أعلن المصرف المركزي في المغرب أن أزمة منطقة اليورو انعكست سلباً على أداء اقتصاد المملكة الذي تراجع نموه إلى اثنين في المئة خلال الفصل الأول من العام، متأثراً بتراجع الطلب على الصادرات وانخفاض عائدات السياحة وتحويلات المغتربين والتدفقات الاستثمارية. كذلك تقلص احتياط النقد الأجنبي بواقع 15.5 في المئة، ولم يعد يكفي سوى لأربعة أشهر من واردات السلع والخدمات. واعتبر «المركزي» في تقريره الفصلي عقب اجتماع مجلس إدارته في الرباط، أن النمو الاقتصادي المتوقع هذا العام سيكون أقل من ثلاثة في المئة من الناتج الإجمالي، بعدما كان الاقتصاد المغربي يحقق نمواً يفوق خمسة في المئة في السنوات السابقة، بسبب التغير المناخي الذي قلّص الإنتاج الزراعي بواقع 56 في المئة وزيادة عجز الميزان التجاري نتيجة تقلبات الأسعار في السوق الدولية، وانخفاض سعر صرف اليورو أمام الدولار، ما أفقد الدرهم المغربي 1.1 في المئة من قيمته. وأوضح أن الاقتصاد المغربي خسر 109 آلاف فرصة عمل منذ الربع الثاني من العام الماضي، في أسوأ وضع لسوق العمل منذ 2006. ونتيجة ذلك، ارتفعت بطالة الشباب في المدن من 13.3 إلى 14.4 في المئة، وزادت البطالة في الأرياف إلى 4.8 في المئة، وفقد الاقتصاد واحداً في المئة من مجموع القوى العاملة، وزاد عدد العاطلين من العمل في البلاد بنحو 93 ألف شخص. ويبلغ معدل البطالة 33 في المئة من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة والمقيمين في المدن. وشملت خسائر الوظائف قطاعات الزراعة والأشغال الكبرى، ارتباطاً بالتغيرات المناخية وانحباس الأمطار. وفي المقابل، تعززت النشاطات الصناعية والخدمية 4.3 في المئة، خصوصاً الطاقة والاتصالات وتراجعت السياحة والمطاعم 2.6 في المئة. وأضرت أسعار الطاقة والمواد الأولية بميزان المدفوعات المغربي الذي ارتفع عجزه إلى 64 بليون درهم في نهاية نيسان (أبريل)، قبل أن تتراجع الأسعار في الربع الثاني من العام. ولم تعوض صادرات الفوسفات البالغة 15 بليون درهم سوى نصف تكلفة واردات النفط التي بلغت 32 بليوناً في تلك الفترة. وتترك الأوضاع الاقتصادية الصعبة في منطقة اليورو تأثيرات واضحة في الاقتصاد المغربي الذي يرتبط بها منذ عقود بصفة «شريك مميز»، فالحال الهشة لاقتصادات شمال البحر المتوسط، تقلص هامش المناورة للعودة إلى السوق المالية الدولية لإصدار سندات ببليوني يورو، خوفاً من معدلات الفائدة المرتفعة، كما أن خسارة آلاف الوظائف في أوروبا قلّصت حجم تحويلات المهاجرين من ثمانية إلى اثنين في المئة، ومعها السياحة التي خسرت نحو نقطة مئوية في وقت تراجعت الاستثمارات الأجنبية 11.8 في المئة. وأشار المصرف المركزي إلى أن الطلب الداخلي على الاستهلاك يعوض بعضاً من التأثيرات الخارجية السلبية، إذ ساهم تحسن الأجور في زيادة الإنفاق الأسري مدفوعاً بقروض الاستهلاك والسكن التي قدمتها المصارف التجارية، وساعدت الاستثمارات العامة في الحفاظ على نشاطات القطاع الخاص التي استفادت من نفقات بلغت قيمتها 46 بليون درهم. وفي المقابل تضرر دخل المزارعين بتراجع الإنتاج الزراعي. ويعمل في هذا القطاع نحو 33 في المئة من المغاربة.