تلقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز اتصالاً هاتفياً امس من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، جرى خلاله عرض مجمل القضايا وتطورات الأوضاع على الساحتين الإقليمية والدولية. وفي القاهرة، أكدت فعاليات مشاركة في المؤتمر الذي ضم مختلف اطراف المعارضة السورية في أول اجتماع لها على هذا المستوى (كل المكونات و210 شخصيات) أن اتصالات عدة جرت قبيل مغادرة المشاركين العاصمة المصرية لمحاصرة الخلافات التي نشبت على خلفية بعض الكلمات في وثائق المؤتمر، وطبيعة وصلاحيات لجنة المتابعة. وأجمع المؤتمرون في البيان الختامي على أن «الحل السياسي في سورية يبدأ بإسقاط النظام ممثلاً ببشار الأسد ورموز السلطة» و»ضمان محاسبة المتورطين منهم في قتل السوريين»، كما طالب المؤتمر ب»الوقف الفوري لأعمال القتل التي يرتكبها النظام السوري و»الانتهاكات وسحب الجيش وفك الحصار عن المدن والأحياء السكنية السورية وإطلاق سراح المعتقلين فوراً». وكان «المجلس الوطني الكردي» انسحب في اللحظات الأخيرة احتجاجا على عدم ذكر الشعب الكردي في الوثائق بينما تحفظت «هيئة التنسيق الوطنية» و»المنبر الديموقراطي» ومكونات أخرى على عدم تشكيل لجنة متابعة والاكتفاء بناء على ضغوط «المجلس الوطني السوري» بلجنة اتصال. وصرح رئيس مجموعة العمل الوطني من أجل سورية وعضو المكتب التنفيذي للمجلس الدكتور أحمد رمضان ل»الحياة» بأن المؤتمر شكل «لجنة اتصال» من مجموعة من شباب مختلف أطياف الحراك الثوري في سورية، مشيراً إلى التحفظات بصددها قائلاً إن اجتماعاً مشتركاً عقد أمس في القاهرة بين «المجلس الوطني» و»هيئة التنسيق» لتفعيل لجنة الاتصال الشبابية واعطائها كل الإمكانات للتحضير لمؤتمر مقبل لقوى المعارضة. ولفت عضو المكتب التنفيذي في «هيئة التنسيق الوطنية» محمود مرعي الى فشل المؤتمر في تشكيل لجنة متابعة. وقال نتحفظ عن «لجنة اتصال» ونرى أنه لا يمكنها تنفيذ القرارات كما أن تشكيلها من غير الكتل الرئيسية في المعارضة. وأشار بيان للهيئة صدر أمس إلى تحفظات عن وثيقة «المرحلة الانتقالية في العديد من النقاط المقحمة في غير مكانها». وأكدت الهيئة «سلمية الثورة والوقوف ضد التدخل العسكري وزرع الأوهام حول هذه القضية مما يشكل خطراً مدمراً على البلاد». كما تحفظت عن شطب عبارة «التغيير بأيدي السوريين» فيما أشادت ب»وثيقة العهد الوطني». وأكد رمضان أن المؤتمر حقق خطوات ايجابية في مجال التوصل إلى رؤية موحدة لقوى المعارضة السورية في ثلاث قضايا: إسقاط النظام بكل رموزه وشخصياته وإقامة دولة ديموقراطية، دعم «الجيش السوري الحر» والحراك الثوري والميداني في الداخل، ومطالبة المجتمع الدولي بإجراءات أكثر فعالية لحماية المدنيين السوريين وفق قرارات مجلس الأمن وتحت الفصل السابع. واوضح رمضان أن المؤتمر توصل إلى رؤية للفترة الانتقالية توافقت عليها كل القوى وتشمل إقامة حكومة انتقالية ومجلس تشريعي والعمل على الإعداد لانتخابات خلال عام ومن ثم قيام حكومة منتخبة وصياغة دستور دائم، واعتبر ان جهود جامعة الدول العربية تكللت بالنجاح. وقال إن وفد المكتب التنفيذي ل «لمجلس الوطني» سيكون في باريس للمشاركة في مؤتمر اصدقاء الشعب السوري. وعن انسحاب «المجلس الوطني الكردي»، قال ان اجتماعا عقد أمس بين ممثليين عنه وعن المجلس الوطني توصل إلى توافق يؤدي إلى ان النصوص التي تضمنتها وثيقة «المجلس الوطني» بالنسبة