أقر مجلس الوزراء، أمس، نظام الرهن العقاري، كما أقر مشروع نظام التمويل العقاري وكلف وزارة المالية بإعداد السياسات العامة للتمويل العقاري بالاشتراك مع وزارة الإسكان والجهات المعنية الأخرى وترفعها إلى مجلس الوزراء للنظر في إقرارها، فيما اعتبر عقاريون هذا القرار بداية مرحلة جديدة من تاريخ الإسكان في السعودية، متأملين أن يتم خلال خلال فترة بسيطة استكمال جميع الأنظمة الخاصة بالعقار، وهو ما يحمي الجميع من الآثار السيئة المترتبة عليه. ويعرف الرهن العقاري بأنه «عقد يسجل وفق أحكام الرهن العقاري يَكسب به المرتهن (الدائن) حقاً عينياً على عقار معين له سجل، ويكون له بمقتضاه أن يتقدم على جميع الدائنين في استيفاء دينه من ثمن ذلك العقار في أي يد يكون». ويعني هذا أن المالك لأي عقار يمكنه رهن بيته باسم البنك أو أي جهة مصرح لها بالإقراض في مقابل قرض مع فوائده ويكون العقار ضماناً للقرض. وفي حال التخلف عن سداد قيمة القرض أو أي قسط من الأقساط يمكن للبنك بيع العقار لاستيفاء الدين. ويؤكد العقاريون أن السوق السعودية لا يمكن الحكم عليها الآن إن كانت مهيأة، أو غير مهيأة بالصورة المطلوبة لاستقبال «نظام الرهن العقاري»، حتى إن الجهات المعنية بالأمر كان بإمكانها أن تقوم بحملة توعية في النظام الجديد، لقطاع البنوك، والعقار، والمواطنين، مشيرين إلى أن الجميع يعلم بوجود إيجابيات، وسلبيات للنظام، إلا أنهم عير ملمين بها وبآثارها، ولا سيما من المواطنين. وأوضح العقاري محمد القحطاني أن التفاصيل التي يحملها والآثار المترتبة عليها هي التي تدفع إلى الإرباك، والتي لا يمكن التغاضي عنها، أو إغفالها، بحجة أن الزمن كفيل بعلاجها، وعلاج آثارها، أو حتى الموافقة على أن الأنظمة الإلحاقية التي ستعالج أي قصور يحدث، مبيناً أن «نظام الرهن العقاري» ليس جديداً، بل هو قديم جداً، ولدى معظم دول العالم تجارب كبيرة وواسعة في تطبيقه، لذلك من المناسب أن يتم درس من هذه التجارب للخروج من القلق الذي سيسببه، بدل البداية الفضفاضة، ومن ثم معالجة آثاره والتي ستصيب الكثيرين بأضرار كبيرة. وأشار إلى أن كل الخيارات مفتوحة في قراءة آثار تطبيق نظام الرهن العقاري، ومشروع نظام التمويل العقاري، ولا سيما أن إحدى هذه القراءات تخوف من اندفاع المواطنين للحصول على القروض، وفقاً لنظام الرهن العقاري ما يزيد الطلب على العقارات، وبالتالي قد يرفع من أسعار الأراضي، ومن المحتمل ارتفاع أسعار مواد البناء نتيجة لزيادة الطلب بشكل يفوق إمكانات زيادة الطاقات الإنتاجية بخاصة في المدى القصير، وهو أمر لا يمكن إغفاله، ولا سيما ونحن نشاهد إرهاصاته منذ فترة، من خلال تمسك أصحاب الأراضي بأسعار مرتفعة، على رغم عدم وجود مسوغات لهذه الأسعار، إلا أن أملهم في ارتفاعها مع إعلان نظام الرهن العقاري، وهو قراءة أخرى ستصيب على المدى الطويل نمو الإسكان في مقتل. وفي الجانب الإيجابي، يرى العقاري عبدالله الدوسري أن الرهن العقاري سيشكل نقلة كبيرة للعقار في السعودية، مؤكداً وجود إيجابيات كثيرة، ولا يمكن تجاوزها بسبب سلبيات يمكن تفاديها، وعلاجها، مؤكداً أن في مقدم هذه الإيجابيات أن نظام الرهن العقاري سيؤدي إلى تخفيف العبء عن صندوق التنمية العقاري الذي سيتفرغ لأصحاب الدخول المتوسطة والمنخفضة. فضلاً عن أن النظام يساعد المواطنين من ذوي الدخول المتوسطة على تملك مسكن خاص بدلا من تأجير المنازل لسنوات من دون تملكها، كما أن جميع الأنشطة المتعلقة بالبناء والتشطيب ستشهد انتعاشاً نتيجة إقبال المواطنين على البناء. وبين أن إقراره سيؤدي إلى زيادة نسبة الائتمان الذي تخصصه البنوك التجارية لتمويل القطاع العقاري، وأن الضمانات التي يوفرها نظام الرهن العقاري ستكون حافزاً في تطوير برامج البنوك وابتكار عمليات جديدة للتمويل العقاري، إضافة إلى خلق روح التنافس بين البنوك لجذب أكبر شريحة من العملاء. موضحاً أنه لا تزال هناك مخاوف من أن المغالاة في الشروط والضمانات ونسبة العمولة على مبلغ التمويل والتأمين قد تؤدي إلى الحد من المزايا الإيجابية للنظام، إذ إنه من المؤكد أن الممولين يفرضون شروطهم لتفادي المخاطر وتوفير الضمانات الكافية حتى تتحقق الأرباح الاستثمارية، وتلك الشروط التعاقدية تختلف من بنك إلى آخر، ومن شركة إلى أخرى، وهنا تأتي الحاجة إلى تدخل مؤسسة النقد للاطلاع على العقود التي تكون في الغالب عامة، لتكون منصفة للمواطنين، وتحافظ على الحد الأدنى من حقوقهم في أسوأ الأحوال، وفي الحالات التي تجعلهم عديمي الحيلة. وأضاف بأن الكثيرين ينظرون إلى الرهن العقاري على أنه مخرج لمحدودي الدخل، وهو كذلك شريطة أن يتم توجيه المطورين إلى توفير مساكن لهذه الفئة تتميز بكلفتها المحدودة، من خلال ترتيبات معينة تأخذها الدولة مع البنوك والشركات التمويلية يكون بمقتضاها صندوق التنمية العقارية الضامن لهذه الفئات، أو أي صندوق آخر يستحدث لهذا الغرض. وفي الجانب الواقعي، وضع مدير معهد التثمين العقاري في أميركا جيم أمورين في حيث إلى «الحياة» في وقت سابق، لمن يتعثر عن السداد من السعوديين، في ظل عدم وجود نظام تأمين مسكن بديل يوفره نظام اجتماعي حكومي للمواطنين الذين لا يمتلكون منازل ولا يقدرون على دفع الإيجار، بأنه سيكون أمام المتعثر عن تسديد الرهن العقاري بعد سحب البنك للمنزل، إما النزول ضيفاً على أهله، وأصدقائه، أو الشارع. ويرى أمورين أنه رغم قسوة قوانين الرهن العقاري في الغرب عموماً، إلا أنها تواجه ببديل حكومي يحمي المواطن من التشرد (هوملس)، من خلال بديل ولو موقت من الحكومات المحلية بحيث لا يبقى المواطن وأسرته في الشارع، ويؤكد أنه رغم الأزمة الكبيرة التي أصابت الولاياتالمتحدة بسبب الرهن العقاري إلا أنه لم يسجل زيادة في عدد ال (هوملس)، إذ تقريباً بقيت على ما هي عليه.