أن تتجاوز أية مادة مرئية على الموقع الاجتماعي «يوتيوب» سقف المليون مشاهد، فهذا يعني ببساطة أنها مادة «استثنائية»، ولا تكاد تقبل غير هذا المسمّى، تماماً هذا ما يعيشه برنامج «وسم» الذي لا يتجاوز بثّه خمس دقائق تحظى بإطلالة من الداعية الدكتور سلمان العودة، الذي يسقي أرض تلك الدقائق بفكرٍ دعوي ذي خصوصية «سلمانية»، تتلخص في الوضوح والبساطة والإنسانية. «وسم» العودة وجد في شاطئه الإلكتروني الجديد ما يتيح له الحديث كيفما شاء ومتى أراد، فكانت رحلة الإبحار الأولى في الخامس من أيار (مايو) الماضي، بدعوة للتغيّر نحو الأفضل، ليعنون حلقته الأولى ب"نعم أتغير"، ظهر العودة خلالها مخاطباً الجميع بأن التغيّر لا يعني الانسلاخ من الدين، وإنما هو مواكبة الجديد في إطار المقبول، والتحرّر من التبعية إلى الاستقلال الذي يأتي متماشياً مع فطرة الإنسان، لتأخذ هذه الدعوة الاهتمام من فئات عدة، ظهرت من خلال التعليقات على الحلقة، إضافة إلى ما شهده «تويتر» من تفاعل وتعزيز لضرورة التغيّر. في 22 حزيران (يونيو) الجاري، جاء برحلة أخرى تحمل دعوة جديدة تحمل معها كمية من الأسف لدى قبطان الوسم، يرغب بإيصالها إلى أهلها الذين لم يتمكّن من تقديمها إليهم في وقت سابق، وانطلاقاًً من «أن آتي معتذراً خيراً من أن أحمل أخطائي ثقيلة في قلبي»، كان ظهور العودة بحلقة «آسف»، التي استهلها باعتذارٍ بعيد، وجّهه إلى سائق الأجرة (من المغرب البعيد) الذي اختلف معه على القيمة، مصحوباً بأمل أن يصله اعتذاره. «آسف» لم تعبر من دون أن تضع وسمها هي الأخرى، فالمليونية التي شهدتها في الأيام الثلاثة الأولى من عمرها لم تكن إلا جزءاً من حملة التفاعل التي حضرت لدى منتمي «تويتر»، ف «آسف العودة» داعب مشاعر المتلقين، ليدفع بهم إلى النظر في ما اقترفوه من أخطاء، وفي ما عاشوه من مواقف تتطلّب منهم الاعتذار، فكانت الاعتذارات تمطر بغزارة من الابن لوالديه، ومن الأب لأبنائه، ومن الصديق لصديقه، حتى من الإنسان لذاته. كان السعي للقرب من الجيل الجديد جلياً في «وسم»، إذ لم يتكلف سلمان العودة في ظهوره الشكلي، فتنازل عن «مشلحه» الذي كان قد تنازل عنه قبل رمضانيين في برنامجه الفضائي «حجر الزاوية» يرفقه المذيع فهد السعوي، وحينها كانت ردود الأفعال المتباينة حاضرة، فبين متعجبٍ من هذا التصرّف بحجة أنه يقلّل من هيبة الداعية الإسلامي، ومؤيد لا يرى هذا «المشلح» سوى أمر شكلي لا يسمن ولا يغني من جوع. ظهر العودة على طبيعته، تاركاً «غترته» بجانب «مشلحه» وترك «طاقيته» مرصوصة في خزانة الملابس، وراح يخاطب بفكره فكر الآخرين، من دون حواجز أو قيود، ففي 4 دقائق أوصل رسائله المباشرة بلغة سلسة، منادياً بالتغيّر وداعياً إلى تعزيز ثقافة الاعتذار.