واصلت إسرائيل خرق التهدئة الهشة في قطاع غزة، التي تم التوافق حولها بجهود مصرية ليل الأربعاء الخميس. وبدلاً من تثبيتها جرى تثبيت معادلة «قصف مقابل قصف». واستشهد خمسة فلسطينيين، بينهم طفل في السادسة، وجرح نحو 25 شخصاً معظمهم مدنيون منذ فجر السبت في سلسلة غارات جوية إسرائيلية على قطاع غزة استهدفت مقاراً أمنية ومدنيين أو مقاتلين كانوا يطلقون صواريخ على إسرائيل. وتبادلت إسرائيل و»حماس» التهديدات والاتهامات بالمسؤولية عن خرق الهدنة. وتوعدت «كتائب القسام» التابعة لحركة «حماس» في بيان أمس ب «الرد على جرائم الاحتلال الإسرائيلي بالشكل المناسب والطريقة التي نريد». وقالت: «إذا لم يفهم العدو رسالتنا، فلينتظر المزيد وإذا لم تكن الجولة الماضية من المواجهة كافية لردع الاحتلال، فإنا جاهزون لتهشيم غطرسته وكبح إجرامه والرد على عدوانه». وأكدت أنها لن تسكت على الغارات الإسرائيلية ليل الجمعة السبت، ووصفتها بأنها «هجمات بربرية وجرائم لا يمكن السكوت عنها»، مشددة على أن «العدوان لن ينال من عزيمة المقاومة والشعب والعدو لن يخرج منه سوى بالفشل الذريع». ودعا عريقات روسيا وفرنسا وبريطانيا إلى «استمرار بذل الجهود بهدف تثبيت تهدئة مُتبادلة ومتزامنة وشاملة في قطاع غزة». ورأى عريقات أثناء لقاءات منفصلة مع ممثل روسيا الاتحادية لدى السلطة الفلسطينية ألكسندر رادكوف، والقنصل الفرنسي العام في القدسالمحتلة فردريك دوسيجنيه، والقنصل البريطاني العام السير فنست أن «تثبيت التهدئة في شكل شامل ومُتبادل ومتزامن يُعتبر مصلحة لكل الأطراف ذات العلاقة». وأضاف أن «الرئيس محمود عباس يستمر في بذل كل جهد ممكن لتثبيت التهدئة، وحماية أبناء شعبنا» في القطاع. وحمّل وزير الجبهة الداخلية الإسرائيلي متان فيلنائي أثناء زيارته منطقة «أشكول» و»بوابة النقب» شرق قطاع غزة حركة «حماس» المسؤولية الكاملة عما يحدث في كل المنطقة الحدودية، متوعداً بالرد ب»يد من حديد». ميدانياً، شنت طائرات حربية إسرائيلية سلسلة غارات أمس وليل الجمعة السبت أسفرت عن استشهاد خمسة فلسطينيين وإصابة نحو 25 آخرين. وأعلن مصدر طبي فلسطيني مساء أمس «استشهاد مواطن فلسطيني لم يتم التعرف عليه كان على دراجته النارية وأصيب عشرة آخرون بصاروخ أطلقته طائرة إسرائيلية على حي النصر غرب مدينة غزة». وقالت مصادر محلية إن طائرة إسرائيلية استهدفت مجموعة من المقاومين في تلة قليبو شمال مخيم جباليا للاجئين شمال القطاع، ما أدى إلى استشهاد الناشط خالد البرعي (21 سنة). وسبق ذلك، إعلان مصادر فلسطينية عن استشهاد الطفل علي معتز الشواف (6 سنوات)، وإصابة ثلاثة آخرين بجروح في غارة شنتها طائرة حربية إسرائيلية على ملعب رياضي في بلدة عبسان الكبيرة شرق مدينة خان يونس جنوب القطاع. جاء ذلك بعدما قصفت المدفعية الإسرائيلية أرضاً زراعية في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع، من دون وقوع مصابين، فيما أصيب مواطنان في قصف مماثل شرق