التهاب الأعصاب من الأمراض الشائعة نسبياً، الذي يمكنه أن يضرب عصباً يتيماً، أو مجموعة من الأعصاب دفعة واحدة. ويشاهد التهاب الأعصاب أكثر ما يشاهد في المرحلة العمرية من 30 إلى 50 عاماً، ويطاول الجنسين، خصوصاً الرجال. ويتظاهر الإلتهاب بعوارض وعلامات شتى تختلف بحسب العصب المصاب والمنطقة التي يقع فيها. وفي شكل عام يظهر التهاب الأعصاب في صور عدة يطغى عليها عارض الألم الذي يكون نوعين: حاد يدوم أقل من 12 شهراً. ومزمن يلازم صاحبه أكثر من 12 شهراً. ويعتبر ألم الأعصاب مشكلة طبية خطيرة جداً، لأن المصابين به يمضون فترة طويلة من حياتهم وهم يعانون منه، إلى درجة أن بعض المرضى يفقد الإحساس، جزئياً أو كلياً. لذا يجب على المريض أن يخبر طبيبه عما إذا كان يعاني من هذه الآلام، كما يجب على الطبيب ألا يتردد في الإستفسار عن وجوده. وإلى جانب الألم يمكن أن نصادف عوارض أخرى، مثل الوخز، واللسع، والحرق، والتنميل، وضعف العضلات أو شللها أو ضمورها، وفقدان المنعكسات، وفقدان الحس، وغياب التعرق في منطقة ما من الجسم، وصعوبة التحكم في العضلات أو في تحريكها، والضعف العام. وأحياناً تظهر عوارض هضمية، مثل انتفاخ البطن وحرقة المعدة، أو عوارض بولية. أما في شأن مسببات التهاب الأعصاب فهي متنوعة وتشمل: - الداء السكري. - أمراض المناعة الذاتية. - أمراض الكلى المزمنة. - قصور الغدة الدرقية. - نقص مستوى الفيتامين ب 12 في الدم. - تناول بعض أنواع الأدوية التي تستعمل لعلاج السرطان أو فرط ارتفاع ضغط الدم. - فرط شرب الكحول لمدة طويلة. - التسمم بالمعادن الثقيلة. التعرض لدرجات الحرارة المنخفضة لفترات طويلة. - كسور العظام التي قد تؤثر في الأعصاب المجاورة. - العدوى بالجراثيم والفيروسات. - الإضطرابات الإستقلابية. - داء النقرس. - سرطان الدم. ويعتبر الداء السكري من أكثر مسببات التهاب الأعصاب انتشاراً، فنصف المصابين بالداء السكري تقريباً يزورهم هذا الإلتهاب في مرحلة ما من حياتهم. ويتظاهر التهاب الأعصاب السكري بعوارض مختلفة طبقاً لنوع الأعصاب التي تأثرت بارتفاع مستوى السكر في الدم، وفي كثير من الأحيان لا يتم رصد العوارض في الوقت والشكل المناسبين. إن أعصاب الطرفين السفليين والقدمين هي من أكثر الأعصاب تأثراً بمرض السكري، وعلى هذا الصعيد يقول دان زيجلر الخبير الالمانى وعضو الاتحاد الأوروبي لمرض السكر أن معظم مرضى السكري يعانون من الآلام العصبية الناتجة من التهاب الأعصاب في الطرفين، الذي تكمن خطورته في كونه يؤدى إلى ضعف الإحساس بالقدمين ما يؤدي إلى تعرضهما لإصابات مختلفة من دون أن يشعر المريض بأي شيء غير طبيعي، ويعود السبب إلى فقد الإحساس بالحرارة، كما بالألم. ولا تسلم أعصاب اليدين من الإلتهابات، ومن أشهرها التهاب العصب الرسغي، الذي ينتج من انضغاط العصب المتوسط الذي يمر في مرفق اليد من قبل الأنسجة المحيطة به، ويشكو