على رغم إعلان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الأربعاء أن بلاده لا تنوي مهاجمة سورية التي أسقطت إحدى طائراتها الحربية فوق المتوسط، إلا أن محللين يتوقعون تزايد احتمالات وقوع اشتباكات على الحدود بين البلدين. وبعد أيام من إسقاط مقاتلة تركية من طراز «فانتوم أف-4» بنيران الدفاعات السورية وفقدان طاقمها، أكد أردوغان أنه ليس لدى تركيا «نوايا عدوانية تجاه أي بلد». وجاء كلام أردوغان، أثناء حفل عسكري، وبعد يوم من وصفه سورية بأنها تشكل «تهديداً واضحاً ووشيكاً»، متوعداً برد عسكري قاس على أي انتهاك حدودي. وأبرزت الصحف التركية تشدد الموقف التركي وقالت صحيفة «ملييت»، أن «سورية أصبحت عدواً حقيقياً الآن». وعلى رغم أن المحللين استبعدوا احتمالات الحرب، إلا أنهم حذروا من تصاعد العنف على طول الحدود التركية - السورية الجنوبية الممتدة 910 كلم. وقال المحلل السياسي البروفسور سيدات لاسينر من مؤسسة «يو أس أيه كاي» ومقرها أنقرة «تستطيع أن تصنف بلداً ما على أنه عدو، لكن ذلك لا يعني أنك في نزاع ساخن مع ذلك البلد». وأكد أن «تركيا ليست لديها نية بترجمة هذا التوتر إلى حرب، لكن من الواضح أن الحدود التركية - السورية تحولت إلى جبهة يمكن أن تشهد هجمات في المستقبل». وفي كلمة أمام البرلمان الثلثاء، أعلن أردوغان أن «قواعد الاشتباك تغيرت بالنسبة إلى القوات المسلحة التركية. فأي عنصر عسكري قادم من سورية ويشكل تهديداً أو خطراً أمنياً على الحدود التركية سيعتبر هدفاً» عسكرياً. وأكد هيو بوب من مجموعة الأزمات الدولية أن «التوتر سيتصاعد على الحدود». وأضاف: «لكن لا أعتقد أن تركيا تريد إرسال قوات إلى سورية الخيار الوحيد أمام تركيا هي أن تكون جزءاً من مبادرة دولية». وبناء على طلب من تركيا، عقد الحلف الأطلسي اجتماع أزمة الثلثاء في بروكسيل حول المسألة ترأسه الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن بحضور أعضاء الحلف ال28. وقال راسموسن: «هذا عمل غير مقبول ونحن نندد به بأشد العبارات... لقد أعلن الحلفاء دعمهم القوي وتضامنهم مع تركيا»، موضحاً أن الحلف ما زال «يدرس» الملف. وقال أردوغان: «تركيا ستمارس حقوقها المنصوص عليها في القانون الدولي بحزم، وستتخذ الخطوات الضرورية عن طريق تحديد الزمان والمكان والطريقة لذلك بنفسها». ورأى ديدييه بيون المتخصص في الشؤون التركية في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس أنه «من الطبيعي أن يلقي أردوغان بمثل هذا الخطاب القوي بعد هذه الحادثة». وأضاف أنه لا يوجد تهديد بنشوب حرب بين أنقرة ودمشق لكن «هناك مخاطر بحدوث اشتباكات على الحدود» ربما ترتبط بوجود مسلحي المعارضة السورية في جنوب تركيا. وتابع: «هناك مخاطر كذلك من وقوع أعمال استفزازية متعمدة، ولكن مثل هذه الاشتباكات سيكون لها تأثير محدود». وقالت وسائل الإعلام التركية إن تركيا ستخضع سورية إلى عمليات مراقبة أكبر وتراقب كل تحرك عسكري يصدر عنها. كما قالت الصحف إن الحكومة أرسلت دبابات إلى الحدود ونصبت أجهزة رادار إضافية، إلا أنه لم يرد تأكيد رسمي لذلك. ورأى اليتر توران أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيلغي في إسطنبول أن «تركيا شعرت بالإحباط وكان عليها أن تظهر أنها اتخذت بعض الإجراءات بعدما أسقطت سورية طائرتها». ورداً عن سؤال عما إذا كان أعضاء حزب أردوغان يؤيدون شن حرب على سورية، قال توران: «لقد أسقطت الطائرة التركية في عمل عدائي»، إلا أنه أضاف أن السياسة الخارجية لا تخضع لتوقعات القاعدة الشعبية للحزب. وكان أردوغان انقلب على حليفه السابق الرئيس السوري بشار الأسد، ووصفه بأنه «ديكتاتور دموي» بعد حملة القمع التي شنها نظامه على المناهضين له في الاحتجاجات التي اندلعت في منتصف آذار (مارس) 2011 وأدت إلى فرار آلاف اللاجئين إلى تركيا. وقال لاسينر إن تركيا وصلت إلى مرحلة في علاقاتها مع سورية: «باتت فيها جميع الخيارات مطروحة». وأشار إلى أن «تركيا ليست لديها نية للدخول في حرب مع سورية... ولكن تركيا لها حق الدفاع عن النفس».