أكد أستاذ الأدب والنقد بجامعة الملك سعود الدكتور حسين المناصرة، وجود إشكالية استلاب المرأة للمرأة في المنظور النسوي، مستعرضاً نماذج روائية نسوية سعودية. وبيّن الناقد المناصرة أن الدراسات النقدية النسوية اعتادت على أن تتحدث عن استلاب الرجل للمرأة، مشيراً إلى أن الخطاب النقدي النسوي في مجمله «يتشكل من خلال الحراك والصراع المشبع بالعنف بين الذكورة والأنوثة المستعمرة». وقال إن هذا الصراع «يأتي في سياق شعور المرأة بأنها ذات كلية مستلبة ومضطهدة، في منظومة القيم الذكورية المهيمنة على المجتمع والثقافة والإبداع». وأوضح المناصرة الذي يعد واحداً من أهم المتابعين للرواية في المملكة، أن النماذج النسائية التي تمارس الاستلاب في درجات عدة «تعد محدودة، قياساً بالنماذج النسائية الأخرى التي يطحنها المجتمع والقبيلة والرجل والمرأة النقيض». ولفت إلى أن المرأة الساردة «تشعر بمعاناتها تتضاعف، وتلقى اضطهاداً مزدوجاً عندما تغدو ضحية لبنات جنسها في سياق اضطهادها ذكورياً». وتطرق إلى نماذج عدة من خلال ست روايات نسوية سعودية، منها «البحريات» لأميمة الخميس، و«هند والعسكر» لبدرية البشر، و«الآخرون» لصبا الحرز، و«عيون قذرة» لقماشة العليان، و«جاهلية» لليلى الجهني، ورواية «الأوبة» لوردة عبدالملك. وقال المناصرة في المحاضرة التي قدمها في نادي الطائف الأدبي مساء الأحد الماضي، إن الروايات النسوية السابقة «عبرت عن العلاقة الاستلابية في سياق امتطاء المرأة النقيض تلك الأدوار الذكورية، كأن تكون حارسة القيم الذكورية الاجتماعية في الأسرة، وأن يتنوع اضطهادها للمرأة بحسب موقعها في الأسرة، كالأم وزوجة الأب والعمة والمعلمة، ونحو ذلك». واختتم المحاضر ورقته قائلاً، إن الاستلاب النفسي الفكري «هيمن على الشخصيات المستلبة في مقابل محدودية الاستلاب الجسدي»، وبيّن أن هناك تنوعاً في شخصيات النساء المستلبات، كالأم وزوجة الأب والعمة والحماة ونحو ذلك. وقال إن الشخصيات النسائية ظهرت في سياق هذه الظاهرة الاستلابية «حية وفاعلة وأساسية، وهذا يعود إلى خبرة الساردات النسويات بطبيعة التكوين الاجتماعي النسائي في مجتمعهن، وكذلك مجيء اللغة السردية النسوية حميمة بتفاصيلها وصدق تعبيرها، عن مكنونات مدونة ظاهرة الاستلاب في بنيات الخطاب السردي»، مشيراً إلى أن هذه الروايات «هي أصدق الخطابات تعبيراً عن الواقع أو تخيله». وقال الدكتور حسين المناصرة في رده على بعض المداخلات، إن الروايات الذكورية فيها استلاب، ويتم تضمينه في سياق النقد النسوي. وأن الكتابة النسوية تمارس الاستلاب تجاه الآخر، «لأنها تعتبر أن عالم الكتابة عالم خاص بها». وأشار إلى أن الاستلاب ظاهرة جمالية، «ومن جماليات القبح أن تعبر بمبالغة شديدة عن أقبح الأشياء». وبيّن أن الكتابة النسوية تتهم بأنها شاعرية، باستثناء رواية أميمة الخميس. ولفت إلى أن الفتيات والشبان في الخليج لديهم شغف القراءة والثقافة «بل إنهم يصنفون من القراء بامتياز»، خاتماً محاضرته بالتأكيد على عدم وجود فلسفة في الروايات السعودية.