المصاب في هذه الحال من الوخز والتنميل في أصابع اليد، ويمكن أن يفقد الإحساس في إبهام اليد، وقد تصبح يد المريض ضعيفة، خصوصاً عند القيام بأنشطة تتطلب اشتراك إصبع الإبهام، مثل الإمساك بالأشياء، إلى درجة أنها قد تسقط من اليدين. ويكثر التهاب العصب الرسغي عند النساء، خصوصاً بعد سن الخمسين. وفي غالبية الحالات لا يمكن التوصل إلى معرفة سبب واضح لإلتهاب العصب الرسغي، لكن هناك حزمة من الأسباب الواضحة، مثل الأعمال التي تتطلب حركة اليدين باستمرار (كالضرب على لوحة الكومبيوتر، والحياكة، والرسم)، وسن اليأس، وكسل الغدة الدرقية، والحمل، والداء السكري، وأمراض الروماتيزم، والكسور، وزيادة الوزن. وتتم معالجة التهاب العصب الرسغي بتدبير الأسباب المعروفة. أما في حال عدم معرفة السبب فإن العلاج يكون محافظاً في البداية، وإذا لم يعط نتيجة فإن حلولاً أخرى أكثر تعقيداً قد يلجأ إليها الطبيب. وخير ما يمكن عمله للوقاية من التهاب عصب الرسغ هو الحرص على توفير الراحة لليدين من العمل كل 10 إلى 15 دقيقة، وتجنب ثني اليدين طوال الوقت إلى الأعلى أو إلى الأسفل، وعدم المبالغة في استعمال اليدين، وعلاج التهاب المفاصل الروماتيزمي وغيره من الأمراض التي يمكن أن تسبب متلازمة نفق الرسغ. ومَن لم يسمع عن «شلل بيل» الناتج من التهاب العصب الوجهي، الذي يتحكم في عضلات جانبي الوجه التي تمكننا من التعبير، والإبتسام، والضحك، والبكاء وغيرها من تعبيرات الوجه. وتسبب الإصابة ضعفاً أو شللاً في عضلات الوجه. ولا يزال سبب هذا المرض غير معروف حتى الآن على رغم أن البعض يعتقد أن سببه عدوى فيروسية. و «شلل بيل» حالة فردية غير مهددة للحياة، وغالباً ما تتحسن تلقائياً في غضون أسابيع قليلة من بدء الإصابة. ويعاني كثيرون من التهاب الأعصاب الناتج من الإنزلاق الغضروفي في الفقرات القطنية ما يؤدي إلى الشكوى من آلام شديدة تمتد من أسفل الظهر إلى أسفل القدم، ويتم علاج هذه الحال إما بالوسائل السلمية وإما بالجراحة. ويعتمد تشخيص التهاب الأعصاب بناء على المعطيات الآتية: - الفحص السريري للمصاب. - التحاليل المخبرية. - تقويم وظائف العضلات. أما العلاج فيقوم على الأسس الآتية: 1- اكتشاف السبب الكامن وراء التهاب الأعصاب والعمل على محاربته. 2- فيتامينات المجموعة ب. 3- مسكنات الألم. 4- الأدوية المناسبة لعلاج المشاكل الناتجة من التهاب الأعصاب. 5- التنويم المغاطيسي وتمارين الإسترخاء للتخفيف من تشنج العضلات المرافق لالتهاب الأعصاب. 6- ممارسة نمط حياة صحي يعتمد خصوصاً على النوم الجيد والحياة الهادئة بعيداً من القلق والتوتر. أما في شأن الوقاية من التهاب الأعصاب فإن الخطوات الآتية مثمرة: - السيطرة على الداء السكري. - اتباع نظام غذائي متوازن يؤمن للجسم احتياجاته الأساسية. - الإمتناع عن تناول المشروبات الكحولية. - تجنب البقاء في الوضع نفسه لفترات طويلة.