رحبت المملكة العربية السعودية بالمبادرة التي أطلقها مؤتمر الأممالمتحدة للتنمية المستدامة (ريو+20) الذي اختتم فعالياته اليوم بريو دي جانيرو بالبرازيل، بعنوان (الطاقة للجميع) وتشجيع استخدام الطاقة المتجددة. جاء ذلك في كلمة المملكة التي وزعت على أعضاء المؤتمر الوزاري الذي انعقدت فعالياته خلال الفترة من (20-22) حزيران (يونيو) الجاري، بمدينة ري دي جانيرو بالبرازيل التي أكدت تأييد المبادرة من حيث المبدأ، كونها تتماشى في إطارها العام وأهدافها الرئيسية مع الأهداف والجهود التي تقوم بها المملكة في مجال الطاقة، إضافة إلى أن المملكة تحتل مركزاً متقدماً من حيث الدعم الإنمائي الخارجي نسبة إلى إجمالي الناتج المحلي، وبشكل يفوق ما أوصت به الأممالمتحدة الدول المانحة للمساعدات. وأشارت كلمة المملكة إلى أنه سبق أن أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز مبادرته التاريخية في اجتماع جدة التشاوري للطاقة في يونيو 2008 بعنوان «الطاقة من أجل الفقراء»، لتمكين الدول النامية من مواجهة تكاليف الطاقة المتزايدة، وهو ما يدل على حرص المملكة لتحقيق ذلك التوجه العالمي، إلى جانب إعلان المملكة العربية السعودية عن إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والطاقة المتجددة، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية، لتمثل رافداً للتوجه العالمي. وأضافت: «تسعى المملكة من خلال هذا التوجه إلى دعم ورعاية وتطوير البحث العلمي وتوطين التقنية، من أجل بناء قاعدة علمية تقنية في مجال توليد الطاقة، والعمل على تطوير الكفاءات العلمية في مجالات اختصاصاتها، كما أن الطاقة التي سيتم استخراجها عبر هذه المدينة ستساعد المملكة والعالم كله لإيجاد طاقة خضراء نظيفة لا تؤثر في البيئة». وأكدت الكلمة أن المملكة حققت نجاحات عدة في مجالات الاستهلاك والإنتاج المستدام على النحو الذي تناوله الإطار العشري، ففي قطاع الطاقة تضمنت البرامج تحسين كفاءة إنتاج واستهلاك الكهرباء، وتطوير وتنمية استخدام وسائط النقل العام لخفض استهلاكها من الطاقة، وخفض الانبعاثات من قطاع النقل، إضافة إلى تطوير وتنمية استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة، ومصادر الوقود الأنظف في خليط الطاقة. وأوضحت المملكة أنها تسعى إلى مضاعفة معدل التحسن في كفاءة استخدام الطاقة، وأنشأ المركز السعودي لكفاءة الطاقة الذي يعمل على تطوير برامج كفاءة استخدام الطاقة ودرس سبل تطبيقها، كما تستثمر المملكة الكثير من الجهد للحفاظ على الطاقة والتقليل من الآثار البيئية الناتجة من استخدامها، إلى جانب السعي إلى مضاعفة مساهمة الطاقة المتجددة في مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2030 وفقاً لمبادرة الأممالمتحدة. كما شجعت المملكة استخدام الطاقة المتجددة، وبخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح منذ مدة طويلة، وأكدت ذلك من خلال إنشاء مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لغرض تركيز جهود البحث العلمي في هذا الاتجاه، إضافة إلى توفير الاستثمارات اللازمة لدعم المزيد من البحوث والتطوير في هذا المجال. وأكدت أمام قادة وزعماء وفود دول العالم المشاركين في مؤتمر الأممالمتحدة بريو دي جانيرو بالبرازيل، أنها قامت بتشكيل اللجنة الوطنية لآلية التنمية النظيفة، وذلك لتشجيع الاستثمار في تجارة الانبعاثات في