لعل أهم ما تقوم به الرئاسة العامة لرعاية الشباب هذه الأيام هو النفي المتواصل لمشاركة مواطنات سعوديات في الألعاب الأولمبية المقبلة، وهو جهد يتولاه، في ما يبدو، طاقم متفرغ ومحترف في تقليب النفي على كل الوجوه الممكنة وحتى غير الممكنة، فمن الصياغة «المحكورة» التي لا يمكن لأحد أن يجد فيها «خرماً» واحداً تؤاخذ به الرئاسة، إلى النهايات الغامضة التي ينتهي بها التصريح. فالرئاسة تفرغت خلال الأعوام الماضية لإصدار التصاريح وإعطاء الوعود، وترحيل آمالنا في الفرح مرة، ونفي المشاركة مرة أخرى، وتخلت عن مهمتها الرئيسة في تطوير الرياضة التي وصلت إلى الحضيض، في كل الألعاب بلا استثناء. ولأن أمير الشباب غرد قبل أيام عدة طالباً من الجميع، مواطنين ومواطنات، نقده ونقد أعماله، ولأنه وجه الحديث للمواطنات، وهو يعي أنهن شريكات في الوطن، ولسن «تحت الأمر» يُشاركن وقت الطلب، ويُنسين بعد أن تهدأ النفوس، فسأتحدث هنا عن حقهن وحقنا على الرئاسة. ولنعد إلى مشاركة السعودية «الغامضة» في أولمبياد لندن المقبلة، فنحن ومن دون البشر لفينا ودورنا حتى لا نشارك، وأتينا ببعض اللاعبات السعوديات، خصوصاً الفارسات لزوم أن تصدق لجنة الأولمبياد أننا عازمون على المشاركة، وعلى رغم «شكي الشخصي» في المشاركة إلا أننا استخدمنا دهاءنا «الذي كان معهوداً» في ما سبق لمحاولة إثبات المشاركة، ولكن ويا للمصادفة السيئة، إذ أصيبت الفارسة المناط بها المشاركة فجأة وقبل الأولمبياد بأسابيع، إنه الدهاء الذي قد يخدمك مرة لكنه بالتأكيد لن يخدمك في الأولمبياد الذي يليه. وقبل أن «تنفي أو تؤكد» الرئاسة مشاركة بناتها السعوديات في الأولمبياد، عليها أولاً توظيفها في الرئاسة، وإعطاؤها حقها بدخول الملاعب واستخدام المنشآت، حتى لو كانت مناصفة بين الشباب والشابات، أو أن تعيد صياغة اسمها حتى لا تلام، ليصبح «الرئاسة العامة لرعاية الشباب الذكور فقط». ولأن عذر الإصابات «حلو وجديد»، وليس لأحد أن يؤاخذنا عليه، فلماذا لا نعتذر عن كل مشاركاتنا الرياضية المقبلة، خصوصاً في كرة القدم بداعي الإصابات، فنصبح «من مشاركاتنا سالمين»، فلا خسائر بالأربعة ولا بالثمانية، ولا هزائم من منتخبات «ضعيفة» لم تعرف المدربين العالميين ولا مئات الملايين. المهم أننا من فشل رياضي إلى آخر، حتى أن بلداً حبيباً وشقيقاً كفلسطين بلا أي إمكانات ولا موازنات ولا يعيش أي حال استقرار منذ 100 عام، يهزم منتخب الرئاسة شر هزيمة. إن السياق الرياضي كاملاً الذي وصلت إليه رياضتنا السعودية يجعلنا نفكر ملياً، هل ما يحصل الآن هو أمر طارئ ومفاجئ سنتجاوزه بحلول سريعة وموضعية، أم أنه نتيجة فعلية لتردي وتراكم متواصل جاملنا فيه كثيراً على حساب وطننا وسمعتنا. الخطوة الأولى تبدأ من خلال رفع يد الرئاسة عن الأندية تماماً، وإتاحة تخصيصها، وتحويلها إلى منارات ثقافية ورياضية وحضارية، والتعامل معها باعتبارها إدارات حقيقية لمشاريع تجارية مالية تربح وتخسر، لها موازنتها الواضحة التي تُنشر في الصحف، ولها مواردها واستثماراتها الخاصة والمباشرة. [email protected] @dad6176