرة خلال مناقشته في البرلمان. وهو متمسك بعدم فرض قيود على الحريات، لكن يجب ان يأخذ في الاعتبار ايضاً مصالح كل شرائح المجتمع». وأشارت مصادر قريبة من الكرملين الى ان القانون الجديد «لا يحتوي مخالفات لحقوق الانسان»، ووصفته بأنه «أقل تشدداً من بعض القوانين في اوروبا»، ما عزز مخاوف المعارضة من أن توقيع الرئيس عليه مسألة «شكلية». وأعلن رئيس «مجلس تنمية مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الانسان» ميخائيل فيدوتوف انه طالب في رسالة وجهها الى بوتين باعادة مناقشة القانون وادخال تعديلات عليه، مشيراً الى انه سيوجه خطاباً آخر الى رئيسة مجلس الشيوخ لمطالبته بإعادة النظر في مشروع القانون «المرفوض لأسباب عدة تتعلق بمضمونه وطريقة تمريره في البرلمان». في غضون ذلك، دعا ناشطون إلى تجاهل القانون الجديد وتحدي السلطات عبر النزول إلى الشارع. وتوقع بعضهم تنظيم تظاهرات غضب كبرى خلال احياء يوم الدستور الثلثاء المقبل، وهو عيد وطني في روسيا. وسبق ان دعت المعارضة أنصارها للنزول إلى الشارع في هذا اليوم، ضمن النشاطات المستمرة لحركة الاحتجاجات السابقة ضد نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ورجحت مصادر ان يعيد اقرار القانون الجديد «الزخم الى نشاط المعارضين»، بعد التظاهرات الحاشدة التي اعقبت فوز حزب «روسيا الموحدة» بالانتخابات البرلمانية نهاية العام الماضي.