انتظر الإيطاليون خبراً ساراً يعيد الحياة لكرتهم التي توشحت برداء الفضائح، إذ شابتها مشكلات المراهنات وبات «الاتحاد الايطالي» يكتشف الفساد يوماً بعد يوم، مما أضعف من سمعة «السيريا أ» ذات التاريخ المرصع بالنجوم التاريخيين والمنافسات الشرسة، إضافة إلى أنه تسبب في شكل مباشر في إلحاق الضرر بال«الأزوري» في مشاركاته الدولية. «يورو2012» كانت الفرصة لأن تكون النسمة المريحة التي يتنفسها الطليان لإعادة هيبة كرة إيطالية باتت على المحك، فالترشيحات التي جانبتهم على غير العادة، وبناءً على التراجع الواضح الذي بدا عليه المنتخب الإيطالي، بينت قبل انطلاق البطولة أن برانديلي وفريقه سيمرون بمحطة يصعب عليهم ترك بصمة في أي من صفحاتها، ولكن البداية القوية التي ظهروا عليها أمام الإسبان، ومن ثم التعادل مع كرواتيا الذي تلاه الانتصار خلف الانتصار، أثبت أن ايطاليا تملك منتخباً لا يمكن الاستهانة بتاريخه، أو حتى يصعب التنبؤ بما سيفعل، وإن كان في أسوأ حالات وأردى ظروفه، فأصحاب القمصان «الزرقاء» قدموا نجوماً، مثل دي روسي الذي يتمتع بروح عالية، وبوفون وهو يذود عن مرماه ببسالة، أو بيرلو الأنيق الذي حيّر الخصوم، وبالتويلي صاحب القوة الخارقة، ومن خلفهم المدرب الذي نجح في استثمار القوى التي يتمتع بها فريقه. كل الفرص كانت مواتية لكي تسعد ايطاليا بإنجاز جديد لم يكن في الحسبان، بل وهو الإنجاز الذي من شأنه إعادة النظر في الصورة التي طبعت عن الكرة الإيطالية في الفترة الماضية. الوصول لختام البطولة يعني أنه تبقت خطوة وحيدة لبث الفرح في العاصمة روما، وفي ميلان، ونابولي وكل بلاد الطليان، إلا أن العقبة الأخيرة لم تكن كالذي قبلها على الإطلاق، فهي عبارة عن اصطدام بجدار فولاذي لا يمكن تحطيمه ولا حتى ترك أي خدش ليتحول إلى نقطة ضعف، المنتخب الإسباني الذي يعد الحضارة الحديثة لكرة القدم، حطم كل الآمال الإيطالية، ولم يترك لها مساراً ولا مفترقاً نحو الأوطان «اللومباردية»، إذ رسم جسراً وحيداً للذهب وهو إلى الحضارة الأندلسية. فعاد بيرلو وبالوتيلي وهم يذرفون دموع الحسرة، وكان الدور الذي قام به بوفون هو تهدئة اللاعبين من نوبات بكائهم، لا رفع الكأس أمام الحشد الإيطالي الحاضر، واعترف بعد ذلك بوفون بأن الخسارة كانت طبيعية وأمام فريق رائع، وقال: «الفوز ضروري في المباراة النهائية، لكننا لعبنا أمام منتخب قوي، ولا يقدّر بثمن»، مضيفاً: «نتقبل الخسارة أمام إسبانيا، كانت مغامرة رائعة بالنسبة إلينا». وأردف قائلاً: «شكراً للإيطاليين الذين ساندونا». وشاطر المدرب تشيزاري برانديلي رأي بوفون بقوله: «واجهنا فريقاً رائعاً. إنهم أبطال العالم، وبالتأكيد عندما تكمل المباراة بعشرة لاعبين، فإن كل شيء انتهى». الرباعية القاسية التي تلقاها «الأزوري» لم تواجهها الصحافة الإيطالية بالنقد أو بالتقليل من منتخبها، بل على العكس تماماً، إذ هنأت برانديلي وبوفون ورفاقه على الأداء الكبير الذي ظهروا به في البطولة. ربما تكون الخسارة قاسية رقماً على منتخب عريق، ولكن يبدو بأن مجرد الوصول لنهائي بطولة مستبعدة من الأجندة، يعد فرصة كبيرة لمغادرة خندق الأحزان والفضائح الإيطالية، والطيران في سماء الآمال والطموحات.