طهران – أ ب – يحاول المسؤولون الروس تجنب إبداء ثقة زائدة بإمكان تحقيق اختراق جدي خلال المحادثات المقررة في موسكو اليوم وغداً، بين ايران والدول الست المعنية بملفها النووي. تزامن ذلك مع إشاعة وسائل إعلام ايرانية أجواء تشاؤم، فيما تحدث رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني عن «حرب إرادات»، لكنه شدد على أهمية تجنّب التصريحات «الحادة والمتطرفة» حول هذا الملف، إذ بلغ مرحلة «حساسة ودقيقة». وعلى رغم أن أوساطاً في روسيا وخارجها اعتبرت جولة موسكو «حاسمة»، لكن ساسة روساً أقرّوا بأن تقريب وجهات النظر والخروج بنتائج ملموسة، يبدو مهمة صعبة، على رغم محاولة وزير الخارجية سيرغي لافروف إشاعة نوع من التفاؤل، مفاده أن مواصلة اللقاءات والحوار، يُعدّ بذاته تقدماً. لكن سيرغي ريابكوف، نائب وزير الخارجية الروسي، اعتبر أن الآمال بإنجاح جولة موسكو، تتوقف على قدرة إيران والدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) على التعامل بإيجابية مع الاقتراحات السابقة، وتحويلها «قاعدة يمكن البناء عليها لتقريب وجهات النظر، للشروع في عملية اعادة بناء الثقة المفقودة بين الطرفين، خصوصاً في ما يتعلق بتخصيب اليورانيوم». وقال خبراء روس ل «الحياة»، إن موسكو بذلت جهوداً ضخمة مع الإيرانيين لإقناعهم بأهمية تحقيق «تقدم ملموس» في هذه المرحلة، خصوصاً بسبب التشابك في المواقف والتعقيدات الجديدة في الشرق الأوسط، و «رغبة موسكو القوية في الحفاظ على ما حققته خلال الشهور الأخيرة، لجهة أنها الطرف الأكثر قدرة على المناورة والإمساك بخيوط التسويات» في المنطقة. ولا يخفي الخبراء أن موسكو تعوّل على إعلان صريح من إيران، بالتزامها تجميد التخصيب بنسبة 20 في المئة، في مقابل حصولها على اعتراف صريح بالطابع السلمي لبرنامجها النووي، ما يبعد نهائياً في المدى المنظور على الأقل، مجالات التلويح بخيار عسكري. وقال بيوتر غونتشارييف، وهو خبير في الشؤون الإيرانية، إن روسيا تنتظر «اقتراحات محددة» من الإيرانيين، وتأمل بطرحها خلال اجتماع موسكو، لتجنب خطر انهيار المحادثات، ولإقناع الغرب بأن طهران «لا تواصل المناورة لكسب وقت»، بل تتجه نحو نقاش بنّاء لبحث سبل التسوية الديبلوماسية. ووصل الوفد الايراني الى موسكو امس، برئاسة سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي سعيد جليلي الذي ناقش نائبه علي باقري مع المبعوث الصيني، جدول أعمال المحادثات. لكن وكالة «مهر» أفادت بأن الوفد الايراني «أعرب عن عدم تفاؤله بنجاح محادثات موسكو، نتيجة عدم جدية الدول الغربية»، معتبراً أن «طريقة تعامل ممثلي الدول المتحاورة أخيراً، وأثناء محادثات بغداد، وعدم التعاون لعقد اجتماعات تحضيرية، وكذلك عدم امتلاكهم الصلاحيات اللازمة لتقديم اقتراحات جادة اثناء المحادثات، أدى الى انعدام الأمل بتحقيق تقدّم في محادثات موسكو». وشدد جليلى على أن «ايران تتوقع الاعتراف بحقها في الحصول على التكنولوجيا النووية، بينها تخصيب اليورانيوم»، وقال لقناة «روسيا اليوم»: «أعتقد بأن هذه القضايا يمكن أن تدفع المحادثات إلى أمام». لاريجاني أما لاريجاني، فاعتبر أن «الملف النووي دخل مرحلة حاسمة، تهيمن عليها حرب إرادات». وأشار الى أن «إيران والدول الغربية تفهمان بعضهما بعضاً جيداً، ولا تحتاجان استخدام حيل وإثارة الأجواء». واضاف: «نحن في مرحلة حساسة ودقيقة، على المستويين الاقليمي والدولي. ونواجه في البلد نوعاً من التطرف في الحديث والكلام، ولذلك تجب مراعاة الأوضاع. بعضهم يتصوّر وجوب أن نتحدث بحدة في أي موضوع، لكن هذا الأسلوب ليس حكيماً». وزاد: «أعتقد بأن الملف النووي الإيراني يقع في نقطة حساسة ودقيقة، وأن الاستفادة من الوسائل الديبلوماسية في هذه المرحلة مهم جداً». لكن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان علاء الدين بروجردي أكد ان «لا مناص للغرب سوي الاعتراف بالحقوق النووية لإيران، شاء أم أبي». «جواسيس» إسرائيل وعشية جولة موسكو، أعلن وزير الاستخبارات الايراني حيدر مصلحي «اعتقال 20 متهماً باغتيال علماء نوويين ايرانيين». وأشار الى أن المتهمين تحرّكوا بين ايران واسرائيل عبر دولة ثالثة لم يسمّها، لكنها قد تكون أذربيجان، التي سبق أن اتهمتها طهران بتسهيل نشاط الاستخبارات الاسرائيلية ضدها. وأضاف مصلحي: «لاحظنا أن الكيان يستخدم أراضي إقليم مجاور لأراضينا، حتى انه وضع تحت تصرفه قاعدة تدريب ارهابية وثكنة عسكرية، وثمة مقر العمليات المشتركة لأميركا وبريطانيا والكيان الإسرائيلي، وتخطط السيناريوات ضد بلادنا وتنفذها». لكنه استدرك: «نحن متأكدون من أن هذا الوضع لم يكن بعلم الدولة المعنية وسماحها». وأعلن أن ايران «تنوي توجيه تحذيرات لازمة للمثلث الخبيث المكون من أميركا وبريطانيا والكيان الاسرائيلي، بحسب الضرورة». الى ذلك، اعتبر الجنرال حسين سلامي، نائب قائد «الحرس الثوري»، أن «حلّ أي مسألة سياسية في العالم، ليس ممكناً من دون حضور ايران». وأعلن أن «الشباب الإيرانيين سيسخّرون الفضاء، وستثير الصواريخ الإيرانية رعباً في قلوب الأعداء». من جهة أخرى، أعلن الجنرال مسعود جزائري، نائب رئيس الأركان الايراني، أن «الحرس الثوري» قدّم شكوى ضد النائب المحافظ البارز علي مطهري الذي كان اتهم «الحرس» بالتدخل في الانتخابات النيابية الأخيرة.