لعلكم تذكرون قصتي في مطار الرياض، التي ذكرت فيها أنني وجدت نفسي عالقة في خط الجوازات، حين اكتشف موظف الجوازات أن تصريح موافقة ولي أمري كي أسافر وحدي قد انتهى تاريخه، ويلزمني كي ألحق برحلتي التي ستقلع بعد ساعتين أن أجدد موافقة ولي الأمر، أو أن يحضر ولي أمري بنفسه كي يخرجني. وقد كان ولي أمري لحظتها مسافراً، وهكذا أصبحت عالقة في لغز يشبه ذلك اللغز الشعبي الشهير «الصندوق يبغي مفتاح والمفتاح عند النجار...»، وهو لغز شعبي طويل، يحتاج إلى تتبع سلسلة من الإجراءات اللامنطقية، لا تحل إلا بأن تمطر السماء. بعد عودتي اكتشفت أن مشكلتي قد مرّت بمستوى ثانٍ من المشكلات، فقد كان ولي أمري رجلاً يتنقل في هذه الفترة بين أربع مدن كي ينجز أعماله، وقد ظن أن تجديد تصريح سفر لزوجته من أبسطها، هو يظن ذلك لكن «على مين». اتصل ولي أمري «زوجي» بقريبه الذي يحمل وكالة عامة عنه، وطلب منه أن يجدد أمر تصريحي بالسفر، وقد هالني أن أعرف أن الوكيل الذي يستطيع أن يبيع أرضاً ويشتريها يستطيع أيضاً أن يخرج لي تصريحاً بالسفر، اكتشفت أن شأني قد انتقل إلى رجل آخر غريب عني بوكالة عامة، فسألت ولي أمري: لماذا لا توكلني على نفسي و «نخلص»؟ فرد عليّ يلومني: ألا تشعرين وأنت تريننا كلنا نخدمك بأنك ملكة؟ قلت له: بالطبع أشعر بأنني ملكة، لكن مثل ملكة بريطانيا منزوعة السلطات، ثم قلت له - كي أبيّن له متابعتي الشأن العام: أو مثل رئيس مصر الجديد بعد التعديلات الدستورية. كم كانت فرحتي كبيرة حين رفضت دائرة الجوازات حضور الوكيل العام، وطلبت حضور ولي أمري بنفسه، قلت له: عليك أن تكون سعيداً أيها الأمير فيليب. في اليوم الثاني ذهب ولي أمري بنفسه كي يستخرج تصريح الموافقة على سفري، لكنه وجد نفسه - وفق وصفه - في غابة من البشر ستقتضي بقاءه ساعات، وهو لديه جدول أعمال، فقرر العودة لاحقاً في المساء. وفي المساء اكتشف ولي أمري أنه استخدم طريقتين لحل اللغز الشعبي، لكنه لم يجرب المارد السحري الذي يستحضر بكلمة واحدة هي «تعرف أحد في الجوازات»؟ التي ما إن نطق بها حتى ظهر المارد يقول له: «شبيك لبيك خادمك بين يديك»، قال زوجي للمارد: «تعرف أحداً في الجوازات»؟ فجاءه الرد سريعاً: عد إلى منزلك يصلك التصريح في الحال. جلست مثل الملكة إليزابيث أفكر، فتذكرت زميلتي التي وجد والدها نفسه في هذه الحياة بصحبة خمس بنات، واحدة منهن مطلقة وتعول أطفالاً وزوجة مريضة، وعلى رغم أن بناته كبرن وتخرجن إلا أنه اكتشف أنه مطلوب منه أن يوجد مع زوجته المريضة في المستشفى، ومع ابنته المطلقة في المحكمة، ومع ابنته الأخرى في المطار، وقد بدا كل ذلك ممكناً حتى اكتشف أنهم أيضاً يريدونه مع ابنته البالغة 40 عاماً التي تدرس الطب في أميركا محرماً. قد اقترحت على زميلتي الطبيبة أن تنشر إعلاناً في الصحيفة، وتطلب زوجاً يكون محرماً لمبتعثة لمدة أربع سنوات، وسيدعو لها كل شباب السعودية، فهي ستوفر له بعثة وتنقذ شاباً من الضياع، لأنه سيجد نفسه «آكل وشارب» ويتعالج من أناملها الرقيقة. [email protected]