تعاني مصر من انتشار أمراض الكبد فيها، خصوصاً تلك التي تتصل بفيروسات الكبد وأنواعها المتعدّدة. وتضمّ مصر عدداً كبيراً من الجمعيات العلمية المتخصصة في هذه الأمراض. وتعقد هذه الجمعيات مؤتمرات سنوية، يكرّس كثير منها لمناقشة البحوث المتّصلة بأمراض الكبد وعلاجاتها. وقبل أسابيع قليلة، استضافت القاهرة «المؤتمر السنوي ال11 للمجموعة المصرية لدراسة الجديد في أمراض الكبد والجهاز الهضمي» وشارك فيه 250 طبيباً. الفيروس والأسرة ترأس المؤتمر الدكتور حسني سلامة، الذي قدّم مداخلة ذكر فيها أن فيروسات الكبد حظيت بنقاش واسع لأنها تمثّل مشكلة اجتماعية تؤثر في استقرار الأسرة والعلاقة الزوجية. وتؤثّر هذه الفيروسات في أحوال التوظيف أيضاً، إذ تمنع المُصاب بها من ممارسة عمله بصورة طبيعية. وأوضح سلامة أن العلماء يترقبون ظهور علاجات حديثة لفيروس الكبد من النوع «سي» تؤخذ من طريق الفم، فيما يعتمد العلاج راهناً على الحقن بأجسام تُدعّم جهاز المناعة. إذ أثبتت هذه العلاجات فاعلية في التخلص من الفيروس بنسب تفوق 90 في المئة، ودخلت البحوث عنها مراحلها النهائية في وأواخر العام المنصرم. ومن المنتظر أن تصل الى الأسواق في الشهور القليلة المقبلة. وأضاف أن المؤتمر أفسح مساحة واسعة لنقاش المستجدّات في العلاج المتّصل بجهاز المناعة، خصوصاً العلاج المناعي لأورام الكبد. إذ أثبتت بحوث كثيرة فعالية العلاجي المناعي الذي لا يسبب أعراضاً جانبية كثيرة. وفي سياق متّصل، خصّص المؤتمر جلسة لنقاش إستعمال خلايا المنشأ Stem Cells في علاج أمراض الكبد. في هذا النوع من العلاج، تؤخذ خلايا المنشأ، وهي خلايا تظهر في المراحل الأولى التي تلي تلقيح البويضة، ويجري التحكّم بها كي تعطي خلايا كبد. وبعدها، تحقن هذه الخلايا في من يعانون فشلاً في الكبد، فتتولى خلايا المنشأ مهام الكبد الذي أصبح متوقّفاً. وبحسب مداولات في المؤتمر، شهدت مصر في الآونة الأخيرة حركة باتجاه إنشاء عدد كبير من المراكز الخاصة بخلايا المنشأ في الجامعات والمستشفيات التعليمية. وأُنشئ مركز كبير في «مدينة الشيخ زايد» (غرب القاهرة)، بإشراف وزارة الصحة، يقدّم خدمات لما يزيد على 300 مريض. وعرض المؤتمر أيضاً مشاكل البحث العلمي في مجال الطب في حضور وزيرة البحث العلمي المصرية الدكتورة نادية زخاري، ودور الجمعيات غير الحكومية وشركات الأدوية في تلافي تلك المشاكل، خصوصاً في ما يتعلق بالتمويل. وبحث المؤتمر في دور وزارة الصحة في إنشاء مراكز بحث بالتعاون مع الجامعات المصرية، بهدف الارتقاء بمستوى العلاج، وتشجيع الشباب من الأطباء على التوغّل في بحوث الطب ودراساته. وتحدث الدكتور عمر هيكل، وهو أستاذ الكبد والجهاز الهضمي في «الأكاديمية الطبية» عن مشكلة «غيبوبة الكبد»، خصوصاً المرحلة التي تسبقها مباشرة. وتناول ظهور الأعراض وطُرُق تشخيصها، وسُبُل علاجها. وربط هيكل بين حوادث السير وإنتشار أمراض الكبد، خصوصاً لدى أولئك الذين يشارفون على الوقوع في غيبوبة الكبد. واستطرد هيكل في عرض العلاقة بين ميل سائقي الشاحنات لتعاطي أنواع من المنشطات والمخدرات (وهي تؤثّر في الكبد) من جهة، وبين مراحل تطوّر فشل الكبد ووصوله الى مرحلة الغيبوبة. وشدّد على أن المريض يفقد سرعة الإستجابة عصبياً وحركياً، في مرحلة ما قبل الغيبوبة، ما يساهم في مفاقمة حوادث الطُرُق. وشارك الدكتور هشام الخيّاط، وهو أستاذ الكبد والجهاز الهضمي في «معهد ثيودور بلهارس»، في المؤتمر ببحث عن خطورة الاستخدام العشوائي للأدوية، خصوصاً مع أدوية منع التجلط والاسبرين ومضادات الاكتئاب ومُسكّنات الآلام. وأكّد أن تناول مزيج من المُسكنات مع مضادات التجلط، يؤدي إلى مضاعفات خطيرة، من بينها الإصابة بقرحات المعدة والإثني عشري. وحضّ الخيّاط على التنبه عند استخدام المسكنات، وعدم تناولها بصورة مستمرة مع أدوية منع التجلط والاسبرين. وأشار إلى أنه كلما زادت قوة المُسكّن، زادت مضاعفاته على الجهاز الهضمي والكلى والكبد، مشدّداً على ضرورة إستشارة الطبيب قبل تناول هذه الأدوية.