انصرم شهر الصيام من دون أن تحمل برامج الكاميرا الخفية على القنوات التلفزيونية المغربية جديداً يُذكر، فقد ظل البرنامجان المكرّسان «جار ومجرور» (على القناة الثانية) و «واقيلا هو» (على قناة ميدي1 تي) وفيّين لتصورَيْهما الأثيرين: الاعتماد على نجوم من عالم الفن أو الرياضة تتم استضافتهم للإيقاع بالضحايا في المقلب، أو يقعون هم أنفسهم فيه. وترتكز فكرة «جار ومجرور» على إيقاع الضحايا في الفخ عن طريق استدراجهم بناء على اتفاق مسبق مع صديق أو شخص آخر له علاقة ب «الضحية»، موضوع الكاميرا الخفية. أما «واقيلا هو»، فيحاول إيقاع الضحايا في فخ مزدوج: الأول من خلال الموقف الذي تم وضعهم فيه، والثاني بخلق التباس لدى «الضحية» حول شخصية النجم المشهور، بطل الكاميرا الخفية الذي يسعى إلى محاولة ارتداء قبعة التنكر، على رغم ملامحه التي يسهل التعرف بها إليه، أو صوته المعروف لدى العموم، باذلاً مجهوداً من أجل نفي هويته، على رغم تعرف الضحية إليه وطرحه لسؤال: واقيلا أنت هو (ألست أنت هو فلان؟). وبصرف النظر عما تواتر خلال السنوات الأخيرة من تواطؤ قبْلي بين «الضحية» والقائمين على البرنامج، فإن الحلقات المقدمة في البرنامجين لم تقدم جديداً يُذكر، سواء من حيث التصور الفني لبناء سيناريو محبوك يحقق الدهشة والترفيه، أو من حيث المضامين المتواترة عبر الحلقات، أو حتى من حيث الوجوه المستضافة، اللهم إذا استثنينا هذه السنة محاولة ابتعاد الحلقات عن التخويف والترويع والترهيب الذي اعتمد في العديد من حلقات السنوات الماضية وسيلةً للإضحاك ولتأثيث المقلب المزعوم. لكن الحلقات ظلت تسبح في التمطيط المُملّ، وفي فقر بناء السيناريو، وفي عشوائية واضحة في التسلسل الدرامي أو الكوميدي، فضلاً عن فراغ المضمون الحواري وغياب أي بُعد تعليمي يمكن أن يُستنتج من «الحبكة» المطروحة كي يترك أثراً لدى المشاهد. وهو الأمر الذي يحيل الحلقات المقدمة إلى مجرد مشاهد تمثيلية نمطية، مثقلة بحوارات فارغة وثرثرات زائدة وزعيق لا يحتمل. مشاهد لا تفضي إلى خلق الدهشة والاستغراب، ولا تحقق الترفيه المنتظر، خلال لحظة إيقاع الضحية في المقلب. والكاميرا الخفية من ناحية مبدئية رؤية محبوكة لفكرة طريفة غير اعتيادية تصادفنا بشكل مفاجئ، ولا نتوقع حدوثها، وفي حدوثها غرابة ناجمة عن الموقف غير المألوف، وهي، في إنجازها، لا تستدعي بالضرورة إمكانات لوجستية هائلة، ولا جيشاً عرمرماً من الممثلين والمشاركين، بل تستدعي أفكاراً بسيطة، أبطالها أناس عاديون، تتحقق معهم الدهشة والمتعة بشكل طريف ينتزع البسمة من المشاهد.