ينقل بعض المثقفين المصريين عن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك رداً صاعقاً حين تكاثرت عليه الأسئلة عن توريث ابنه جمال، ينقل عنه قوله: «حيورث ايه... دي خرابة»، ولا يعرف مدى صحة ذلك، لكنه في كل الأحوال لا يخفي دلالات على الواقع الاقتصادي والاجتماعي. مصر دخلت مرحلة جديدة برئيس منتخب غير كامل الصلاحيات، بل بالشراكة - إن جاز التعبير- مع المجلس العسكري، قد يبدو هذا للوهلة الأولى في غير صالح مصر، لكن لا يُعرف في التاريخ دولة انتقلت من ثورة على الدكتاتورية والسلطة المطلقة إلى الحكم الديموقراطي إلا على مراحل، تخبرنا تجارب الأمم أنها تأتي تدريجياً إن لم تنكفئ على نفسها وتعود بلباس ديكتاتوري جديد. وأقرب الاحتمالات أن هناك صفقة تمت بين المجلس العسكري والإخوان أو حزب الحرية والعدالة، ربما استفاد الإخوان من أخطائهم في مخاض الثورة وما تلاها من صراع، باستخدام مبدأ خذ وطالب. كل حفلات التهاني والتبريكات للرئيس المصري الجديد ستتلاشى سريعاً مثل وهج ألعاب نارية، لتبدأ المطالبات والانتقادات وفتح ملفات متضخمة، وهو ما يفترض أن الرئيس محمد مرسي والحزب مع الجماعة جاهزون له. ومشكلة الرئيس مرسي أنه لا يملك كاريزما زعامة تختطف قلوب الجماهير وتلهب عواطفها، وهي ميزة لها حاجة ماسة للتعاطي مع اللعبة السياسية الانتخابية، لذلك ليس أمامه إلا النجاح في الأداء تحت عيون المجلس العسكري وبقايا الحرس القديم، هي بالتأكيد ليست بالمهمة السهلة، وإذا وفق الرئيس الجديد في إيجاد حل لملف واحد من الملفات التي تثقل كاهل الشعب المصري سيجد جداراً يستند إليه ليكتسب شرعية أخرى أكثر قوة، وفي أهم الملفات الاقتصادية يبدو أن خيار حزب الحرية والعدالة المصري هو خيار اقتصاد السوق. في لقاء معه في صحيفة المصري اليوم قال القيادي البارز في حزب الحرية والعدالة رجل الأعمال حسن مالك: «لا يوجد في أفكار حزب الحرية والعدالة ما يسمى بالاقتصاد الإسلامي بالشكل الذي تتناوله بعض وسائل الإعلام، حيث أنهم يسعون إلى دولة مدنية تكفل جميع الحريات مع اقتصاد حر مفتوح يقوم فيه القطاع الخاص بدوره الحقيقي في البناء، بما لا يعفي الحكومة من دورها». والكلام جميل والمشكلة في التطبيق، فهذا الخيار تعلن معظم دول العالم الثالث أنه منهجها الاقتصادي ولم تحقق تقدماً يذكر بل تتراجع. www.asuwayed.com