مدينة رفح جنوب القطاع. وقالت اللجنة العليا للإسعاف والطوارئ في القطاع إن 21 فلسطينياً أصيبوا بجروح متفاوتة في ثلاث غارات ليلية شنتها طائرات من طراز «أف 16» أميركية الصنع، استهدفت موقعين لكتائب القسام، أحدهما شرق جباليا، والثاني على شاطئ مدينة دير البلح وسط القطاع، ومقر الصيانة في السرايا الحكومية وسط مدينة غزة. جاء ذلك، بعدما شنت طائرة استطلاع إسرائيلية من دون طيار ليل الجمعة السبت غارة على دراجة نارية في منطقة السودانية شمال القطاع، ما أدى إلى استشهاد الناشط همام أبو قادوس، وإصابة مواطنين بجروح متوسطة. وقبل ذلك، اغتالت طائرة استطلاع إسرائيلية القائد العسكري لألوية الناصر صلاح الدين «لواء البريج» الذراع العسكرية للجان المقاومة الشعبية باسم عبد الله أحمد (28 سنة) مساء الجمعة شرق مخيم البريج للاجئين وسط القطاع، فيما أصيب مواطنان بجروح. ونعت اللجان وذراعها العسكرية ألوية الناصر صلاح الدين القيادي أحمد. وذكرت في بيان إن «نهج المقاومة هو سبيلنا ولن نتراجع عنه، وسنبذل كل ما نملك حتى آخر قطرة دم في سبيل إعلاء راية لا إله إلا الله». وأضافت أن «التزامنا التهدئة مع العدو الصهيوني يأتي من باب التوافق مع الجماعات الفلسطينية»، مشددة على أن ألوية الناصر صلاح الدين «ستظل دائماً في المواقع المتقدمة لحماية شعبنا والدفاع عنه في مواجهة الهجمة الصهيونية». واعتبر المتحدث باسم كتائب الشهيد أبو علي مصطفى الذراع العسكرية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين «أبو جمال» أن الحديث عن التهدئة «محض أوهام في ظل استمرار العدوان، الذي يأتي ترجمة للعقيدة الصهيونية القائمة على القتل والتدمير، والتي لا يمكن مجابهتها إلا بتصعيد المقاومة وفتح بواباتها عن آخرها، الأمر الذي يتطلب توحيد الجهود وتشكيل جبهة توحد المقاومة وتعزز قدراتها». وواصل عدد من فصائل المقاومة إطلاق الصواريخ على بلدات ومواقع إسرائيلية. وقال ناطق باسم الجيش الإسرائيلي إن تسعة صواريخ فقط سقطت أمس على إسرائيل من بين 35 صاروخاً أطلقت من القطاع، ما أسفر عن إصابة عامل في مصنع في بلدة «سديروت» بجروح خطيرة جراء سقوط صاروخ. إلى ذلك، أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية إلى أن الموجة الأخيرة من التصعيد سقط خلالها 130 صاروخاً، جرح نتيجتها 11 إسرائيلياً، بينهم أربعة جنود، فيما اضطر عشرات آلاف الإسرائيليين إلى قضاء أيام متواصلة في الملاجئ والأماكن الآمنة. فيما قال الموقع الإلكتروني للصحيفة إن قائد هيئة الأركان العسكرية الإسرائيلية بيني غانتس عقد جلسة مشاورات أمس مع كبار قادة الجيش في مقر وزارة الدفاع في تل أبيب لبحث الرد العسكري على غزة. في الأثناء، طالبت الجبهة الداخلية الإسرائيلية من سكان القرى التعاونية «كيبوتسات»، القريبة من القطاع بأن يبقوا على مقربة من أبواب الملاجئ والغرف المحصنة لوقت لا يتجاوز 15 ثانية، كي يفروا إليها بسرعة لدى سماعهم صفارات الإنذار.