في نادي عمان وسط العاصمة مسقط كان عدد كبير من الطلاب يرتدون فانيلات لأشهر نجوم الكرة في العالم، يتجمعون على الملاعب المعشبة فيما يراجع شخص في الأربعينات من عمره القوائم في يده، متحملاً مشاغبات المشاركين الصغار، ورغبتهم في ركل الكرة على المستطيل الأخضر كهدف حلموا به ووصلوا إليه بعد أن أتعبتهم الملاعب الترابية والرملية في حاراتهم، هذا إن تواجدت مع زحف البنايات السكنية والكتل الخرسانية. يقترب طفل في الثانية عشرة من عمره بصحبة والده من المدرب كي يظهرا له إشعار قبول التسجيل الموضح على شاشة هاتف الأب، فيناوله المدرب استمارة أخرى ويطلب من الطالب العودة في اليوم التالي ابتداء من الرابعة والنصف عصراً. وفي صيف مسقط لا تختلف حرارة هذا الوقت كثيراً عن «عز الظهر» لكن الصغار يتحملون أي شيء من أجل الكرة الساحرة. وكانت وزارة الشؤون الرياضية في السلطنة أعلنت عن برنامج صيف الرياضة ليكون نافذة استفادة في الإجازة مقدمة مجموعة من الرياضات التي تناسب جميع الفئات والمراحل العمرية، وذلك سعياً الى استثمار أوقات الفراغ بما يعود على الطلاب بالنفع والفائدة على مستويات كثيرة. وبحسب البيان الرسمي للوزارة يعتبر النشاط الصيفي إسهاماً «في شكل فعال في صقل مواهب الطلاب وإنضاج شخصيتهم، فيكون كل فرد قادراً على دفع عجلة التنمية والبقاء في مجتمعه». ويرفع صيف الرياضة في دورته الحالية التي بدأت في حزيران (يونيو) الماضي مجموعة من الأهداف العامة التي تتمثل في تشجيع الهوايات الرياضية لشغل أوقات الفراغ، وتنمية الاحساس بالجمال الحركي من طريق ممارسة النشاطات البدنية، والترويح عن النفس، وتعميم مفهوم التنافس من طريق خلق الروح الرياضية وتنمية السلوك القويم وبناء روح الفريق. كذلك تساهم تلك النشاطات برفع مستويات اللياقة العامة ما ينعكس على الصحة العامة والعناية بالقوام، وزيادة الوعي بأهمية ممارسة النشاط البدني، واكتشاف ذوي القدرات الرياضية الخاصة واختيارهم بهدف دمجهم في برامج إعداد الناشئين، والإلمام بالمعلومات والمعارف الخاصة بقوانين الرياضات والألعاب المختلفة، وزيادة الاستفادة من المراكز والمدارس والمجمعات الرياضية، ودمج كل أفراد الأسرة للقيام بنشاطات عائلية مشتركة وبخاصة من خلال المعسكرات الرياضية والتخييم. وأشار موقع «صيف الرياضة» إلى هدفين أساسيين يتمثلان في اشراك القطاع الخاص في الترويج للنشاط الرياضي غير التنافسي، والأهم استحداث وسيلة للالتقاء الرياضي بين فئات أبناء المجتمع من مواطنين ومقيمين. وتشمل ألعاب صيف الرياضة ألعاب القوى والريشة الطائرة وكرة السلة للجنسين واللياقة البدنية والبولينغ والغولف والجمباز وكرة اليد للجنسين وكرة اليد الشاطئية والهوكي وركوب الخيل. وهناك مسابقات تقام بين فرق المنطقة الواحدة في الدراجات الهوائية وأخرى مختصة بذوي الاعاقة والغوص والغطس والمبارزة. ويتجمع مئات الطلاب في نادي عمان خلال أربعة أيام من كل أسبوع طوال أشهر الصيف. وترك البرنامج أيام الأربعاء والخميس والجمعة أيام راحة كون غالبية سكان مسقط هم من الأسر العمانية القادمة من بقية المناطق والمحافظات ويتوجهون الى مناطقهم في عطلة نهاية الأسبوع ما يسبب الزحام ليس في نادي عمان فقط، بل في عدد من المواقع الرياضية في العاصمة مسقط، وتكون على أشدها في مجمع السلطان قابوس الرياضي في بوشر الذي لا يبعد عن نادي عمان سوى بضعة كيلومترات فقط. ويشهد المجمع الرياضي إقبالاً يومياً على فعاليات البرنامج ككرة السلة والكرة الطائرة وكرة اليد وألعاب القوى وكرة القدم والتنس والاسكواش والسباحة والجمباز والكاراتيه والتايكواندو واللياقة البدنية وكرة الماء، كما يجد أولياء الأمور وغالبيتهم من أعمار شابة أيضاً (الثلاثيني والأربعيني) متعة في متابعة أبنائهم وهم يتعلمون الجديد في عالم الرياضة. ولا يقتصر البرنامج على الطلاب المواطنين فقط، فقد فتح فعالياته للجميع وبرسوم رمزية بسيطة، ويمكن اختيار رياضة من مجموعة كبيرة ضمنها الموقع الإلكتروني لصيف الرياضة، وفور التسجيل تصل إلى ولي الأمر رسالة تفيد قبول الاشتراك، كما تم توفير خدمة الدفع من طريق الهاتف لتخصم فوراً من رصيد المشترك. ولمدة شهر كامل يدفع ولي الأمر نصف ريال فقط، أي أقل من دولار ونصف في اشتراك رياضة كرة القدم على سبيل المثال. ووجدت الفتاة أيضاً فرصتها في البرنامج الرياضي إذ يوفر لها أماكن بعيدة من الاختلاط مدعومة بنشاطات تناسب قدراتها وإمكاناتها وأولها مدارس الفروسية التي شهدت إقبالاً كبيراً ومن بينها مدرسة القرم للفروسية التي أقيمت في أكبر حدائق مسقط، حديقة القرم الطبيعية. وفي جميع مناطق السلطنة ومحافظاتها فتحت وزارة الشؤون الرياضية مراكز تستوعب الراغبين في الاستفادة من فعاليات «صيف الرياضة» كأسلوب ممنهج يبتعد بالشباب قدر الإمكان من دوائر الفراغ والحرارة التي تكاد تذيب الصخر.