في وقت يترقب المصريون اليوم النتائج الأولية لجولة الحسم في الانتخابات الرئاسية التي تنافس فيها مرشح «الإخوان المسلمين» محمد مرسي والمرشح المحسوب على المجلس العسكري الحاكم الفريق أحمد شفيق، يصدر قادة الجيش اليوم إعلاناً دستورياً جديداً يحد صلاحيات الرئيس الجديد ويمنحهم سلطة التشريع. وكشف نائب مرشد «الإخوان» رشاد بيومي ل «الحياة» أن عضواً في المجلس العسكري بادر بإجراء اتصال عصر أمس مع رئيس مجلس الشعب (الغرفة الأولى في البرلمان) المُنحل القيادي في الجماعة سعد الكتاتني قبل ساعات من غلق صناديق الاقتراع في جولة إعادة انتخابات الرئاسة. وقال مصدر قريب من المجلس العسكري ل «الحياة» إن «الإعلان الدستوري المكمل سيُعلن اليوم وسيُعهد فيه للرئيس الجديد بالاختصاصات التي نص عليها الإعلان الدستوري المعمول به حالياً، عدا اختصاصي التشريع وإقرار السياسة العامة والموازنة ومراقبة تنفيذها»، وهما السلطتان اللتان انتقلتا إلى البرلمان فور انتخابه لكن المجلس العسكري يعتبر أنه «استردهما» بعد حل البرلمان. وبذلك تنحصر سلطات الرئيس الجديد في تعيين 10 أعضاء في مجلس الشعب «ودعوة مجلسي الشعب والشورى إلى عقد الدورة العادية وفضها والدعوة إلى اجتماع غير عادي وفضه، وحق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها، وتمثيل الدولة في الداخل والخارج وإبرام المعاهدات والاتفاقات الدولية، وتعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفائهم من مناصبهم، وتعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم، والعفو عن العقوبة أو تخفيفها، والسلطات والاختصاصات الأخرى المقررة بمقتضى القوانين». وإضافة إلى أعمال التشريع التي سيحتفظ بها المجلس العسكري حتى انتخاب برلمان جديد، سيحتفظ قادة الجيش بحق الاعتراض على قرار الحرب. وأوضح المصدر أنه «تقرر أن تجري الانتخابات البرلمانية المقبلة بالنظام الفردي الذي ظل معمولا به لسنوات، بدل النظام المختلط بين القوائم والفردي، على أن يتم استمرار مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) ما لم تصدر أحكام قضائية بحله». وسينص الإعلان على أن يقسم الرئيس المنتخب اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا. أما الجمعية التأسيسية للدستور، فعلمت «الحياة» أن المجلس العسكري قرر انتظار حكم المحكمة الإدارية العليا غداً في شأن طعن ضد تشكيلها الثاني الذي انتخبه البرلمان، على أن يتولى العسكر تشكيلها في حال إبطالها. من جهته، قال نائب مرشد «الإخوان» ل «الحياة» إن الكتاتني تلقى اتصالاً هاتفياً من عضو في المجلس العسكري رفض ذكر اسمه، وناقشا فيه أربع قضايا، هي الحكم بحل مجلس الشعب، وإصدار إعلان دستوري مكمل، والجمعية التأسيسية للدستور، وأخيراً مجريات الانتخابات الرئاسية. وأوضح بيومي أن «المجلس العسكري أكد اعتزامه إصدار إعلان دستوري مكمل يتضمن صلاحيات الرئيس الجديد، وأبلغهم الكتاتني برفض هذا الأمر وكذلك قرار حل مجلس الشعب لأن المجلس العسكري لا يمتلك سلطة حل المجلس، وأن هذا الأمر يستدعي بالضرورة إجراء استفتاء شعبي». وأضاف أن «النقاش تطرق إلى تشكيل جمعية تأسيسية جديدة لوضع الدستور، لكن الكتاتني أكد أن الجمعية التأسيسية التي شكلها البرلمان قبل حله اكتسبت مركزاً قانونياً ولا يجوز حلها لأن قرارات البرلمان نافذة بقوة القانون». أما في ما يتعلق بانتخابات الرئاسة، «دار كلام عادي وأكد العسكر حيادهم بين المرشحين وأنهم لا ينحازون لأحد... وأبلغناهم ببعض الملاحظات على العملية الانتخابية والمخالفات التي رصدناها والبلطجة التي تستخدم لإرهاب الناخبين على التصويت لمصلحة المنافس، ومنها الحديث عن تسويد بطاقات اقتراع والإشاعات التي تروج ضدنا». وبادر المجلس العسكري الى إجراء هذا الاتصال بعد بيان لحزب «الحرية والعدالة»، الذراع السياسية لجماعة «الإخوان»، أكد رفض قرار رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي حل البرلمان، باعتبار أنه لا يستند إلى نص دستوري. وطلب استفتاء شعبياً لتنفيذ هذا القرار، أسوة بسابقة حل البرلمان في 1987 بعد حكم مشابه من المحكمة الدستورية العليا. واتخذت السلطات إجراءات احترازية لمواجهة احتجاجات قد تتفجر عقب إعلان النتائج في حال فوز شفيق. وقال نائب مرشد «الإخوان» ل «الحياة»: «منهجنا أنه إذا كان هناك ثمة احتجاجات، فستكون سلمية... الحديث عن تظاهرات لا يقتصر فقط على موضوع الانتخابات، هناك أمور أخرى، فحل البرلمان ليس أقل أهمية من انتخابات الرئاسة». وكانت عمليات الفرز بدأت أمس في اللجان الفرعية فور انتهاء عملية الاقتراع التي مددتها اللجنة العليا للانتخابات ساعتين إضافيتين، تمهيداً لإرسال كشوف الفرز إلى اللجان العامة لتجميعها وإرسال النتائج إلى اللجنة العليا لفحصها وتجميع نتائج عمليات الفرز التي تنتهي اليوم في مختلف المحافظات، على أن تتلقى اللجنة الطعون على نتائج اللجان العامة غداً لتفصل فيها الأربعاء قبل إعلان النتائج رسميا الخميس. وسيتسنى ترجيح من سيتولى حكم مصر من خلال مؤشرات أولية للنتائج تتاح اليوم عبر تجميع الأصوات التي حصل عليها كل مرشح في اللجان الفرعية التي ألزمها القانون بإعلان النتائج فور انتهاء عمليات الفرز فيها. وأسدل أمس الستار على الاقتراع في جولة الحسم. وبدت نسبة التصويت في اليوم الثاني من الاقتراع متفاوتة بين ضعيفة ومتوسطة، ما دفع السلطات وحملات المرشحين إلى دعوة الناخبين إلى الاقتراع وتمديد ساعاته. ورجحت مؤشرات أولية بأن نسبة الاقتراع ستكون في حدود 40 في المئة. وزادت حدة الاتهامات المتبادلة بين حملتي المرشحين بارتكاب تجاوزات وتسويد بطاقات وشراء أصوات، كما وقعت اشتباكات متفرقة بين أنصارهما في محافظات عدة تصدت لها قوات الأمن التي أطلقت في بعض الحالات الرصاص في الهواء لتفريق الجانبين.