قال وزير الخارجية الليبي السابق علي عبدالسلام التريكي ان المأساة تبدأ «حين ينفصل الحاكم عن الواقع ويأتي المداحون لمضاعفة المشكلة... وذروة المأساة ان معمر القذافي وككل ديكتاتور يذوّب المؤسسات ويقتل الشعب ثم يخرج هاتفاً: شعبي يحبني». لكنه أعرب عن قلقه على ليبيا وعلى «الربيع العربي» ممن يديرونه آملاً ألا يتكرر عصر القذافي. امضى التريكي اربعة عقود في السلك الديبلوماسي التقى خلالها 128 زعيم دولة، بعضهم مرات عدة. اتاحت له تجربته التعرف إلى اجيال من الحكام، خصوصاً في القارة السمراء التي حظيت باهتمام استثنائي من القذافي الذي ابتهج بلقب «ملك ملوك افريقيا»، وهو ما يعتبره التريكي فصلاً مخجلاً. (راجع ص20) وكان التريكي يتحدث الى «الحياة» عن تجربته الطويلة في ديبلوماسية «الجماهيرية الليبية» ومفاجآت القذافي وكذلك عن انطباعاته عن شخصيات التقاها بحكم مهماته. قال التريكي ان القذافي نظر الى ساعته، وقال حان موعد الصلاة وقطع محادثاته مع القادة السوفيات ليصلّي تحت قبة الكرملين. وروى ان القذافي فاجأ الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف بالقول: «اتصل بي اليابانيون ووسّطوني من اجل ان تعيدوا اليهم الجزر المحتلة». وبدا الاستياء واضحاً على وجه بريجنيف الذي رد زاجراً ومتهكماً: «لو كنا نريد اعطاء ارض لكل من يطالب بها لأصبحنا دولة صغيرة مثل ليبيا». ابتلع القذافي الملاحظة القاسية بلا تعليق. وكشف ان القذافي استدعاه ذات يوم وطلب منه نقل رسالة الى العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني تبدأ بعبارة :»انت رجل خائن وعميل»، مشيراً الى انه كان ينقل الرسائل بعد اسقاط هذه العبارات منها.