رحلة البحث عن العلاج والتجميل بالطرق الشعبية لا زالت مستمرة لدى الكثير من الرجال والنساء، على رغم الحملات الإعلامية التوعوية من بعض الأجهزة الحكومية عن مخاطر التداوي بهذه الطريقة من دون وصفات طبية علمية، مؤمنين بأن المواد الطبيعية هي مصدر الدواء والجمال ولولاها ما اشتهر «الطبري» في علم الأعشاب و«كليوباترا» بجمالها، وهي من الجمل التي يروج لها «العطارون» لجذب زبائنهم. وأصبحت الوصفات الشعبية والخلطات محل طلب وعرض، خصوصاً من جانب السيدات اللائي لم تقف رحلة البحث فقط عند محال العطارة، بل أصبحت جميع الوسائل الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، مقار لحل مشكلات هؤلاء السيدات، ويلاحظ أن الكثير من القنوات الفضائية تقوم بعرض مطالب السيدات مع عرض حلولها عبر شريطها الخاص، إلى جانب المنتجات الأخرى الإعلانية التي تنشر في الإعلانات الورقية. في حين بات موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أسهل طريقة للبحث عن هذه العلاجات وأجمل الخلطات من طريق حسابات السيدات المروجات لخلطاتهن، إذ التقت «الحياة» مجموعة من السيدات اللائي يفضلن استخدام الخلطات الطبيعية عن العلاجات الكيماوية، وتقول هند محمد: « بطبيعتي أفضل استخدام المنتجات والخلطات الطبيعية فكنت أتردد كثيراً على العطارين للبحث عن خلطات جديدة لتفتيح البشرة وتوحيد اللون وخلطات تطوير الشعر، والآن أصبحت متوافرة من خلال الإعلانات المنشورة في بعض الصحف الإعلانية». من جهتها، قالت خديجة الغامدي: «أصبحت أتسوق وأبحث عن المنتجات الطبيعية والعشبية من موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» فهناك الكثير من السيدات اللائي يقمن بعرض منتجاتهن مع أرقام التواصل بهن مما سهل علي عملية البحث والحصول على المنتج»، فيما ترى نداء سالم أن هناك تنافساً بين السيدات اللائي يروجن عن منتجاتهن الطبيعية والشعبية عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» من حيث عدد المنتجات وشرح المكونات وفوائد كل منتج وتنافس من حيث الأسعار أيضاً. من جهة أخرى، تتبعت «الحياة» بعض الحسابات الخاصة بالسيدات اللائي يروجن لخلطاتهن عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» إذ تبين أن هناك مجموعة كبيرة من المتابعين لهؤلاء السيدات ليصل عدد المتابعين عند بعضهن إلى أكثر من ثمانية آلاف متابع، غالبيتهم من الفتيات والسيدات. وتضمنت تغريداتهن بعرض المنتجات الخاصة من الأعشاب الطبيعية والخلطات والوصفات التي يؤكدن فيها على أن بضائعهن جميعها من أعشاب طبيعية 100 في المئة، والتي تعود بالنفع وتعطي نتائج إيجابية، كما أنها خالية من أي إضافات كيماوية والمصاحبة بالصور وأسعار كل خلطة من هذه الخلطات وعرض الأرقام الخاصة بهن للتواصل وتوصيل الطلبات للمنازل. وتعددت الوصفات والخلطات، منها ما يختص بالبشرة من خلطات تبييض وتوحيد لون وخلطات لإزالة الكلف وبعض الأمراض الجلدية، كما توجد خلطات خاصة بالشعر من تطويل وتكثيف وخلطات خاصة بمشكلات النساء والولادة، إلى جانب الاهتمام بالرشاقة ووصفات للنحافة وخلطات لشد الجلد والتخسيس. ولم تقتصر عمل ملاك محال العطارة على العمل داخل محالهم، بل أصبح لهم حسابات خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر منتجاتهم على الشبكة العنكبوتية كحملة إعلانية لمحالهم التجارية، والتسويق لهذه المنتجات من دون أي كلفة إعلانية، مستخدمين عبارات وشعارات جاذبة للزبائن. وقال محمد خالد ( بائع في محل عطارة) : «يقوم المحل بحملة إعلانية على مواقع التواصل الاجتماعي وتم تدشين ذلك على «تويتر» وسيتم في القريب على «فيسبوك» وبعض المواقع الإلكترونية الأخرى». من جانبه، حذر أستاذ مهارات الاتصال في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور سعود كاتب في حديث إلى «الحياة» من زيارة المواقع الإلكترونية التي تروج الخلطات والوصفات الشعبية لما لها من مخاطر ضارة وأضرار وخيمة أكبر من نفعها، إذ يرى أنه من غير المنطقي أن يروج البعض عن عشبة أو وصفة معينة لعلاج أمراض عدة قد تصل إلى أكثر من عشرين مرضاً. وأوضح أن حجب هذه الصفحات أو منعها أمر صعب جداً بخلاف القنوات الفضائية والصحف الإعلانية التي قد يكون التحكم بها أسهل، إذ لابد أن تكون هناك مراقبة وتراخيص لهذه القنوات، مشيراً إلى أهمية الجانب التوعوي وتكثيف الحملات التثقيفية إلى عدم الانقياد لمثل هذه المواقع ومتابعة القنوات الخاصة بذلك، محرصاً على أن تقوم وزارة الصحة برقابة الإعلانات الخاصة بهذه المنتجات والمنشورة في الصحف الإعلانية. وأشار إلى أن ما ينشر من طريق «الإنترنت» وعلى القنوات التلفزيونية بمعاونة بعض المختصين بالطب البديل وطب الأعشاب وبعض المدعين بأنهم من علماء الدين ما هو إلا استغلال للظروف التي يعيشها الناس من حال يأس بعد رحلات علاجية مطولة أو من جهل البعض منهم وعدم ثقافتهم وإدراكهم بالآثار الجانبية التي قد تنتج من خلال هذه الوصفات، مؤكداً أن هؤلاء الأشخاص يقومون بتشخيص الحال عبر الهاتف ومن ثم تحديد المشكلة ووصف العلاج المناسب وإرساله للمريض بعد أن يطلب أموالاً طائلة، مشدداً على أهمية الجانب التوعوي وعدم اللجوء إلى استخدام هذه الأعشاب إلا بعد استشارة موثوقة، تفادياً لحصول أي أضرار جانبية على مستخدميها.