يواجه الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي ملفات اقتصادية شائكة، فمن عجز الموازنة وارتفاع معدلات البطالة إلى تراجع عائدات السياحة وارتفاع الأسعار، يبدو الوضع الاقتصادي قنبلة موقوتة تنتظر الحكومة الجديدة. ويرى محللون أن مصر تمر بأزمة اقتصادية خانقة، وأن على الرئيس الجديد أن يبتكر حلولاً سريعة وحاسمة. وبدا أن مرسي يعطي للملف الاقتصادي أولوية، وهو ما ترجحه بورصة الترشيحات لرئاسة الحكومة التي مالت إلى خبراء الاقتصاد، فإلى اسم المعارض البارز محمد البرادعي الذي يتمتع بعلاقات دولية واسعة من شأنها جذب مساعدات واستثمارات أجنبية، طرح اسما نائب رئيس الوزراء السابق الخبير الاقتصادي البارز حازم الببلاوي والخبير الاقتصادي زياد بهاء الدين. وأفيد أيضاً أن مرسي بصدد تشكيل فريق مستشارين اقتصاديين. وقال أستاذ الاقتصاد في جامعة القاهرة محمود عبدالفضيل إن «الوضع الاقتصادي سيكون في غاية الصعوبة بالنسبة إلى الرئيس، فنحن في مرحلة تباطؤ اقتصادي». ورأى أن المخرج في «ابتكار حلول غير تقليدية لتعديل المسار الاقتصادي، ربما من خلال اتخاذ خطوات تنفيذية محددة لزيادة الإنتاج وطمأنة رجال الأعمال لجذب استثمارات جديدة وتهيئة المناخ الاقتصادي للنهوض بمعدلات النمو». وكانت معدلات النمو انخفضت في شكل كبير خلال العامين الماضيين، وسط توقعات بمزيد من الانخفاض قبل أن يعاود الارتفاع العام المقبل، كما ارتفعت معدلات البطالة إلى نحو 12 في المئة. ويشير عبدالفضيل إلى أن «التحدي الأكبر للرئيس سيكون جذب الاستثمارات الخارجية وإنعاش حركة السياحة لإعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات واستعادة الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة لدى البنك المركزي الذي انخفض إلى النصف في عام واحد». ورأى أن ذلك «يتطلب أولاً عودة الاستقرار السياسي وضمان مستوى أمني مرتفع». ويعد قطاع السياحة الذي يعمل فيه نحو 10 في المئة أكثر القطاعات تضرراً خلال العامين الماضيين، إذ انخفضت العائدات بما يناهز 30 في المئة العام الماضي، كما أن العاملين في القطاع كانوا يتخوفون من فرض قيود على الخمور والسياحة الشاطئية في حال وصول الإسلاميين إلى الحكم، ما دعا الرئيس الجديد في أكثر من مناسبة إلى تأكيد أنه سيسعى إلى انفتاح أكبر وجذب مزيد من الاستثمارات في قطاع السياحة. ويشدد الخبير الاقتصادي أحمد جمال على «ضرورة أن يمزج الرئيس الجديد بين الانفتاح الاقتصادي وترسيخ العدالة الاجتماعية عبر سياسات ترعى الفقراء»، مشيراً إلى أن «التحدي الأكبر في بلد يعيش 40 في المئة من سكانه تحت خط الفقر يتمثل في كبح جماح الأسعار وتوفير فرص عمل، إضافة إلى مساواة أكبر بين المصريين في كل المجالات». وأعرب صندوق النقد الدولي عن استعداده لمساعدة مصر في استئناف نموها والتعامل مع التحديات الاقتصادية بعد انتخاب الرئيس. وقال الناطق باسم الصندوق في بيان إن «انتخاب رئيس جديد هو خطوة مهمة إلى الامام في العملية الانتقالية في مصر». وأضاف أن «مصر تواجه تحديات اقتصادية مباشرة كبيرة، خصوصاً استئناف النمو وضرورة معالجة الاختلالات المالية والخارجية. وصندوق النقد الدولي مستعد لدعم مصر في التعامل مع هذه التحديات ويتطلع الى العمل عن قرب مع السلطات». ويأتي البيان في وقت يستعد مرسي لتولي الرئاسة ليكون أول رئيس مدني منتخب في مصر. ومنذ أواخر العام الماضي، يناقش صندوق النقد الدولي مع القيادة الانتقالية في البلاد احتمال منح مصر قرض بقيمة 3.2 بليون دولار لمساعدتها على سد عجز الموازنة فيما تسعى إلى اعادة هيكلة اقتصادها ونظامها المالي.