المملكة، ووافقت هذه اللجنة على مشاريع عدة، تتصدرها مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتجميع الغاز سواء أكانت من المنشآت الصناعية أم المرادم، وحازت هذه اللجنة على جائزة عالمية في مجال التوعية من سكرتارية اتفاق الأممالمتحدة الإطارية للتغير المناخي لدورها في نشر التوعية عن التنمية النظيفة في المملكة. وأشارت في كلمتها إلى أن تحقيق أهداف هذه المبادرة قد يصطدم مع عدم مقدرة الكثير من الدول النامية على تنفيذها، نظراً إلى الكلفة الباهظة وصعوبة توفير التمويل اللازم لتحقيقها وتطبيقها على أرض الواقع، داعية إلى درس مدى فاعليتها وآلية تمويلها، ورأت ضرورة أن يشمل التطبيق على جميع مصادر الطاقة المختلفة، وألا ينحصر على قطاع النقل سواء أكان البري أم البحري أم الجوي التي تعتمد بشكل رئيسي على النفط، وما يترتب على ذلك من تكاليف مرتفعة وموارد ستتأثر سلباً جراء السياسات والإجراءات التي ستتخذها الدول لتنفيذ هذه المبادرة، إضافة إلى تلك التي تترتب على تنفيذ التزام الدول بموجب اتفاق التغير المناخي وبروتوكول كيوتو. وأوضحت أن التحديات التي تواجهها مجتمعاتنا كبيرة، إلا أنها تمثل أيضاً فرصة مواتية لتذليل العقبات التي تواجهنا لتحقيق التنمية، إذ لم يعد هناك تعارض بين حماية البيئة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لأن حل المشكلات البيئية سيسهم في النهاية في إزالة جانب كبير من معوقات التنمية. وأكدت أن الاهتمام بالبيئة أصبح في سلم أولوياتها انطلاقاً من النظام الأساسي للحكم الذي نص عليه في مواده الرئيسية، إضافة إلى مشاركتها العالم الاهتمام بهذا التوجه، وذلك سعياً إلى تنامي مستوى الوعي العالمي بأهمية الحفاظ على كوكب الأرض، والعمل على كل ما من شأنه أن يحقق الرفاهية للأجيال المقبلة بضمان التنمية المستدامة بدعائمها الثلاثة البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وأشارت إلى أنها حققت تقدماً ملحوظاً في الخطوات والإجراءات التي اتخذتها للوصول لهذا الهدف المنشود، التي تنطلق من الحاجات الفعلية والتطلعات المشروعة للمملكة، لمواجهة التحديات في مختلف المجالات، مع الالتزام العميق بالمسؤولية تجاه المجتمع والأجيال المقبلة، إلى جانب مراعاة الاستفادة من المبادرات الإيجابية والفاعلة والتمسك الكامل بالمرجعيات التي أقرها المجتمع الدولي، وتعزيز المشاركة الإيجابية في الجهود العالمية. ودعت المملكة جميع الدول الأعضاء في الأممالمتحدة إلى الاطلاع على مضمون الإعلان الوزاري الإسلامي حول التنمية المستدامة، والصادر في إطار مشاركة العالم الإسلامي لمؤتمر (ريو+20) الذي يعبر عن الرؤية الموحدة لمجموعة الدول أعضاء منظمة المؤتمر الإسلامي ال57، وللدول الأعضاء المراقبين الخمس التي اشتملت على ثمانية أجزاء، تضمنت التوجهات في ما يخص: تأكيد الالتزامات، والاقتصاد الأخضر، والإطار المؤسسي للتنمية المستدامة، والقضاء على الفقر، والأمن الغذائي، والزراعة المستدامة، والحد من مخاطر الكوارث وتدبيرها، إلى جانب تحديات المياه والصرف الصحي، وتحسين حماية الطاقة ونجاعتها وترشيدها. يذكر أن المملكة تشارك في المؤتمر بوفد رسمي تترأسه الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، ويضم ممثلين عن أكثر من 15 جهة حكومية معنية بالتنمية المستدامة، يشكلون التخصصات المعنية في الاجتماعات المختلفة في ريو دي جانيرو بالبرازيل.