الى القضية الكردية هي التي تمثل موقف المعارضة، كما تم التوصل إلى تفاهم حول آلية تنسيق مشتركة بين المجلسين. وتستمر الاستعدادات لعقد اجتماع «اصدقاء الشعب السوري» غداً الجمعة في باريس الذي تقاطعه روسيا والصين. وينتظر ان تشارك فيه مئة دولة غربية وعربية ويفتتحه الرئيس فرنسوا هولاند. ويتوقع ان يشكل «دعما اكبر من الاسرة الدولية» للشعب السوري و»ضغطا على نظام بشار الاسد»، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. ودعا فابيوس ونظيره البريطاني وليام هيغ موسكو امس الى ان تدرك ان نظام الأسد «قد انتهى» وطالباها بلعب دور ايجابي في تسهيل الإنتقال السياسي للسلطة في سورية. وقال فابيوس ان «على زملائنا الروس ان يدركوا انهم يدعمون نظاماً منتهياً»، وانهم «مهددون من جراء ذلك بفقدان نفوذهم في المنطقة». وكان نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف اكد ان روسيا لا تبحث مستقبل الاسد مع الولاياتالمتحدة، وجاء تصريحه رداً على تقارير صحافية روسية اشارت الى ان واشنطن تحاول اقناع موسكو بمنح الرئيس السوري اللجوء السياسي. واضاف ريابكوف «لقد شرحنا موقفنا اكثر من مرة: مسألة السلطة في سورية يجب ان يقررها الشعب السوري. والخطط المطروحة وخاصة عندما تكون مفروضة من الخارج لا يمكن الا ان تسيء للوضع». ميدانياً، تواصلت عمليات القصف والاشتباكات في مدن سورية عدة، وتركزت بشكل خاص في ريف دمشق وحمص ودرعا وجبل الاكراد في ريف اللاذقية، وقتل بنتيجة قصف قوات النظام 55 شخصاً على الاقل في انحاء مختلفة من سورية. وقالت الهيئة العامة للثورة السورية ان مناطق الريحان وحمورية وسبقا والغوطة الشرقية وحرستا في ريف دمشق تتعرض لقصف عنيف من قبل قوات النظام. واشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى تعرض بلدة تلبيسة في ريف حمص منذ صباح امس الى «قصف عنيف استهدف المناطق السكنية من قبل القوات النظامية التي تحاول السيطرة على البلدة». كما ذكرت لجان التنسيق أن حي جورة الشياح في حمص تعرض لاطلاق نار كثيف بعد وصول تعزيزات عسكرية ضخمة الى شارع البريد وشارع المظلوم. واشارت الهيئة العامة للثورة السورية الى وجود مئات العائلات المحاصرة في حي جورة الشياح المهددين بالابادة حيث انه لم يسمح لهم بالخروج بسبب الحصار الخانق على حمص والقصف مستمر على الحي منذ اكثر من شهر. وافادت الهيئة العامة للثورة عن اقتحام قوات الامن لبلدة جبل الزاوية بالآليات الثقيلة ومئات الجنود وسط اطلاق نار كثيف وحملة دهم واعتقالات وتكسير وسلب للمحلات التجارية ومنازل المواطنين. وفي ريف اللاذقية تعرضت قرى وبلدات جبل الاكراد الى قصف عنيف من القوات النظامية التي تحاول السيطرة على المنطقة منذ اسابيع. وفي محافظة السويداء جنوب البلاد ذات الغالبية الدرزية، اطلق عدد من المهندسين اعتصاما مفتوحا حملوا خلاله لافتات مطالبين ب «الحرية لمعتقلي الراي»، بحسب ما اظهر شريط فيديو وزعته لجان التنسيق المحلية. من جهة اخرى قال مسؤولون في «الجيش السوري الحر» إن ضابطا برتية لواء في كتيبة الهندسة انشق وانضم إلى المعارضة وفر إلى تركيا امس ليرتفع بذلك عدد الضباط السوريين المنشقين من ذوي الرتب الكبيرة الذين فروا الى تركيا إلى 16 ضابطا. وتستضيف تركيا الان نحو 250 ضابط انضموا إلى صفوف «الجيش الحر» في إقليم هاتاي بجنوب البلاد وتقدم دعما في مجال الامداد والتموين للمعارضين لكنها تنفي تزويدهم بالأسلحة.