يجيء مسلسل «الفاروق عمر» للمخرج السوري حاتم علي في وقت صعب، لكنه يبدو ضرورياً، ليس لحاجة في تغيير وجهة الدراما التاريخية العربية بعدما دخلت بعض الدرامات التاريخية الجارة لنا البيوت العربية من بوابات الحريم ومكائد النساء والشهوة للسلطة بانتاجات ضخمة لم يعترض أحد عليها. الآن – ربما - يجيء مسلسل الفاروق، - وليس بنيته المنافسة هنا بالطبع -، ليحاول تغيير الصورة المسيئة التي ألصقت بالاسلام من خلال رموز متطرفة لم يعد يعرف العالم لها بديلاً، فإن أراد هذا العالم «المتفوق» التدليل على صورة المسلم، وجد في صور هذه الرموز الخارجة من كهوف الظلام ضالته، حتى قيل يوماً إن التنميط البشع لصورة المسلم في الغرب لم يفوّت حتى «الكاريكاتورات» التي استخدمها «الزعيم» عادل إمام في بعض أفلامه التي حاكت التطرف والمتطرفين. ثمة هنا أصوات كثيرة معترضة. بعضها يجيء من موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، اذ يكفي أي ناشط على هذا الموقع وضع علامة (هاش تاق #) وكتابة اسم المسلسل حتى يحصل على كثير من الأصوات المعترضة، وبعضها ينادي بجمع مليون صوت بغية منع عرض المسلسل على محطة «ام بي سي»، لأنه «تجاري»...الخ. بالطبع ليس هناك وعد من المحطة بوقف العرض في الموسم الرمضاني المقبل، إن وصل عدد الأصوات المعترضة إلى هذا الرقم، لكن أصحابه يقومون بذلك، كما لو أن الأمر محسوم لصالحهم. في المقابل سنجد أيضاً أصواتاً، وربما تفوق المعترضين وعلى الموقع ذاته، تنادي بعرض المسلسل وعندها ذرائع تبدو أقوى للوهلة الأولى من تلك المعترضة التي تكتفي بالحديث عن مسلسل من دون أن تشاهد منه سوى «بروموشن» المحطة. وهذه الذرائع تبدو عقلانية، اذ تقول إنه كان حرياً وقف كثير من المسلسلات المدبلجة السيئة السمعة قبل التفكير بمنع عرض مسلسل عربي ضخم يقدم صورة الفاروق، كما ينبغي أن تقدم لرجل الدولة العادل الذي استطاع في مرحلة انتقالية يسيرة أن يبسط دعائم هذه الدولة على أسس العدل والقانون، ناهيك عن أن المسلسل أصبح بعهدة محطات ماليزية وأندونيسية وتركية و «بي بي سي» الانكليزية، ما يعني أنه الاختراق العربي الأول على هذا الصعيد، بعدما فشلت الدراما العربية في الوصول إلى هناك. هذا التفضيل الايجابي قد يبدأ بتغيير تلك الصورة المشوهة التي ألصقت بالعرب والمسلمين، فلا تحرموا الأجيال الجديدة منها. يقول بعض المغردين، ان هذه الأجيال ربما لا تركن بعد اليوم إلى السير المكتوبة، فالصورة تتملكها، والتغريد ببضع أحرف لا تزيد على بضع كلمات أصبح شعارها الدائم، وزيارة لموقع «تويتر» قد تؤكد حاجة بعضهم إلى مليون صوت لمنع عرضه، لكنها تؤكد في المقابل أن هناك أصواتاً بدأت تنحاز للمطالبة بعرض مسلسل «الفاروق»، وتنادي بجمع مليونين أو أكثر.