سقط الأمين العام للنقابة الحرة للموسيقيين المغاربة، مصطفى بغداد، قبل أيام، أمام جمهور واسع على خشبة مسرح «هوليوود» في مدينة سلا، أثناء تأدية عمله. وبعد دقائق على دخوله في غيبوبة، فارق الحياة. وكان الفنان يُحيي حفلة له ضمن الدورة ال16 للمهرجان الوطني للأغنية المغربيّة. ولم تكد تمرّ أيام قليلة، حتى سقط فنان آخر هو صلاح الدين بنموسى، أثناء تصوير فيلم «نحاولو على المستور»، في ضواحي بني سليمان (شمال الدارالبيضاء)، فنُقل إلى أحد مستشفيات الرباط ليفاجأ الوسط الفني بإصابته بالشلل. ولم يتوقف النزف. فبعد ذلك بقليل، سقط اسم فني آخر في جوار خشبة المركز الثقافي «لاكورنيش» في مدينة النّاظور، وهو المخرج محمد إسماعيل، صاحب الفيلم الشهير «وداعاً أمّهات»، وكان في صدد رئاسة لجنة التحكيم لمهرجان «الذاكرة المشتركة» في المدينة. وأفادت وسائل إعلام بأن المخرج أحسّ بآلام حادة خلال وجوده في القاعة، فنُقل إلى المستشفى، حيث اكتُشفت إصابته بجلطة دماغية أدت إلى شلل ذراعه. يتساقط الفنانون إذاً. كأنه خريف مفاجئ، تواطؤ مبهم أو احتجاج صامت، ما يستعيد النقاش الطويل المكرور حول التغطية الصحية للمبدعين والفنانين ووضعهم الاعتباري. كثيرون يلقون باللائمة على المجتمع المغربي الذي لا يهتم لفنه وفنانيه. فيما يلوم آخرون الدولة المغربية التي تختار الاحتفاء بفنانين من خارج المغرب، خصوصاً في المهرجان الدولي المعروف «موازين» ومهرجان السينما في مراكش، ويحتج هؤلاء على مبالغ طائلة تدفع لضيوف من بلدان قريبة، ولا يبقى للفنانين المغاربة سوى الفتات. وهناك من يلوم وزارة الثقافة المغربية التي وضعت، خلال أكثر من عشر سنوات، مقترحات وتوصيات، بالتشاور مع نقابات الفنانين، لكن مع وقف التنفيذ. وكان أحد أهم الاقتراحات، بطاقة الفنان التي تشمل ضماناً صحياً، والتي صدرت لكنها ظلّت غير مفعّلة. ووعد الوزير السابق بنسالم حميش بتفعيلها، وإفادة الفنانين من امتيازت وتسهيلات، لكن كلامه ظلّ في إطار التصريحات. فهل «التساقط» الأخير إشارة رمزية؟ إشارة إلى التعب الذي استبدّ بالفنان المغربي؟ صورة مقرّبة لواقع فنان مغربي يتهاوى، أمام أشكال أخرى من «الفنون» ملأت تلفزيونه ومسرحه، وتركته في الحياة بلا نصير؟