ثمة من يتجه في الأردن لمقاطعة الانتخابات النيابية المقبلة، عبر صفحات احتجاجية تم تدشينها أخيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، تنديداً بإقدام البرلمان على إقرار قانون انتخاب يضمن العودة إلى قانون الصوت الواحد المعمول به منذ تسعينات القرن الماضي، لكن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بادر الخميس الماضي الى رد القانون مطالباً الحكومة ومجلس النواب بإعادة دراسته من جديد. وأنشأ كثر من المجموعات الشبابية الحزبية والمستقلة صفحات على الإنترنت، حولوها خلال الأيام الماضية إلى حركات افتراضية انتقلت لتظهر في الشارع، معلنة الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات إذا ما أصرت الدولة على قانون لا يعبر عن إرادتهم. ودعت صفحة على «فايسبوك» أقامها ناشطون شباب وحملت شعار «مقاطعون من أجل التغيير» إلى التظاهر المستمر، في مسعى جاد للضغط على مؤسسات القرار بهدف التراجع عما أقره النواب. صفحة أخرى خاطبت الشباب بدعوتهم إلى إطلاق العنان «لقوة التغيير الجامحة في النفوس». ووفق الصفحة، فإن «هناك من يبحث عن برلمان يعكس تطلعات الشباب، وليس برلماناً على مقاس الحكومة وتصوراتها». وقالت هذه الصفحة إن «استمرار الحكومة في قمع النشطاء وتقييد حرياتهم، يؤكد حقيقة واحدة، تتمثل في أنها غير جادة في تحقيق الإصلاح». وبالتوازي تنشط على شبكات التواصل الاجتماعي حركة أخرى تحمل اسم «حملة مقاطعة الانتخابات البرلمانية - قاطع» أطلقها شبان أردنيون يرون أن القانون المقر حديثاً «غير عادل»، وأنه قائم «على التقسيم»، ولا «يحقق النهضة الديموقراطية في البلاد». وقال هؤلاء ان «المشاركة الشبابية بالانتخابات المقبلة ستكون مرتبطة بتشريع قانون يعبّر عن مطالب المتظاهرين في الشوارع والميادين». وكان البرلمان الأردني أقر أخيراً قانوناً للانتخابات أثار حفيظة المعارضة الشعبية والشبابية. ورفض النواب قبيل انتهاء مناقشات القانون المكون من 72 مادة، إعادة مناقشة المادة الثامنة التي أقرّوا بموجبها العودة إلى صيغة الصوت الواحد للناخب في كل محافظة، وصوت آخر للناخب لمصلحة قائمة وطنية حزبية على مستوى الوطن مكونة من 17 نائباً، وهو ما رفضته المعارضة مطالبة بأكثر من صوتين، وأن تمثل القائمة الوطنية ما نسبته 50 في المئة من عدد المقاعد. ويقول القيادي في الحراك الشبابي العماني الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي فاخر دعاس، إن «حركات شبابية كثيرة لن ترضى المشاركة في أي عملية انتخابية، استناداً إلى قانون لا يلبي الحد الأدنى من مطالبها». وأضاف أن «كثراً من النشطاء الشباب يتجهون إلى خلق جبهة معارضة لقانون الانتخاب». وزاد: «لا يعقل أن نعود بعد عام ونصف العام من التظاهر إلى القانون نفسه الذي أفرز مجلس النواب المزور بطريقة بشعة لمرتين على التوالي، في عامي 2007 و2010». وقال شاب أردني من مدينة بلعما في محافظة المفرق شمال الأردن، وأحد المنادين بمقاطعة الانتخابات المقبلة بصيغتها الحالية، إن «القانون الذي أقر جاء مخيباً للآمال، ومشاركتنا على أساسه ستشكل طعنة قاسية في ظهر المواطن الأردني». وتابع معاذ الخوالدة أن «هناك توافقاً بين معظم الحراكات الشبابية التي خرجت للتظاهر طيلة الفترة الماضية على مقاطعة الانتخابات، في حال لم تقدم الحكومة قانون انتخاب متوافق عليه شعبياً ورسمياً». وأضاف: «حينما خرجنا للتظاهر منذ عام ونيف كان هدفنا تغيير الواقع، وتمثيل المواطن في شكل حقيقي». وفي رأي الناشطة لبنى أبو رمان من مدينة السلط القريبة من عمان، فإن القانون الذي أقره النواب «من شأنه أن يقف حاجزاً أمام حال التغيير في الأردن». وتقول إن «القانون المذكور هو ذاته الذي أفرز مجلس النواب الحالي، والذي جاء بالتزوير ولم يعبر عن إرادة الشعب». وتنشط عبر «فايسبوك» دعوات أخرى يشارك فيها آلاف الشباب الأردنيين من بينها صفحة 24 آذار المطالبة بالإصلاح ومحاربة الفساد التي جمعت أكثر من 12 ألف عضو خلال الفترة الماضية، وصفحة تطالب بالإفراج عن الجندي أحمد الدقامسة المحكوم بالسجن المؤبد بعد أن قتل سبع إسرائيليات عام 1997 بعد أن استهزأن منه أثناء أدائه الصلاة. ويصف سياسي أردني رفيع هذه الدعوات على المواقع الاجتماعية ب «الحرائق الصغيرة»، ويحذر من اتساع مداها مع تباطؤ مؤسسات القرار في اتخاذ القرارات الخاصة بالإصلاح وشيوع حال اليأس التي قد ترفع سقف المطالب في الشارع. وتطالب المعارضة الأردنية في تظاهراتها منذ كانون الثاني (يناير) 2011 بإصلاحات دستورية وسياسية في البلاد، من بينها تعديل قانون الانتخابات الحالي باعتباره يكرس العشائرية.