يتجه المصرف المركزي المصري إلى تليين سياسته النقدية بعد فترة طويلة من التزامه التشدد، رغبةً منه في معالجة التصاعد المستمر في الآثار السلبية لأزمة المال العالمية، فيركز على عامل حفز النمو وإعادة النظر في السياسات التي تستهدف جانب العرض الكلي للسلع والخدمات بعد تراجع معدلات التضخم إلى مستوى مقبول (نحو 11.7 في المئة)، يسمح في هذه الفترة بتحرك آمن نحو هذا الهدف، ويعتمد على المساندة التي ينتظر أن تقدمها مصارف القطاع العام، خصوصاً مصرفي (الأهلي – مصر) اللذين أعدا بالفعل خطة لتشجيع إنفاق الأفراد من خلال خدمات الإقراض الشخصي والتمويل العقاري. وكان محافظ المصرف فاروق العقدة أعلن قبل فترة أن «المركزي» سيفسح الطريق أمام سياسات الائتمان المحفّزة للنمو إلى جانب استمراره في الدفاع عن استقرار المستوى العام للأسعار، ما سمح لمراقبين بتوقع تخلي المصرف عن سياسة رفع أسعار الفائدة لانتصاف فائض عرض النقود في الأسواق على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، وينتظر أن يتواصل خلال الفترة المقبلة، متمثلاً بقرارات لجنة السياسة النقدية خفض أسعار الفائدة. يمثل التوجه الذي أعلن عنه المركزي المصري، تحدياً في هذه المرحلة، نظراً إلى كون السياسة التوسعية التي تسعى الحكومة المصرية إلى فرضها، تُواجَه إقليميا بمقاومة غير مباشرة، تتمثل في التراجع النسبي للاستثمارات العربية، أو على الأقل بعدم وصولها إلى مستوى تطلعاتٍ ارتبطت بسيناريو التحول نحو حفز النمو الذي يتبناه فريق مهم بين وزراء المجموعة الاقتصادية في الداخل يتصدره وزير المال المصري يوسف بطرس غالي. وتراهن الحكومة على تدفق الاستثمارات العربية بكثافة خلال الفترة المقبلة إلى السوق المحلية، بعد خسائرها في الأسواق الأوروبية والأميركية، إذ تمثل السوق المصرية الملاذ الآمن بالنسبة إليها لتعويض الخسائر، ما جعل تقديرات تدفق الاستثمار المباشر خلال السنة الحالية 2009 – 2010 بنحو 8 إلى10 بلايين دولار، تترجم محدودية تأثير الأزمة مستقبلا. ويرى نائب المدير العام للمصرف العربي الإفريقي أحمد سليم، أن الجهاز المصرفي في مصر يحتاج إلى إنعاش الطلب على الائتمان شريطة ألا يتم توجيهه إلى التجزئة المصرفية وخدمات الأفراد وحدها، وهي لا تؤثر كثيراً في تشجيع معدلات النمو، خصوصاً في ظل ضعف جانب العرض الكلي.